قصص - روايات - حكاياتلطرح القصص والروايات الخيالية و الحقيقه و الكتابات الخاصة " ذات العبرة و الفائدة ",
القصص والروايات قصص واقعية و روايات - قصص واقعية، قصص عربية، قصص أطفال، قصص حب، قصص غراميه، قصة قصيره، قصة طويلة قصص روايات ادربيه طويله قصص واقعيه قصص روايات قصص حب قصص رومانسيه روايات رومنسيه قصص واقعيه قصص و روايات حب ,
هكذا حدثنى الزمان
أيمن الجندي
اليوم الأول: (يتقدم فى دهشة وبراءة، وبصوت طفولى مسرسع يقول) ليس عندى الكثير لأحكيه، فقد وُلدت لتوى هذا الصباح. لم أتصور أن الكون بهذه الروعة. ألوان الشروق الجميلة تتبدل كل لحظة، وأنا أحب الألوان!. والشمس ناعمة رقيقة، والعصافير تشدو مبتهجة وتصلى لخالقها المجيد. والنسيم يوقظ الزهور المبتلة بندى الصباح. والفراش يسبح فى أثير الضوء. والقطة تتمطى فى كسل.
خلاصة خبرتى أن الحياة جميلة جدا، وأنا سعيد لأننى جئت الحياة. لكن ربما يمتلك الأسبوع خبرة أكبر منى. الأسبوع شىء كبير جدا! (يعد على أصابعه) تصوروا! سبعة أيام.
الأسبوع (يتقدم ضاحكا ويقول بصوت صبيانى) أخى الصغير لطيف جدا، لكنه لم ير إلا روعة البدايات. (متفاخرا) لو كان كبيرا مثلى لعرف أن الغروب يلى الشروق، وبعده الليل الطويل. لكن ربما يعرف الشهر أكثر منى.
شهر يناير (يتكتك من البرد): خبرتى تقول إن الحياة ثلاجة كبيرة جدا، وإننى أتكتك. لكن أشياء صغيرة تجعلنى أحتمل: السحلب الدافئ فى الفراش!!. هناك أيضا البيض بالعجوة! ومتعة مشاهدة المطر البارد خلف الشباك. اسألوا العام على كل حال.
العام (يتقدم ضاحكا وهو يضرب كفا بكف): مسكين الشهر!. خبرته ضئيلة جدا. يتصور أن الشتاء هو العام كله!. لا يعرف صهد الصيف الذى يصهر الدماغ!. (فى خيلاء)، أما أنا فعرفت كل شىء: حزن الخريف، رومانسية الشتاء، بهجة الربيع، والسمر الممتد فى ليالى الصيف.
القرن: (يتقدم حزينا متثاقلا ويزيح السنة فى غلظة) ما أعجب هذا المغرور الذى يظن أنه عرف كل شىء!. اسألونى أنا. أسألوا شعرى الأبيض وتجاعيدى المُرهقة وعينى الذابلتين. أسألوا الأشجار التى تثمر وتذوى، والأعمار التى تمتد وتنقصف، والطفل الذى يتحول إلى شيخ محنىّ، والبنت التى تصبح عجوزا، والحسناء التى يذبل جمالها. اسألونى عن البيوت التى صارت قبوراً، والإمبراطوريات التى أصبحت أطلالاً. آه ما أتعس المعرفة!، وأثقل الحزن الذى يحمله المائة عام!.
الألف عام: (يتقدم فى تؤدة ويحتضن القرن فى مواساة) لن أتكلم كثيرا، فكلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة، وحيثما توجد الحكمة تقل الكلمات. وما أكثر الذى شاهدته فى ألف عام!. الحق أقول لكم: الحياة صعود ثم هبوط. ثم بعد الهبوط صعود. لا شىء يدوم على حال. الحياة ليست بالروعة التى يصوّرها اليوم، ولا بالسوء الذى يظنه القرن. الحياة تصلح نفسها بنفسها والظلم لا يدوم. الحياة عمل جليل متجه إلى الخالق عز وجل. وكما قال ربنا سبحانه وتعالى: «فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض». صدقت يا إلهنا ومولانا وخالقنا العظيم.
وتقدم الألف عام خطوة، أحنى رأسه فى خشوع، ثم خر ساجدا. فسجد من خلفه اليوم والشهر والعام والقرن. سجد الزمان لخالق الزمان، وأعلن الكون خضوعه لرب العالمين.
* نقلا عن "المصري اليوم