منتديات شمس الحب

منتديات شمس الحب (http://www.x2z2.com/vb/index.php)
-   قصص - روايات - حكايات (http://www.x2z2.com/vb/forumdisplay.php?f=16)
-   -   نصف القمر - رواية نصف القمر كاملة (http://www.x2z2.com/vb/showthread.php?t=24677)

صـ ـدى‘آلآهـ ـآت 02-18-2012 01:00 AM

نصف القمر - رواية نصف القمر كاملة
 
نصف القمر - رواية نصف القمر كاملة

الملخص :

وانقلب السحر عالساحر ...
ارادت باميلا سامرز ان تحصل على وظيفة تبعدها عن تحرشات ارباب العمل ,
فأخفت جمالها وراء مظهر عانس رصينه قبيحه , ونجحت في ارضاء
بول غراينجر الرقم الصعب في عالم رجال الاعمال .
لكن قلبها خانها فقد سقط صريعا امام سحر بول الآسر , ولم تكن هذه الا

المشاكل فكيف تستطيع ان تواجه غضب بول غراينجر الذي لا يرحم
عندما يكتشف انها خدعته ؟

صـ ـدى‘آلآهـ ـآت 02-18-2012 01:01 AM

1- الحياة لعبة

اسرعت باميلا سامرز كالبرق الى مكتبها وراحت تفرغ ادراج طاولتها ثم تغلقها بضربات عنيفه . وبعدما جمعت حاجياتها الشخصية وضعتها في ظرف كبير
ثم خرجت من المكتب مغلقه الباب وراءها بقوة واتجهت نحو المصعد وبدأت تضغط الزر بشكل متواصل وكأنها تريد ان يصل بأسرع وقت ,
وما كاد المصعد يصل حتى فتحت الباب ودخلت بصورة اثارت استغراب عامل المصعد .
توقف المصعد في الطابق السفلي وهناك اسرعت بالخروج بسرعه تلوح للعامل الذي ظل ينظر اليها مشدوها .
انطلقت تحت سماء لندن التي كانت تطل الشمس فيها بأستحياء .
تكون ضاحية لندن في مثل هذا الوقت من النهار فارغة فما من احد يجرؤ على الخروج من العمل قبل اقفال سوق القطع في الـ4
تساءلت باميلا عن الصعوبات التي ستعترضها حتى تجد وظيفة جديدة . فهي لا تتوقع من مخدومها السيد غودميو الذي تركته منذ قليل ان يعطيها شهادة تظهر حسن سلوكها فهو لم يعاملها معاملة مهذبة عندما وضع يديه على خصرها
او عندما صفعته على وجهه .. لماذا يعتقد جميع المديرين البالغين من العمر الـ50 انهم فاتنو النساء ؟ حسنا .. فلن تقع في براثن هؤولاء العجزة المنحرفين حتى لو كلفها هذا تغيير وظيفتها يوميا .
ادارت رأسها فجأة فانتبهت الى صورتها المنعكسة على زجاج احد المحلات . كان شعرها الاشقر الطويل مسترسلا على كتفيها وكانه خوذه مخملية ناعمه
وكانت عيناها الزرقاوان تلمعان لمعانا شيطانيا فوق انف مستقيم صغير,عليه بعض النمش الخفيف الذي اثار بشرة ناعمه صافية كالعاسل .
انها فتاة طويلة القامة , تركز على ابراز طولها بارتداء خف عالي الكعبين . وكانت على الرغم من طول قامتها تبدو نحيله ورقيقة وكان تكوينها العظمي الرقيق يعطيها مظهرا ملوكيا .
او كانه صورة لتمثال آلهة من آلهة الاغريق .
اشاحت بنظرها عن الواجهة ثم حلت خطاها . هذا ليس اصافا فأنا لا افعل ما يشجع ايا منهم على مغازلتي , لماذا يعتبرونني لعبة سائغة ؟
فما انا الا فتاة قروية بعيدة كل البعد عن النساء الخطيرات . فلماذا لا يتركونني اقوم بعملي بشكل طبيعي ؟
كان الغضب قد تملكها حتى راحت تكلم نفسها . كانت تمشي على غير هدي لا تعرف أي اتجاه تسلك فجأة اصطدمت برجل عريض المنكبين يسير في الاتجاه الماكس فأحتواها بسرعه بين ذراعيه لحيميها من الوقوع
والداهشة بادية على وجهه الذي لوحته الشمس .
