أنا لا أعتقد أن داعش تابعة لإيران أو لأمريكا . لكنني أعتقد جازماً أنَّها مخترقة ،
وأنَّه يجري التلاعب بها .
كيف يجري التلاعب بداعش ؟
تترك قوات بشار وقوات الجيش العراقي أسلحتها وتفر من جنود داعش في بعض المناطق الكبيرة . فتحتل داعش تلك المناطق الواسعة ، معتقدةً أن استيلاءها عليها فتحٌ ربانيٌ معجزٌ نتيجة الرعب الذي قذفه الله في قلوب الأعداء ، وأنَّ هذه الرعاية الربانية ستستمر حتى تعود الخلافة الإسلامية . وبعد فترة قليلة من سقوط الموصل في يد داعش أعلنت داعش قيام الخلافة الإسلامية ! ومن الطبيعي أن يعني قيام الخلافة الإسلامية عدم اعتراف داعش بالحدود القطرية التي صنعها نظام سايكس بيكو ، وبالتالي وضع الحكومات السنية على قائمة الخونة والمرتدين الذين ينبغي الإطاحة بهم .
استغلت القوى الكبرى إعلان داعش قيام الخلافة الإسلامية وخوف الحكومات السنية من تفجَّر الأوضاع واختلاط الأوراق فأعلنت عن صنع تحالف دولي لحرب داعش .
في الحقيقة كانت أمريكا والغرب يريدون من خلال التنسيق مع نظام بشار وإيران لتسليم المدن لداعش تحقيق هدفين رئيسين : الأول : تضخيم خطر داعش وجعلها تبدو كبعبع كبير ومخيف للأمن الدولي العالمي وللحكومات السنية بخاصة ، وهو ما يفترض الحاجة إلى تحالف دولي كبير للوقوف في وجهه . الثاني ، وله علاقة بالأول : التخلص من المكوِّن السني في العراق والشام تحت غطاء الحرب على داعش ، والذي لن يجد معارضة سنية ذات ثقل في ظل مشاركة الحكومات السنية في التحالف الدولي للحرب على داعش ، والتي – أعني الحكومات السنية - ستضطر في نهاية الأمر بقبول سردية الغرب حول الخطر الداعشي الأثقل وزناً من الخطر الشيعي الإيراني !
وهكذا ظلَّت قوات التحالف تعمل جواً بالتنسيق مع قوى الجيش العراقي الطائفي والميليشيات الشيعية التابعة لإيران في العراق والشام بقيادة قاسم سليماني لتهجير أهل السنَّة في العراق والشام .
لقد تم قتل الآلاف من السنَّة بوحشية شديدة وفق هذا المخطط ، الأمر الذي اضطر الملايين من السنة خشية القتل والاغتصاب إلى الهجرة وترك مناطقها نهباً للميليشيات الشيعية ...
وبدأ الجميع يرى وبوضوح شديد كيف قامت داعش – التي تعتبر أن انتصاراتها المؤقتة هي جزء من الرعاية الربانية – باحتلال بعض المناطق السنية تحديداً ، ثم أتت قوات الشيعة وبدعم جوي أمريكي لتحرير هذه المناطق من قبضة داعش ، ثم تهجير أهلها ومنعهم من
العودة إلى بيوتهم واستبدالهم بمجاميع سكنية شيعية .
دون أن يسأل داعشي واحد نفسه ، لماذا لا يحتل تنظيمنا سوى المناطق ذات الأكثرية السنية ، ولماذا ينتهي بنا الحال وقد خرجنا منها تحت ضربات الطيران الأمريكي القائد للتحالف الدولي وتحت زحف قوات قاسم سليماني الشيعية ؟ ولماذا ينتهي الحال بالسنَّة الذين احتللنا أرضهم وقد تم تهجيرهم ومنعهم من العودة إلى بيوتهم ؟
لكن هذه الأسئلة لا تجد أيضاً أجوبة من الحكومات السنية التي تشاهد ما يجري عاجزة عن تغييره ،
فكما ابتلعت داعش الطعم ، فقد أكلت هذه الحكومات الخابور ...
لن أتكلم عن الحلول ، فقد تكلمنا عنها بما فيه الكفاية ، ولم تكن المشكلة مطلقاً في غياب الحلول ، بل في غياب الإرادة والجرأة