عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ، ومنعا وهات , ووأد البنات . وكره لكم قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال )) رواه البخاري .
[ شرح المفردات ]
( إن الله حرم عليكم ) التصريح بلفظ التحريم يدل على ان هذه الأمور الثلاثة من كبائر الذنوب .
( عقوق الأمهات ) وهذا من أول المحرمات ، وقدّمه لأهميته وكثرة وقوعه ، وإنما اقتصر على الأمهات مع تحريم عقوق الآباء أيضا لأن الاستخفاف بهن أكثر لضعفهن وعجزهن بخلاف الآباء ، ولينبه على تقديم برهن على بر الأب ، كما جاء في الحديث (( أن رجلا قال يا رسول الله : من أبر ؟ قال : أمك . قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أبوك )) رواه البخاري ومسلم .
وقد نهى الله عز وجل عن قول ( أف ) للوالدين وعدّه عقوقا ، فنهى الله عز وجل عن إيذاؤها والإساءة إليها بالقول أو باليد حتى يدخل فيه إغماضة العين إشاحة الوجه . قال تعالى (( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما )) .
( ومنعا وهات ) المقصود به منع ما وجب أداؤه من الحقوق ، أما هات فالمقصود بها هنا ، طلب ما ليس له بحق .
قال الحافظ : الحاصل من النهي منع ما أُمر بإعطائه وطلب ما لا يستحق .
( وكره لكم قيل وقال ) والمراد به النهي عن حكاية أقوال الناس ، والبحث عنها ليخبر غيره ، فيقول : قال فلان كذا وقيل لفلان كذا .
( وكثرة السؤال ) ويشمل جميع أنواع السؤال ، فيدخل فيها سؤال المال لنفسه من غير حاجة ، والسؤال عن المشكلات والمعضلات بغير ضرورة إظهارا للقدرة أو تعجيزا للمسؤول ، والسؤال عما لا يعنيه .
أما السؤال لضرورة فجائز لا كراهة فيه .
( وإضاعة المال ) يعني تبذيره وإنفاقه في غير الوجوه المأذون فيها من مقاصد الدنيا والآخرة ، قال تعالى (( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما )) .
[ شرح الحديث ]
يعتبر هذا الحديث من جوامع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد تضمن جملة صالحة من المكارم ومحاسن الآداب ؛ حيث نهى فيه عن عقوق الأمهات لما لها من حق كبير على ولدها ، فقد حملته كرها ووضعته كرها وسهرت عليه .
ونهى عن منع الحقوق الواجبة والبخل في ذلك ، كذلك نهى عن وأد البنات وهو مما كانت تفعله العرب في الجاهلية وما في ذلك من القسوة والوحشية .
ثم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك الأمور التي يكرهها الله من عباده :
فأولها : ما يعمد إليه بعض الناس من تسقط لأخبار الناس ومحاولة إذاعتها ونشرها من غير تثبت ولا تحفظ ، ولا فرق بين ما ينبغي نشره وما لا ينبغي ، يتكلمون في كل ما لا يعنيهم . ولا شغل لهم في المجالس إلا أن يقولوا : قال فلان ، وقيل لفلان .
أما الثاني : فهو كثرة السؤال والإلحاح فيه بغير ضرورة داعية ، ولا شك أن كثرة السؤال من أي نوع كان مما يضايق المسؤول ويحمله على كراهية السائل .
وأما الأمر الثالث : فهو تبذير الأموال وإتلافها في غير مصلحة دينية ولا دنيوية ، مما يدل على روح التهاون والاستخفاف بما جعله الله قياما لعباده ، ما لو انفق في وجوه الخير وإعداد القوة لعاد على الأمة بالخير العظيم .
فمتى يلتفت المسلمون على هذه المبادئ السامية ؟ متى يأخذون أنفسهم بها ليعود لهم ما فقدوه من سبق وغلب ؟ والله المستعان .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ملاحظه هذا الموضوع مقتبس من الاخ ابو مشعل في موقع مشكاه الاسلامي جعله الله في موازين حسناته