قصص - روايات - حكاياتلطرح القصص والروايات الخيالية و الحقيقه و الكتابات الخاصة " ذات العبرة و الفائدة ",
القصص والروايات قصص واقعية و روايات - قصص واقعية، قصص عربية، قصص أطفال، قصص حب، قصص غراميه، قصة قصيره، قصة طويلة قصص روايات ادربيه طويله قصص واقعيه قصص روايات قصص حب قصص رومانسيه روايات رومنسيه قصص واقعيه قصص و روايات حب ,
هذه هى المرة الوحيدة التى يبتعد عنى فيها كل هذا الوقت..
أتذكر كلماته بأنه معى دائما ..منصهر فى كيانى.ابحث عنه ،أكلمه،ولكن صدى الصوت هو الذى يجيب .أحاول أن أشغل نفسى عن التفكير..جسدى واهن ،ضعيف .لم يعد يحتمل مشقات تنظيف الشقة ،ومهما فعلت تبدو لى مليئة بالغبار..أقنع نفسى بأن تنظيف "فاطمة "جيد,فهى أفضل من غيرها ،وهى الكائن الوحيد الذى أراه..ومن خلالها أتعرف على العالم الخارجى!.
فى الماضى كنت أمل من ثرثرتها .أضع قطعا من القطن فى أذنى حتى أعزل صوتها النشاز وكلامها الكثير وحكايتها الملة ،المكررة..أما اليوم ،فأنا متعطشة لكل كلمة وكل حرف ..ولكن حتى هذا العطش لم أعد أرويه..فالعبوس والصمت أصبحا ملازمين لها..قلت زيارتها لى .لم أعد أفكر فى الطعام إلا عندما تتذمر معدتى وترسل إنذارها ..الشعور بلذته فقدته..كل الأكلات سيان ..المهم ملء فراغ المعدة.
" سهل أن أحشو معدتى وأكدسها بالطعام ،صعب أن أملأ الخواء الذى أحياه.."
انظر للطعام .أخشى الاقتراب منه .كل أسبوعين تأتى فاطمة وتصرخ كلما وجدته فى مكانه .لم يبرحه ..وتتمتم بعبارات غيظ على الساعات التى قضتها فى اعداده ثم إلقائه فى سلة القمامة ..
أتوسل إليه أن يحضر ..أسمعه وهو يقول لى مداعبا..: لقد أصبحت عجوز ..ويعدنى بالزواج من فتاة صغيرة!..
أصرخ فيه معلنة أنى مازلت شابة فى العشرين!.
وتتساقط الدموع..يضحك ويغمرنى بقبلات حارة تطبع على يدى ووجهى فى رقة ..أتحسسها .أشعر بحرارتها كأنها طبعت الآن ..تزيدنى اللهفة إليه..
أدلف لحجرتنا .أشم عطره وهو يفعم المكان ،يذوب بين فراغات الهواء ،رائحة تبغه تسكن ملابسه .كم صرخت فيه بأن يقلع عنه..فكان يقول: العمر واحد.. الأعمار بيد الله..
الذكريات بقدر ما تصبرنى تهيجنى ..شوقى إليه يزداد ويحرق قلبى بشدة .ابتسامته ترتسم أما عينى ،كلما شعرت بالخوف..فصرير الباب يخيفنى ،حركة الستائر تبدو لى أشباحا متراقصة ..أخاف .أرتمى على الفراش ،أتقوقع من الخوف..رائحة أنفاسه تتوغل داخل انفى ..تدفئنى ..تصبح رداء يحمينى ..أجول بعينى اركان الغرفة وتقع على نظارته ..وتحتها يسكن كتابه المفضل.زأعبث بداخله ،أحاول فهمه لا أستطيع ..أتذكر عبقريته بالكتب.كان يقراها ويعطينى خلاصتها على رشفات سريعة لذيذة ..أستحسن الرشف..
أترك الكتاب .أضئ كل الأنوار .الظلام يسكن بداخلى .كيانى مبعثر ..الساعات لا تمر .الزمن يسير من حولى وأنا يقف بى العمر ..أدنو من الهاتف ،الابناء مشغولون .لهفتى عليهم تذوب عبارات مبتورة .كلمات قليلة .أغلق السماعة على أمل زيارتهم.ألتمس لهم العذر .التلفاز ممل .أفلامه ممله مكرره..الراديو هو ونيسى الوحيد .أكلم نفسى حتى لا أتناسى الكلمات ..تعود روحى إلى تصيبنى النشوة كلما سمعت صوت الهاتف- حتى ولو الرقم خطأ-..أسمع صوته يهمس لى ..يدعونى للحضور ..نشوتى للقائه تجعلنى أسرع الخطى وأسير وراء خياله على أمل أن نلتقى...