الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
ذهبت أنا وطلابي إلى قصر المصمك وعند تجولي في القصر شد انتباهي لوحة مكتوبة (معركة الفيضه بداية انطلاق هجوم الملك عبد العزيز) بهذه الصيغة وأخذت اقرأها بتمعن حتى أن طلابي سألوني لماذا يا أستاذ توقفت عند هذه اللوحة ولم تتوقف عند غيرها فقلت لهم أتدرون ما هي الفيضه قالوا لا قلت لهم هذه بلدتي ومسقط رأسي وعشت فيها طفولتي وبهذه قررت أن أكتب عنها لأنها حقا تستحق من يعرفها وهي بداية
انطلاق هجوم صقر الجزيرة الذي وحد هذا الكيان العظيم...
الفيضة: بفاء موحدة مفتوحة وباء مثناه ساكنة ثم ضاد معجمة مفتوحة، وآخره هاء، وقد تميز عن غيرها حينا فتضاف ويقال لها فيضة السر، نسبة إلى بلاد السر، الواقعة شرق الدوادمي وجنوب بلاد القصيم، وهي بلدة معمورة فيها نخيل وزراعة،وآبار ارتوازية، وفيها سوق ودكاكين للبيع والشراء. وفيها محكمة شرعية ومركز إمارة، مرتبطة إداريا بإمارة الرياض عن طريق مركز الدوادمي، وفيها مدرسة ابتدائية للبنين ومدرسة ابتدائية للبنات، ومدرسة متوسطة للبنين، وهي واقعة في منخفض سهل نحيط به من الغرب صفرا، تعترض جنوبا وشمالا ويحف بها من الشرق برقة سهلة، وكانت تدعى بهذا الاسم قبل أن تعمر لأنه يفيض فيها وادي المنجوري ووادي أبو بطحى، ويستقر فيها سيلهما، فسميت الفيضة، وهي تقع غرب جنوب طريق السيارات المسفلت المتجه صوب عنيزة وبريده عبر بلاد القصيم، يبعد مفترق طريقها من الخط الرئيسي عن قرية جفن شمالا أربعة عشر كيلا. وتأسيسها عام 1263ه، أسها فاهد بن نوفل ومعه أخ له انتقلا إليها من قصر الريشّية من عيون ا لسر القريبة منها، وقد انتقلا إلى الريشّية من شقراء، من الحسيان بقرب شقراء وهما ينتميان نسبا إلى بني حسين الأشراف. (عالية نجد : تأليف سعد الجنيدل ص1044). قال العلامة حمد الجاسر عن أول من سكنها (جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد 850/2) : (آل نوفل) فهم من بني ا لحسين من الأشراف وهم من رؤساء بلد الفيضة اليوم....وقد كانت لهذه الأسرة مشاركات في توحدي المملكة العربية السعودية مع موحدها الملك عبد العزيز رحمه الله وكانت مساهمتهم بالمال والرجال والعتاد ويثبت ذلك خطابات الملك عبد العزيز رحمه الله.
كما أن الملك عبد العزيز رحمه الله قد زكى وأثنى على أميرها محمد بن فاهد بخطاب تزكية بذلك.
ولعل أشهر المعارك الأولى التي خاضها الأمام عبد العزيز لتوحيد هذه البلاد هي معركة الفيضه عام 1321ه :
ففي هذه البلدة جرت وقعه بين الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وبين حسين بن جراد الناصري، وكان حسين يقود سرية بعث بها عبد العزيز بن رشيد إلى بلاد ا لسر.قال الأمير سعود بن هذلول (أرسل يعني بن رشيد سرية كبيرة إلى عنيزة مع ماجد الحمود وسرية أخرى إلى الوشم مع حسين بن جواد ثم ذهب إلى أطراف العراق يستنجد شمر فلما علم الملك عبد العزيز بذهاب بن رشيد للعراق خرج من الرياض مسرعاً وهجم على ابن جراد ومن معه..)وقال خير الدين ا لزركلي في ( شبة الجزيرة العربية 145/1) :كان عبد العزيز بن رشيد قد اتخذ القصيم مركزا له وحصنا في غاران الجنوب وار سل في أوائل ذي الحجة عام 1321ه أواخر 1904م قبل عودته من القصيم إلى حائل سرية من نحو 300مقاتل بقيادة حسين بن جراد من رجالات شمر للمرابطة في إقليم السر جنوب القصيم واتصل خبرهم بابن سعود فنهض إليهم من الرياض وصار لهم يوم 8ذو الحجة عام 1321ه في قرية تدعى الفيضه فقتل ابن جراد وأكثر من معه.
