أكدت دراسة أن نحو 125 ألف مواطن ومواطنة يعيشون و/أو معرضون لضائقة مالية، تجعلهم غير قادرين نسبياً على تحمل أي أعباء إضافية ناتجة عن خفض الدعم أو زيادة الرسوم وارتفاع الأسعار.
وقال الباحث والكاتب الاقتصادي محمد رمضان إن الدراسة استندت إلى إحصاءات موثّقة، تستند إلى بيانات من الهيئة العامة للمعلومات المدنية، وتقدير أرقام مسح الإنفاق الأسري.
وشريحة «المتضايقين» مالياً هم كالتالي:
1 – رجال متزوجون أميون أو يحملون مؤهلات أقل من الثانوية.. أي برواتب ومداخيل قليلة.
2 – مطلقات وأرامل مع عدد كبير من الأبناء.
3 – مطلقون تزوجوا مجدداً، ولهم أبناء من الزيجات المختلفة.. مع نفقات.
4 – أرامل مع عدد من الأبناء.
5 – مواطنون يرزحون تحت أعباء أكلاف شراء مسكن باهظ، أو دفع إيجارات مرتفعة. زوجاتهم لا يعملن أو لا يشاركن في الإنفاق على الأسرة.
6 – مواطنون رزحوا تحت قروض ذهبت في الإنفاق الجاري والاستهلاكي، أو في استثمارات خاسرة.
وأشار رمضان إلى أن أزمة السكن وارتفاع الإيجارات عمَّقت فوارق توزيع الثروة، فالغني يزداد غنى، والفقير يزداد فقراً.
وتاليًا نص الدراسة كاملة:
بعد تطبيق تعرفة البنزين الجديدة على المواطنين دون تعويضهم عنها بأي شكل من الأشكال، بدأت الأمور تنذر بالمزيد والمزيد من المساس بجيب المواطن لتمويل الهدر الحكومي المستمر. ومن هذا المنطلق لابد من البحث عن أكثر المواطنين حساسية لأي استقطاع جديد، وما هي أسباب ذلك. ثم نحاول أن نبين من هم المواطنون الذين يعيشون في بحبوحة مالية، وما هي أيضا الأسباب التي أدت إلى ذلك. بعد تحليل بيانات مسح الانفاق الأسري للكويتيين واستبدال معدل ما يتم صرفه على السكن بقيمة أكثر واقعية تعكس تكاليف الإيجارات الحالية للوحدات التي يمكن أن تعيش بها الأسر الكويتية، تبين أن ارتفاع مبلغ الإيجار الذي يدفعه المواطن وكثرة الأبناء وعدم مشاركة الزوجة في الانفاق على الأسرة هي أهم العوامل المؤثرة سلبا في الحالة المادية للأسرة. (معدل الانفاق على السكن يقلل القيمة الإيجارية بسبب وجود من يسكنون عند ذويهم أو في بيت ملك بدون مقابل يذكر).
في محاولة لتحديد من هم الأكثر حساسية، أو من تزيد فرص حدوث ضائقة مالية مستمرة عندهم بسبب ضغوط المصاريف المختلفة، وطبقا لأحدث كشف للحالة الزوجية للمواطنين، ظهر المتزوجون أصحاب المؤهلات العلمية الضعيفة (أقل من الثانوية) والتي تعكس راتبا وظيفيا محدودا، بالإضافة إلى عدد متزايد من الأبناء (صعب أن يسكن عند ذويه)، أو رجال مطلقون ولهم عدد غير قليل من الأبناء بسبب النفقات، أو مطلقات أو أرامل ولهن سبع أبناء أو أكثر. حيث يبلغ اجمالي عددهم 125038 مواطناً أي ما نسبته %15 تقريبا من أصل 846380 مواطناً هم اجمالي الكويتيين في سن العمل.
إلى ذلك، هناك العديد من المواطنين الذين يعيشون في ضيق مالي بسبب اختياراتهم وقراراتهم، ولا يمكن حصرهم بسهولة مثل:
1. الذين يريدون بشدة وبسرعة امتلاك منزل في ظل الأسعار المتزايدة. فيصبحون في ضيق مالي من شدة البخل. وأحيانا يدخلون في استثمارات خاسرة أو يقعون ضحية عمليات نصب من شدة الطمع.
2. عدم مشاركة الزوجة في الانفاق قد يضع الأسرة في ضيق مالي.
3. من يبالغ في الانفاق على المظاهر والكماليات بشكل كبير بالنسبة لمدخوله مثل الاقتراض بهدف السفر أو لشراء كماليات وخلافه.
في المقابل، وباعتماد راتب أو دخل متوسط ومن دون تحليل الرواتب الاستثنائية المرتفعة عند البعض. هناك العديد من المواطنين ممن تكون لديهم التزامات مالية محدودة جدا بسبب عدم الزواج، أو وجود من ينفق عليهم مثل المطلقات أو غير ذلك. وبالتالي يعيشون في بحبوحة مالية ويمكن تلخيصهم بالحالات التالية:
1. من يعمل ولم يتزوج، سواء كان رجلاً أم امرأة، حيث لا يصرف على سكن أو أبناء (91777 مواطناً).
2. متزوجون، ويسكنون عند أقاربهم مجانا أو يمتلكون منزلا بدون التزامات مالية عالية (165240 مواطناً).
3. امرأة أو رجل مطلق بدون أولاد، أي لا توجد التزامات تذكر (20576 مواطناً).
4. امرأة مطلقة مع عدد محدود من الأطفال، حيث تحصل على النفقة التي تعفيها من الالتزامات المالية (18857 مواطنة).
تقديريا، يمكن الاعتقاد بأن 296450 مواطناً من أصل 846380 أو ما نسبته %35 ممن هم في سن العمل يعيشون في بحبوحة مالية، وليس لديهم حساسية من ارتفاع الأسعار حسب ظروفهم الحالية.
مشكلة السكن تخلق فروقات مالية وحساسية كبيرة حتى لو كانت الرواتب متقاربة: مما سبق يتبين أنه بسبب غلاء الأراضي والمنازل وارتفاع الإيجارات يقع العديد من المواطنين ضحية سوء توزيع الثروة حتى وان كانت رواتبهم الحكومية متقاربة أو متساوية. فمن كان أهله في حالة مادية جيدة لسبب أو لآخر، سيحصل على سكن مجاني عند الزواج ومساعدات مادية لشراء بيت العمر. أما من كان أهله محدودي الموارد المالية أو له الكثير من الأخوة والأخوات سترتفع التزاماته المالية بشدة. وهذا يعني أن تأخر حل المشكلة السكنية يزيد الغني غنا والفقير فقرا ويحدث فارقاً كبيراً في توزيع الثروة بشكل غير مباشر. وبالتالي يزيد حساسية الكثيرين لأي أعباء مالية جديدة أو رفع أسعار قادم. لذلك لا يعقل ولا يوجد منطق سليم في رفع الأسعار أو فرض أعباء مالية جديدة على المواطن، قبل حل مشكلة السكن وارتفاع الإيجارات.