الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، هدّد وتوعّد وأقسم لموسكو في أعقاب الاعتداء الإرهابي السابق على بلاده، بأن يتعاون معها على مكافحة الإرهاب، بل أرسل سربا كاملا من الطائرات، لضرب "داعش" في سوريا، لكنه سرعان ما صمت وعاد عن وعوده، فور أن هدأ غبار التفجيرات وانقشع دخان حريقها في بلاده، وذلك إثر مشاورات مع حلفائه الذين أقنعوه على ما يبدو، بضرورة تكرار تعويذتهم المعروفة المطالبة برحيل الأسد شرطا لإحلال السلام في المعمورة.
فرنسا تطالب برحيل الاسد
شاحنة "داعش" التي دهست العشرات مؤخرا في نيس، أيقظت هولاند وحكومته من غفوتهما، وأمدّتهما بقدر يحسدان عليه من الحماس لمكافحة "داعش" وصل بهما إلى درجة قصف الأخضر واليابس في منبج السورية، وقتل ما لا يقل عن 120 مدنيا، في جريمة غطاها حجاب إعلامي وإخباري، اضطر "المعارضة السورية المعتدلة" نفسها، لمناشدة تحالف واشنطن الدولي ككل، وقف القصف وتعليق الحل في سوريا إذا كان سيتم بهذه الطريقة.
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، "مايسترو" التسوية في سوريا، وقائد جوقة تخليص العالم من بلاء "داعش" الذي نشأ، وحسب وزير الخارجية الروسي، نتيجة لغزو قوات واشنطن العراق سنة 2003، لم يكف هو الآخر عن ترديد التعويذة، رغم الآمال التي علقها الكثيرون على اتصالاته الأخيرة مع موسكو، واشترط حسب لافروف أيضا، رحيل الأسد قبل أي تسوية.
قائمة أسماء ومناصب حفظة التعويذة المذكورة تطول وتطول، فيما كان من الأجدى تناسيها، أو وضعها على الرف كما ناشدت روسيا منذ البدايات الأولى للأزمة السورية، وقبل وصول الإرهاب إلى عقر دار الأوروبيين.
وعليه، وبالوقوف على ما خلصت إليه سياسة معسكر "التعويذة" المعقوفة للتسوية في سوريا والقضاء على الإرهاب الذي انتشر على أرضها وأرض العراق ووصل أوروبا عبر تركيا، لا تستعيد الذاكرة سوى السؤال الذي طرحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من على منبر الأمم المتحدة خلال أعمال قمة الجمعية العامة الخريف الماضي على الحفظة، حيث قال: "هل تدركون ماذا فعلتم؟"!
أحسنت يا بوتين، قالها آنذاك مؤيدو الحل السلمي في سوريا، والمطالبون بالقضاء على الإرهاب، ممن اعتبروا ولا يزالون مؤمنين بأن الحل في سوريا لن يتم بإزاحة الحكومة الشرعية فيها عن السلطة، وإنما بعمل دولي مشترك يقضي على الإرهاب ويمهد الأرض أمام السوريين لتسوية أزمتهم بأنفسهم.