محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان مصطفى الدولة.
شاعر الشام في عصره، يلقب بالإمارة وكان أبوه من أمراء العرب.
ولد ونشأ بدمشق وتقرب من بعض الولاة والوزراء بمدائحه لهم وأكثر من مدح أنوشتكين، وزير الفاطميين وله فيه أربعون قصيدة.
ولما اختلّ أمر الفاطميين وعمّت الفتن بلاد الشام ضاعت أمواله ورقت حاله فرحل إلى حلب وانقطع إلى أصحابها بني مرداس فمدحهم وعاش في ظلالهم إلى أن توفي بحلب.
لا يغرنك في السيف المضاء = فالظبى ما نظرت منها الظباء
مرهفات الحد امهاها المها = وقضاها للمحبين القضاء
أبدى السلو خديعة للائم = وحنى الضلوع على فؤاد هائم
ورأى الرقيب يحل ترجمة الهوى = فاستقبل الواشي بثغر باسم
أرأيت ما فعلت بنا الصهباء = من حيث تسبي العقل وهي سباء
جارت على الأعطاف حين جرت لها = جرى النسيم غصونه الندماء
نافرته البيضاء في البيضاء = وانفصال الشباب فصل القضاء
حاكمته إلى معاتبه الشيب = لتستمطر الحيا بالحياء
يا نخيل العراق كن في أمان الله = مستودعا حيا الأنواء
مستقيما على طريق النعامى = راسخا في مسارح الأنداء
نزلت فزرت قبر أبي العلاء = فلم أر من قرى غير البكاء
ألا يا قبر أحمد كم جلال = تضمنه ثراك وكم ذكاء
مررنا بجو فهاج الجوى = على مهجة شرقت بالنوى
بلاد إذا الذئب أمس بها = طوى ليله يشتكي الطوى
أتقيل الجدوى وتلك غمامة = حاشاكم انقشعت ونجم قد خوى
ولكم نويت لقاكم وتصدني = أيدي النوى ولكل عبد ما نوى
هذي العزائم لا ما تدعي القضب = وذي المكارم لا ما قالت الكتب
وهذه الهمم اللاتي متى خطبت = تعثرت خلفها الأشعار والخطب
أما وخيال زار ممن أحبه = لقد هاج من ذكراه مالا أغبه
إذا ما صبا المحب إلى الصبا = ذكرت نسيما بالثغور مهبه
يشيم هواكم مقلتي فتصوب = ويرمي نواكم مهجتي فتصيب
تلقوا تحياتي إليكم عن الصبا = إذا حان من ذاك النسيم هبوب
مررنا في ديار بني عدي = يجاذب لوعتي شرق وغرب
يتيمني بأرض الشام حب = ويعطفني على بغداد حب
أمعظمة الصليب وددت أني = ودين الله عندكم صليب
إذا أقبلت قبلني حبيب = أسر به وعانقني حبيب
أمالك رقي سرح الطرف غاديا = على أهل بطنان سقتها سحابها
حدائق للحذاق فيها لبانة = يعيد لنا شرخ الشباب شبابها
أهيم إلى العذب من ريقه = إذا هيم العاشقين العذيب
شهدت عليه وما ذقته = يقينا ولكن من الغيب غيب
ما استأنف القلب من أشواقه أربا = إلا استفزته آيات الهوى طربا
لله نسبة أنفاسي إلى حرقي = إذا النسيم إلى ريا الحمى انتسبا
ابن منير هجوت مني = حبرا أفاد الورى صوابه
ولم تضيق بذاك صدري = فإن لي أسوة الصحابة
نزلنا على القصب السكري = نزول رجال يريدون نهبه
بحز كحز رقاب العدى = ومص كمص شفاه الأحبه
شرح المنبر صدرا = لتلقيك رحيبا
أترى ضم خطيبا = منك أم ضمخ طيبا
إني لأغنى الناس عن عصبية = ما الحق مفتقر إلى متعصب
ومخاتل بالكيد يهتك شخصه = وضح النهار فيحتمي بالغيهب
هي جنة المأوى فهل من خاطب = لاث الجواب على رسول الراغب
إن الصفائح يوم صافحت الرها = عطفت عليها كل أشرس ناكب
لعل خيالا ضل حين انتيابها = رأى نار شوقي موهنا فاهتدى بها
وإلا فأين الطيف من راكب السرى = نزولا على حكم النوى واغترابها
دمعي لسان فمه ناظر = يعزو الوشايات إلى سكبه
فأعجب لطرف دل قلبا على الحب = هو الواشي على حبه
عرجا بالأثارب = كي أقضي مآربي
واسرقا نوم مقلتي = من جفون الكواعب
أودعتكم قلبي وودعتكم = لا آمن البعد على قلبي
وعدت أدعو الله في قربكم = وقد أجيبت دعوة القرب
يا عارضا نفسه وعارضه = يضرب دون الوصال بالحجب
أنبت منه لسلوتي سببا = يا هاجري قبل ذا بلا سبب
بدور حجى يرفض عن نورها الدجى = وينجاب منها عن شمائل أنجاب
تهز الوغى منكم سيوف صوارم = وتجلو العلى منكم شمائل كتاب
شتوا يدعو الضيوف إلى قراهم = سنا نيرانهم فوق الروابي
فم وثغر وشنب = كأس وخمر وحبب
واحربا من شادن = لم يرضه مني الحرب
بالسفح من لبنان لي = قمر منازله القلوب
حملت تحيته الشمال = فردها عني الجنوب