عندما رفع بصرها اليه طالعتها نظرة تسلية تنطلق من عينين رماديتين فحاولت الابتعاد ولكن ذراعيه اشتدتا حولها تعيدانها اليه مازحا :
- ليس بهذه السرعة , فلم نكد نتبادل النظرات
جذبت باميلا نفسها منه بقوة وراحت تحملق الى الرجل الهادئ البارد الذي ظل يسد عليها طريقها . كان شعره البني مصففا بعناية بحيث يلامس ياقة قميصه الابيض الحريري المتناسق مع بذلته الرمادية الدكناء .
كان اطول منها على الاقل بمقدار رأسه ومعا ناه يرتدي ملابس تدل على انه احد المديرين او المسؤولين فقد اعتقدت باميلا ان ذراعيه المتولتين وصدره العريض جسما لبطل رياضي .
قالت له محرجه , وهي تحاول الابتعاد :
- انا اسفه .. انها غلطتي انا . لم اكن انظر امامي .
امتدت يده لتمنعها من الابتعاد :
- رويدك ! لا تتركيني بسرعه هكذا ! اسمحي لي على الاقل ان اقدم لك فنجان قهوة .
نظرت باميلا اليه وهزت رأسها :
- لا .. شكرا , يجب ان اذهب .
وتركته يحدق فيها بارتباك وحيرة .. فأخر ما تريده في الوقت الحالي صحبة رجل .
كانت عندما وصلت الى كينغستون حيث تشاطر صديقتها شقة واحده ما تزال غاضبه . فتحت الباب ودخلت , رامية الظرف على الاريكة ثم ارتمت بقربه .
- بام . اهذه انت ؟
دخلت فتاة سوداء الشعر , ممشوقة القوام الغرفة . تسأل بلهفة :
- لماذا عدت الى المنزل باكرا ؟
نظرت الى الظرف المرمي على الاريكة :
- اوه ..لا .لا تقولي انك تركت العمل مرة اخرى ام تراك طردت هذه المرة ؟
- حسنا بيرل ... قولي انني رفضت القايم بواجبات معينه فكان ان استغنيت عن عمل اخر .
خلعت باميلا حذائها واضطجعت على الاريكة فرفعت بيرل حاجياتها وهي لاتصدق عينيها :
- اتقصدين ان العجوز غازلك ؟ انه في عمر والدك. لا.. بل انه في عمر جدك . ان ما يجري على المسرح هو مجرد لهو بالمقارنة مع ما يجري في دهاليز عالم المال .
- انه عالم العبث والفجور .
اغمضت باميلا عينها بعدما القت رأسها على ذراع الاريكة :
- انا لا ارغب الا في القيام بعملي لأتلقى اجرا محترما . لقد استأجرنا هذه الشقة معا , وان لم ادفع الايجار قلن استطيع البقاء فيها . ولكن كيف لي ان ادفع الايجار مادمت اترك الوظيفة تلو الوظيفة , لماذا لا يستطيع امثال هؤلاء الرجال ان يفهموا انني لست ممن يقمن اية علاقة مع أي واحد منهم . انت تعرفين انني لست من هذا الصنف بيرل .
مدت بيرل يدها الى مؤخرة عنقها ورفعت شعرها عن كتفيها :
- لا ادري ! الغريب ان اصدقائك يدعونك سيدة الثلج الصغيرة . لكن يجب ان تعترفي انك لا تملكين المواصفات الملائمة لهذا اللقب ... ولكن من تملك جسدا كجسدك ووجها كوجهك يجب ان تتقدم للعمل في عرض الازياء . ان كنت مضطره للخضوع لرغبات رب العمل فليكن اجرك على الاقل مغريا .
- اوه ... هيا بيرل .. لست جذابة بما فيه الكفاية لأنافسك في مجال عرض الازياء او العرض الجسماني . اضيفي الى ذلك انني قدمت الى لندن لأخطط لنفسي مستقبلا عمليا لم ادرك انني مضطره الى القيام بسلسلة من النشاطات التي لاعلاقة لها بالعمل للمحافظة على هذا العمل . اود حقا خوض ميدان اسواق القطع وليست هناك طريقة ما اجعل من خلالها الرجال ينظرون الى عملي عوضا عن النظر الى شكلي .