وقد حدثني عمي إبراهيم بن محمد بن فاهد وكان عمره قرابة 90سنة قال أتت سرية أرسلها بن رشيد بقيادة حسين بن جراد الناصري فطلب مقابلة أمير البلدة محمد بن فاهد بن نوفل فامتنع عن مقابلته مع أن البلدة كانت مسورة إلا أن أهلها تركوا له فرصة الدخول لأنهم لم يتوقعوا منه شراً. وفي أثناء إحدى الليالي جاء رجل من جنود الملك عبد العزيز فاتصل بفهد بن هزاع بن نوفل وأخبره بأنه مرسل مع الإمام عبد ا لعزيز وأنه سيغير على ابن جراد بعد صلاة الفجر فأخبر ابن هزاع آل نوفل وبعد صلاة الصبح هجم عبد العزيز بن جراد هجوماً مباغتا فقتل ابن جراد ومن معه إلا قليل ونزل عبد العزيز رحمه الله بناحية الفيضه فأتي إليه أهلها مهنئين له بالنصر ثم ثبت محمد بن فاهد بن نوفل أميراً عليها. وقال الدكتور عبد الله العثيمين عن أهم معارك الملك عبد العزيز :كانت مغادرة ابن رشيد إقليم القصيم إلى حدود العراق من الأمور التي زادت من حماسة الملك عبد العزيز وأتباعه من آل مهنا وآل سليم ليتوجهوا إلى ذلك الإقليم. فلما تجاوزوا الوشم علموا بوصول حسين بن جراد ومن معه إلى فيضة السر. فخطط الملك عبد العزيز تخطيطا بارعا لمفاجأته بهجوم كاسح. وفي منتصف ليلة الثامن والعشرين من ذي القعدة، عام 1321ه الموافق( 1049/2/4م)، باغته بذلك الهجوم. فقتل ابن جراد وكثير من أفراد سريته.
حدث في فيضه السر:إطلاق سعد بن عبد ا لرحمن آل سعود من أسر الشريف. حدثني العم عبد الله بن محمد بن فاهد بن نوفل رحمه الله وقد تولى إمارة السر بالفيضة من قبل الملك عبد ا لعزيز رحمه الله.قال العم عبد ا لله بن محمد بن نوفل رحمه الله. أتى الملك عبد العزيز رحمه الله عام 1328ه إلى الفيضة لفك أخيه سعد بن عبد ا لرحمن من أسر الشريف له واستقر الإمام عبد العزيز رحمه الله بضيافة أميرها محمد بن فاهد بن نوفل 18يوم حيث كان سعد مأسور لدى الشريف والقصة معروفة لدى أهل الفيضه حيث أشاروا على الملك عبد العزيز أن يهدي إلى الشريف خيل لفك سعد ففعل ذلك وقد أطلق الشريف سعد بن عبد ا لرحمن.فقد ذكر العم عبد الله أن الملك عبد العزيز رحمه الله..يردد هذا البيت من الشعر:
يا سعد يا بعد حي قعد
كيف تسهر وحنا نايمين
وقد قال الملك عبد ا لعزيز رحمه الله كلمة يرددها الآباء حتى يومنا هذا... حيث قال: (الفيضه كلها خير فيها ردينا سعد من الشريف وفيها هزمنا ابن جراد) انتهى.