حقوق الجار[ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد : فهذه أحاديث تربوية في مجال حفظ الجار , فمن ذلك ما أخرجه الأئمة البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " ([1]) . يعني أنه من عظم حق الجار تكررت الوصية من جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم ببيان حقه وإكرامه والنهي عن أذاه حتى أصبح بمنزلة الأخ من النسب , وحتى ظن صلى الله عليه وسلم أن التشريع سينزل بتوريث الجار من جاره . ونجد أن النبي صلى الله عليه وسلم ينفي الإيمان عن الإنسان الذي لا يحب جاره , كما أخرج الإمام مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه أو قال لجاره ما يحب لنفسه " ([2]) . فلقد بلغ من اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالجار أن أقسم على نفي الإيمان عن عبد لا يحب لجاره ما يحب لنفسه , وهذا من أبلغ الأدلة على عظم حق الجار , وإذا كان الإنسان سينتفي عنه الإيمان إذا أبغض جيرانه فما قيمة وجوده في هذه الحياة الدنيا ؟! إن قيمة وجوده في إيمانه وما يقدمه من عمل صالح يرفع رصيده من الحسنات يوم القيامة , ويأتي في مقدمة هذه الأعمال حبه لجيرانه. وجاء ضمن حديث طويل يشتمل على وصايا نبوية : "وأحسن جوار من جاورت تكن مسلما" ([3]). فالمجاورة بالإحسان لابد منها للحكم للإنسان بالإسلام وبضد ذلك إذا جاور بسوء . وفي إقرار مبدأ التكافل الاجتماعي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ماآمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به " أخرجه الطبراني من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ([4]) . فهذا حديث عظيم , فإن أعز شيء على المسلم إيمانه, وإذا كان إيمانه سينتفي حينما يترك جاره جائعا وهو يعلم به فإنه سيسارع إلى إطعام جاره ولو بمقاسمته طعامه, وبهذا الحديث وأمثاله فإنه لن يوجد جائعون في العالم الإسلامي , لأن الإسلام يلزم جيرانهم بإطعامهم . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان أفضل الجيران "خير الأصحاب خيرهم لصاحبه, وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره"أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما([5]). والخيرية عند الله تعالى منزلة عالية , وكل إنسان له جيران, والتفاضل بين هؤلاء الجيران عند الله تعالى يكون بمقدار مايقدمون لجيرانهم من الخير والإحسان . وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الجيران بالتهادي بينهم حتى يذهب مافي