اشعلت بيرل سيكارة ونظرت الى باميلا بامعان :
- ربما هناك طريقة ...ولكن قد تخسرين امورا كثيرة .
جلست بميلا على الاريكة وادلت برجليها الى الارض وحملقت الى بيرل :
- اهناك طريقة ما تخولني الاحتفاظ بوظيفتي دون ان اتعرض الى تهجمات عجوز مستهتر ؟
- حسنا ... لست ادري . انها طريقة غريبة بل ربما سخيفة ولكنها قد تؤدي الغرض .
- ماهي ؟ ارجوك ؟ انا على استعداد لفعل أي شيء الا الجريمة . هيا اسمعيني الفكرة .
- اتذكرين الدور الذي لعبته في اول مسرحية شاركت فيها ؟
فكرت باميلا لحظة :
- اجل اذكره . مثلت دور سيده عجوز تحمل الفاكهة لتبيعها اليس كذلك ؟ لكن ما علاقلة هذا الدور بفكرتك ؟
- بام ! فكري مليا ارجوك ؟ اتذكرين كيف بدوت يومذاك . بقيت على حالي ولكن المكاياج فعل بي العجائب . ان مشكلتك تنبع من مظهرك الخارجي المغري . انت لا تشجعين الرجال ولكنك خلقت فاتنه . فلماذا لا تحاولين اخفاء انوثتك والظهور بمظهر امرأة غير فاتنه . الفكرة غريبة ومجنونة . لكن اذا كان هذا ما تريدينه فلم لا ؟.
اعتدلت باميلا في جلستها :
- اتعتقدين حقا انه يمكنك ان تغيري منظري ؟ اعني هل يمكنني امواظبة على التنكر امدا بعيدا ؟
اطفات بيرل سيكارتها وابتسمت :
- اجل ... انا واثقه من نجاحنا . انما هل تريدين حقا الاقدام على امر كهذا ؟ تذكري ... لن تجدي بعد هذا شابا يطلب منك موعدا .
- هذا شيء عظيم , فأفكار الشباب لاتختلف عن افكار العجائز لكنهم اشح يدا واكثر حيوية , اتعرفين ؟ اود ان اعلن ان جميع الرجال خارج حدودي . متى نبدأ ؟
هبت بيرل عن كرسيها :
- ما رأيك ان نبدأ الآن ؟
تبعت باميلا صديقتها الى غرفة النوم وهناك راحت تراقبها وهي تخرج حقيبة الماكياج من خزانتها . جلست باميلا حيث اشارت بيرل التي بدأت باخراج بعض ادوات الماكياج وقالت :
- اولا . هذا الانف جميل ومتكامل بالنسبة لعانس . لماذا لا نضيف اليه بعض الانتفاخ الاصطناعي هاك .. لقد افسدت لك منظر انفك جيدا . والان سأضيف بعضا من الخطوط على جبهتك وخديك وتحت عينيك لإظهار التجاعيد على وجهك , وعليك بعد ذلك تغطية كل شيء بكريم الاساس الرمادي ... ها انت .. ماعدت امراة جميلة ؟
بدا واضحا ان بيرل تتمتع بعملها فقد عقدت شعر باميلا على شكل ذيل حصان فبدا الشعر البراق الجمسل على هذا النحو كئيبا .. ثم لم تلبث ان البستها نظارة باهته المنظر قديمة الطراز .
- حسنا ... ما رأيك ؟
لم تصدق باميلا عينيها :
- لقد نجحت اكاد لا اعرف نفسي .. لا اعتقد بعد هذا ان احدا سيوظفني .. ولكن ان وظفت فأنا موقنه من ان رب العمل لن يحاول التحرش بي .
- رويدك لحظة ... ليس بهذه السرعه , فأمامنا مشكلة جمال جسدك .. علينا ان نخفيه بملابس مع المكياج .. تعالي الآن انزعي المكياج , فلدينا مشتريات لنشتريها , واعرف بالضبط المكان الملائم .
