سأقصر الحديث حول حقوق المعلم التي تكاد تعصف بها اللجان الموكلة لدراسة لوائح وظائف التعليم.
إن فئة المعلمين التي تشكل نسبة كبيرة من موظفي الدولة لم تفز بحظها المنشود في الأعوام الماضية، بل لم تحظ بأي بدلات معتبرة أو زيادة ملحوظة، في حين فاز بتلك البدلات قطاعات واسعة من الموظفين، لم يكن من بينها بطبيعة الحال كادر التعليم، ، زد على ذلك أن وضع المعلمين آنذاك كان مربكا وغير مستقر فيما يخص الدرجات والمستويات التي حُرم منها الكثير وأدّت إلى اقتطاع جزء لا يستهان به من الأجر. لا يزال مقطوعا حتى الآن وفي ذمة المجهول!!
فهل بعد هذا كله يتم الالتفات مرة أخرى نحو هذه الفئة بدعوى الترشيد وشد الأحزمة! وهل من العدل المبادرة إلى إتحاف موظفي الدولة بالبدلات والهبات (فيما عدا المعلمين) في وقت الرخاء، والمسارعة إلى الاقتطاع من أجور المعلمين الأساسية وحدهم في وقت الشدة!! إننا مجتمع ناشئ بقياس الأمم والدول، والوقت يدهمنا وأمامنا ملفات شائكة من الواجب حسمها ليس أقلها ملف المعلمين وما يتصل به، ونحن هنا أمام طريقين إن لم نسلك أحدهما فليس أمامنا سوى الطريق الآخر، والطريق الآخر مسدود خانق، لأنه يعني تقليص أجور المعلمين ومضاعفة القرارات التي تصب في غير صالح المعلم، ويترتب عليها بطبيعة الحال مضاعفة حالات الإحباط وانخفاض الوازع التربوي وزيادة التذمر والتفريط في الواجبات، وكل هذا من شأنه أن ينعكس على التلميذ وهو محور عملية التعليم برمتها. وكل هذا معمول به في دول العالم الثالث. أما الطريق الحقيقي فهو موجود قد أخذت به دول العالم الأول وجعلته هاجسها، وذلك بتقدير المعلم ماديا ومعنويا، وتهيئة وسائل الراحة والأمان وإزالة أسباب المنغصات والمتعبات، فنجحت على كل صعيد لإدراكها الحقيقي لدور المعلم وعُمق رسالته وامتداد تأثيره. فأي طريق نختار؟
ولست أشك بإدراك وزير التعليم لخطر هذه الإرهاصات التي تنذر بأن وراء الأكمة ما وراءها، وأن ثمة قرارات لا تزال قيد الغموض، ولذلك سيظل التساؤل الذي لا يفتأ المعلمون في طرحه بين القلق والرجاء، وبين اليأس والأمل، حول هذه اللجنة ولوائحها وما تُسر وما تعلن، فلا أقل من أن يعلن المسؤول أن الأمر هين سهل، لا يبعث على الخوف، وهذا ما أقدم عليه بكل حنكة ودراية يُشكر عليها، وهو بتصريحه هذا قد منح المعلمين جرعة من الأمل والراحة، لكنها مجرد جرعة وليست علاجا شافيا، فأما العلاج الشافي فسيكون بعد أن تصدر اللجنة قراراتها المنتظرة ولوائحها الجديدة، عندها سيتنفس المعلمون الصعداء.