قال الأوزاعي رحمه الله
قُلت لرجل: أُريد بيتًا بجوار أُناس لا يغتابون، ولا يحسدون، ولا يبغضون ؟
فأخذني الرجل إالى المقبرة وقال لي هنا.
الإمام الحافظ إمام الشَّام والمغرب والأندلُس أبو عمرو عبدُ الرحمٰن بن
عمرو بن يُحمد الأوزاعي، فقيه ومُحدّث وأحد تابعي التابعين وإمام أهل
الشام في زمانه.
على الأرجح وُلد الأوزاعي في بعلبك، وعاش فترة من صباه في
قرية الكرك
البقاعيَّة يتيمًا فقيرًا، ثُمَّ انتقل مع أُمِّه إلى بيروت.
وكان قبل ذلك قد عاش مع عائلته في دمشق، وتنقَّل
بين حلب وحماة وقنسرين وسواها. أُطلق عليه اسم
«الأوزاعي» نسبةً إلى «الأوزاع» وهي قبيلة يمنيَّة حميريَّة,
عاش الأوزاعي في عهدين سياسيين هامين، فشهد نهاية الدولة
الأموية وقيام الدولة العباسية، وعاصر من الخُلفاء:
الوليد بن عبد الملك،
وسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز،
ويزيد بن عبد الملك،
وهشام بن عبد الملك، والوليد بن يزيد،
ويزيد بن الوليد، وإبراهيم بن الوليد،
ومروان بن محمد، وأبو العباس السفاح،
وأبو جعفر المنصور.
وكانت الفترة التي عاشها الإمام الأوزاعي تزخر
بِالعلم والعُلماء والفُقهاء والقُرَّاء والمُحدثين،
ومن أبرز عُلماء تلك الفترة الأئمَّة:
مالك بن أنس، وجعفر الصادق، وسفيان الثوري،
والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأبو حنيفة النعمان،
والليث بن سعد، وسواهم.
كان الأوزاعي من المُتفوقين علميًّا وفقهيًّا وجُرأةً على الكثير
من عُلماء عصره، وقد أفتى وهو في الثالثة عشرة من عمره
في مسائل فقهيَّة، بينما أفتى وهو في السابعة عشرة من عمره
في مسائل عقائديَّة. وكان الأوزاعي مؤمنًا أشد الإيمان بالقاعدة
الإسلامية
«الرحلة في طلب العلم»، لذا تنقل في مُدن الشَّام وفي
اليمامة والبصرة والمدينة المنورة وبيت المقدس، وحجَّ أكثر من مرة
، لِذلك فقد تعمَّق في العُلوم الدينيَّة والشرعيَّة بِشكلٍ لافتٍ لِلنظر.
أمَّا فيما يختص بالقضاء فقد رفض الأوزاعي منصب القضاء
في العصرين الأُموي والعبَّاسي، فلمَّا وُلي زمن يزيد بن الوليد جلس
مجلسًا واحدًا ثُمَّ استعفى، إيمانًا منه بِأنَّ القضاء مسؤوليَّة إسلاميَّة ضخمة
لا يُمكن لِأي إنسان أن يتحمَّل وزر مسؤوليَّتها.