عندما دخلت باميلا الى محل لا يبيع سوى ملابس للعجائز من النساء البدينت والمتوسطات الحجم شهقت دهشة ولكن بيرل اسرعت تختار بعضا منها .. سترات لا شكل لها ذات الوانرمادية وبنية وزيتيه وازواج من الجوارب السميكة القطنية القاتمه الالوان واحذية منخفضة الاكعاب .
لم تستطع باميلا تصديق ما رات عندما نظرت الى نفسها في المرآة مرتدية زيها الجديد .
- بيرل .. لن يفكر فيّ رجل مطلقا ... ابدو امرأة غير مرغوب فيها ابدا . كيف سأتمكن من شكرك ؟
امضت باميلا يوم الاحد في قراءة للاعلانات المبوبة في الجرائد واضعة الاشعارات على الوظائف التي تثير اهتمامها صباح الاثنين تزيت بزي التنظر وانطلقت تقوم بجولة على الوظائف التي تحمل عناوينها .
الوظيفة التي اثارت اهتمامها كانت في مؤسسة بول غراينجر, احدى اكبر شركات السمسرة والاستثمار في سوق البورصة , وهي مؤسسة مفيده لتعليم الكثير عن عالم المال
في الواقع لو اتيحت لها الفرصة المناسبة لتقدمت في هذه الشركة نفسها .
تحتل شركة غراينجر طابقا كاملا في ناطحة سحاب عظيمة اخذت باميلا نفسا عميقا وحاولت ان تتمالك نفسها ثم شقت طريقها بتحد عبر الابواب الزجاجية المحاطة باطار ذهبي نظريت اليها موظفة الاستقبال بدهشة :
- هل لي ان اساعدك ؟
- نعم .. اريد تقديم طلب عمل بناء على الاعلان المنشور في صحيفة الامس .
مدت الفتاة يدها الى احد ادراج طاولتها ثم قدمت لها استمارة :
- ارجو ان تملئي هذه الاستمارة قبل ان ترديها لي .. استخدمي ان شئت تلك الطاولة .
طفقت باميلا تملأ الاستمارة التي كانت معظم اسئلتها تقليدية وتسهل الاجابة عليها . احست بالسعاده لن القوانين تمنع طرح سؤال يتعلق بالعمر في الستمارة التوظيف وذلك لإفساح مجالات العمل اما الجميع .
بعدما اتمت ملء الاستمارة اعادتها الى موظفة الاستعلامات التي وضعتها امامها على الطاولة .
كانت باميلا على علم بان مستواها في الطباعه والاختزال هو فوق الطلوب , لذا احست بالراحه لاجتيازها
مرحلة الاختبار بمهارة .
ابدت موظفة الاستعلامات سرورها بالنتيجة فقادت باميلا الى غرفة خاصة كبير فيها كانت تجلس امرأة رمادية الشعر , اشارت اليها بالجلوس على كرسي قرب مكتبها .
كانت المرأة مرتدية بذلة زرقاء انيقة الطراز غالية الثمن .. نعم البذلة تشير الى الاحتشام ولكنها حديثة الطراز فشعرت باميلا امامها بالقلق ن ماكياجها الثقيل ويثيابها القاتمه .
- ارى ان لك مهارة متفوقه في حقل السكرتارية آنسة سامرز ولكنك لم تذكري اسم احد قد يوصي بك ولا شك ان لأمرأة في مثل سنك خبرة فريده في مجال السكرتارية .
