:e20(26):من أمراض القلوب التي باتت تنتشر بكثرة في الوقت الحاضر هو داء الحسد، وهذا ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال في الحديث الصحيح: «دب إليكم داء الأمم من قبلكم: الحسد والبغضاء».
فهذا الداء العضال يصيب المحسود من... الهم والحزن والضيق، فهذه وحدها مصيبة كبيرة، وقيل: الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة، ولا ينال عند الملائكة إلا لعنة وبغضاء، ولا ينال في الخلوة إلا جزعا وغما، ولا ينال في الآخرة إلا حزنا واحتراقا، ولا ينال من الله الا بعدا ومقتا. فلماذا تحسدون الناس (مالكم ومال الناس) على ما أتاهم الله من فضله، عند كتابتي لهذه المقالة وأنا في العمل وصلتني ورقة خاصة بي عن سبب تأخري واذا بخلف الورقة رأيت ورقة صغيرة ملتصقة مكتوب عليها (كلام) بين موظفتين أظن احداهما تواسي الأخرى، وللأسف بعد فترة وجيزة أتت العاملة وسألت عن الورقة فأخذتها، وودت أن أكتبها لكم لأنها تتكلم عن الموضوع نفسه، يا لهذه الصدفة أكتب عن الحسد وتأتيني ورقة بالخطأ من حيث لا أعلم مصدرها وتتكلم عن الحسد فليت شعري ان أنقلها لكم لطرافتها، نرجع للب الموضوع، فالحسد هو أول ذنب عُصي الله تعالى به في السماء، وأول ذنب عُصي به سبحانه في الأرض، وأما في السماء، فحسد إبليس لآدم، وأما في الأرض، فحسد قابيل لهابيل، والحاسد ممقوت، مبغوض، مطرود، ملعون.
قال أبو حاتم محمد بن حبان رضي الله عنه: ولا يكاد يوجد الحسد إلا لمن عظمت نعمة الله عليه، فكلما أتحفه الله بترداد النعم، ازداد الحاسدون له بالمكروه والنقم. احذروا الحسد حتى ترتاح أجسادكم فلن يرتاح الجسد الا بترك الحسد، قال الأصمعي: رأيت أعرابيا قد بلغ مائة وعشرين سنة، فقلت له: ما أطول عمرك؟ فقال: تركت الحسد فبقيت. وأكثر ما يقع الحسد بين الأقارب والأقران وأصحاب الحرف المتماثلة، ولذلك استحسن الحكماء ان يبتعد القريب عن قريبه قدر المستطاع في المسكن، حتى لا يرى أحدهم الآخر وهو داخل وخارج وبيده حاجيات وغيرها من الأمور الأخرى المستحسنة:e20(26):