يقول ابن باز رحمه الله : جاءني رجل مطلق في عام 1362هـ وأنا قاض في الخرج، وقال: أنا طلقت زوجتي؛ فآمل أن تنظر في موضوعي.
فقلت له: كيف طلقت ؟
قال: طلقت بقولي: زوجتي فلانة طالق بالثلاث.
فقلت له: بكلمة، أو كلمات ؟
فقال: بكلمة، فقلت له: هل سبقه أو لحقه طلاق ؟ قال: لا؛ هذا هو أول طلاق.
فقلت: وقع عليها بهذا الطلاق طلقة واحدة، ويبقى لها طلقتا ن.
ولم أكن أعلم بأن هذا الرجل قد أفتاه أحد العلماء الكبار، وإلا لم أجبه، ولم يخبرني_أيضاً_بأنه استفتى أحداً قبلي.
وبلغ ذلك الأمر الملك عبدالعزيز رحمه الله فكتب إليّ معاتباً قائلاً: كيف تفتي والشيخ فلان سبق أن أفتاه ؟
فكتبت للملك، وأخبرته بأنني لم أعلم أن ذلك الشيخ أفتاه، ولو علمت أنه أفتاه هو أو من هو أقل منه علماً لما أفتيته.
وقد علم الملك عبدالعزيز بالخبر وكان رجلا فطناً وكان في حاشيته عدد من رجال الدين ، وهو حريص جدا على الشريعة الإسلامية
ولم يكن بيني وبينه خلاف في هذه المواضع .
و أما ما حصل في مجلس الملك عبدالعزيز لما استدعاه إلى الرياض
يقول أحد موالي الملك عبدالعزيز واسمه بشير العبدالعزيز
وهو ممن حضر المجلس وكان شاهدا بل وكان رسول الملك إلى الشيخ
يذكر بشير أن الشيخ ابن باز رحمه الله اعطى رأيه في مسألة اجتهادا منه على خلاف الفتوى السائدة عند
العلماء في عصره . فلما استدعاه الملك عنفه في مجلسه لاعتراضه على من هو أعلم منه من
العلماء رغم صغر سنه
فخرج الشيخ رحمه الله من عنده وذهب لمقره الذي يعمل فيه قاضيا ، وبعد فترة من الزمن يقول بشير :استدعاني
الملك واعطاني شيئا كثيرا من المال في عدة أكياس ، وقال لي :اذهب إليه فاعتذر لي منه ،
وأعطه المال .
يقول فذهبت إليه حيث يعمل قاضيا في الخرج ، فوجدته في مسجده حيث يقضي بين الناس ويلقي
بعض الدروس
وأخبرته الخبر ، ونقلت له الاعتذار ، فما كان جوابه إلا أن قال : ليس في خاطري شئ على الملك
فهو بمثابة الوالد الذي قد عنف ابنه .
فيقول بشير له : لقد أرسل هذا المال لك .
فيجيبه : إذا حضر العشاء أحضره معك .
يقول بشير : وبعد نهاية درسه الذي يلقيه على بعض تلامذته جئ بالعشاء وبعدالفراغ منه
قال :يا بشير هات ما معك ، فأخذ المال وقام بتوزيعه على من عنده
من الطلاب وربما أخذ منه ريالين فيقول بشير : وعدت إلى الملك وأخبرته الخبر
فقال الملك :يا بشير إن ابقى الله هذا الرجل حيا فسوف يكون سراجا لهذه الأمة .
وصدقت والله فراسة الملك فكان الشيخ سراجا لنا استنار الناس بهذا النور في مشارق الأرض ومغاربها .
فرحمه الله ورحم الملك عبدالعزيز وأعلى منازلهم في الجنان .
( وصلني على قروب العمل )