فردت باميلا كاذبة على مضض :
- امضيت معظم ايام شبابي في رعاية امي المريضة التي ماتت الآن ؟
المرأة التي عرفت عن نفسها تحت اسم تاوشند سكتت قليلا ثم قالت :
- لست من كنا نتوقعه غير انني اراك الشخص المطلوب تماما .كما تعلمين ان مؤسسة غراينجر هي مؤسسة معروفة لها مكاتب في معظم مدن العالم الرئيسية . صحيح انها شركة الا انها ذات مدير واحد ..بول غرانجر . انا سكرتيرته الخاصه منذ 10 سنوات ولكن اعمال الشركة مؤخرا تضاعفت فكان ان توليت ادارة المكتب عوضا عن وظيفة السكرتيرة فلم يعد لدي الوقت الكافي لتمام اعمال السكرتارية , ان السيد غراينجر بحاجه الى شخص يتولى امر بريده الشخصي وشؤون اعماله .. وبكل بساطه وللآسف ما عاد
بمقدوري تأمين الوقت اللازم له لقد حاولنا الاستعانه بفتيات من قسم السكرتارية في محاولة لسد المركز الشاغر , لكنهن كن جميعا صغيرات في السن لا يرغبن في العمل بل في اقامة علاقة مع السيد الذي يرفض ان يدمج بين حياته الخاصة وحياته العملية . انت تبدين رصينه ذات تفكير سليم وانا واثقه انك ستكونين المرأة المناسبة لهذا المركز .. الا ان السيد غراينجر ان يقرر ذلك بنفسه.. سأرى ان كان لديه الوقت لرؤيتك حالا .. ارجو المعذرة آنسة سامرز .
لم تكن باميلا تصدق ما تسمع فهي لا تتصور ان هناك رجلا يريد سكرتيرة لأعمال مكتبه فقط خصوصا اذا كان له سمعة بول غراينجر ..
اكبر ساحر في سوق القطع في لندن , انها متيقنه الآن من انها ستتعلم منه عن عالم المال اكثر مما ستتعلمه في المعهد النسائي .
بعد دقائق عديده تبعت باميلا السيدة تاوتسند الى غرفة كبيرة جدرانها مغطاة بالخشب باستثناء الجدار الخلفي الذي هو عبارة عن زجاج يطل على نهر التايمز
الذي يمر تحت جسر لندن الشهير فيضفي على المكان روعة وجمالا .
كان المفروشات كلها من خشب الساج اللماع , وعلى الرغم من ضخامة الاثاث الا ان خطوطه الكلاسيكية كانت تضفي عليه ببساطه واناقه ومع ذلك لم تكن تقارن ابدا بالطاقة الديناميكية المنبعثة من الرجل الواقف وراء الطاولة مادا يده الى باميلا .
كان وجه الرجل الذي لوحته الشمس متناقضا مع بياض قميصه وبذلته الرمادية الدكناء تختفي تحتها جسدا مفتول العضلات ..
ولكن عينيه الثاقبتين هما ما اثارتا اهتمام باميلا فقد كانت تنظر الى وجه الرجل الذي ارتطمت به قبل يومين في الشارع اثناء سيرها على غير هدى ذا اليوم الذي تركت فيه عملها .
ابتلعت ريقها بقلق فإن كان هناك من يقدر على كشف تنكرها فهو هذا الرجل . ومع ان عينيه امعنتا النظر في وجهها الا انه لم تبدر منه ما يشير الى تعرفه اليها بل كان ينظر اليها وكأنه يشاهدها للمرة الاولى في حياته .
رد صوته العميق باميلا الى ارض الواقع :
- تفضلي انسة سامرز . لقد تكلمت السيدة تاوتسند بشيء من الايجابية عنك . وهي دون ريب اعلمتك بحاجتي الماسه الى سكرتيرة شخصية للوظيفة مكافأتها ولكنها شاقة لأن لا وقت محدد لها فعندما يحين اوان صفقة تجارية نعمل جاهدين بدوام مضاعف فأرجو ان تكوني قادرة على الزام نفسك بمثل هذا البرنامج عندما تدعو الحاجه .
هزت رأسها :
- ليس لدي ارتباطات ستجدني جاهزة وقت الحاجه .
فأبتسم :
- سيده تاوتسند اعتقد اننا وجدنا ضالتنا .
وعاد يتحدث الى باميلا :
- اعتقد انك اطلعت على امر الرواتب والشروط الاخرى . حسن جدا .. اتفقنا اذن , متى تستطيعين البدء ؟
- فورا ان شئت , فلست مرتبطه بمواعيد هذا اليوم.
- عظيم ستقودك السيدة الى مكتبك .. وقد اطلب خدطاتك في وقت قريب .
تبعت باميلا السيده الى مكتب السكرتاريا الواقع خارج مكتب غراينجر وهناك راحت تصغي لما تقوله السيده باهتمام, وماهي الا فترة قصيرة حتى دق جرس الهاتف الداخلي يطلب من باميلا القدوم الى مكب السيد غراينجر لإملاء بعض الرسائل .
كان بول مستندا الى الخلف على كرسيه الاسود الجلدي كان منظر وجهه الجانبي الشبيه بمنظر النسر يبدو وسيما تحت اشعة شمس الظهيرة . لدى سماعه اقفال الباب استدار يواجه باميلا قائلا :
- لدي بعض الرسائل او ان امليها عليك . تفضلي بالجلوس .
وراح يملي عليها حالما استوت جالسه مسرعا في الكلام لا يتوقف الا ليستجمع افكاره فكان ان املى عليها في ساعة سبع رسائل وسألها :
- هل يمكنك طباعة كل هذه الرسائل بعد ظهر اليوم ؟
فأجابت على الفور :
- لن اترك المكتب قبل ان انهيها . سأحملها بنفسي الى غرفة البريد قبل ان اغادر .. هل هناك شيء اخر ؟
اسند غراينجر ظهره الى الكرسي :
- لا هذا كل شيء شكرا لك آنسه سامرز .
وابتسم لها فأحست بالدم يجري حارا في وجنتيها وبأصابع غريبه تلمس فقرات ظهرها مما جعلها تستعجل الخروج من الغرفة هناك خطأ ما فيها ...
ولكن مهما يكن الامر عليها ان تسترد رباطة جأشها بسرعه فليس بأمكانها ان تتصور ما ستكون ردة فعله لو علم ان قلب الآنسة سامرز الوقور يضطرب كلما ابتسم لها ..
انسي الامر يافتاه فهذه الوظيفة اهم من ان تخاطري بها في سبيل عواطفك تجاه رئيسك .
كانت باميلا تطبع اخر رسالة عندما فتحت شقراء انيقة صغيرة الجسم باب المكتب .. رفعت رأسها امام باميلا :
- انت دون شك سكرتيرة بول الجديده . ما اروعك يظهر انك ممن يعتمد عليهن . انا سوزي هاليدي خطيبة بول سأدخل اليه ان ينتظرني .
هبت باميلا عن مقعدها بسرعه وسدت عليها الطريق :
- ارجوك انسه هاليدي .. لدي تعليمات صارمه تفيد ان اعلن عن وصول الزائر قبل دخوله لماذا لا تصبرين قليلا حتى اتصل به ! لن تقتضي المسأله الا لحظات .
برقت عينا سوزي غضبا عندما كانت باميلا تتصل ببول وما هي الا لحظات حتى خرج بول من باب مكتبه وابتسامة ارتياح ترتسم على شفتيه .
وقف في الباب يراقب سوزي وهي تنقر بأصابعها على طاولة باميلا بنفاذ صبر . قال بهدوء :
- آنسة سامرز .. انا سعيد جدا ما كان لسكرتيرة من قبل القدرة على اعلامي بوجود الآنسة هاليدي انها عادة تقتحم المكان وتقاطعني مهما كان بيدي من عمل .
التفتت سوزي اليه تنظر الى عينيه الرماديتين ثم سارت اليه بدلال وقالت :
- آه .. ولكن مقاطعتي لك تبهجك كثيرا فلم يحدث ان سمعتك تتبرم , تعال فلندخل المكتب لأحييك بالطريقة المناسبة.
بعد لحظة اقفل الباب وراءهما .
احست باميلا ولسبب غير مفهوم بالانزعاج فقد شعرت بالاشمئزاز من منظرها ومن هذه الثياب القديمة الطراز لكن هذا ما ادرته .
كيف تفسر رغبتها المفاجئة الى ارتداء ثياب اكثر اناقة ؟ هذا مغاير للمنطق . فكان ان عزت السبب الى عدم اعتيادها على صورتها الجديده وهي ستحتاج الى وقت طويل حتى تتكيف مع هذه الصورة ؟
ومع ذلك فما زالت تشعر برغبة الى ارتداء ثوب انيق ساحر لتدخل الى مكتب بول فتجعله ينظر اليها بالطريقه التي نظر اليها فيها الى سوزي هاليداي .
هزت رأسها حتى تبعد عنها هذه الافكار انها في هذا المكان للعمل لا للتفكير في هذه السخافات التي قد تؤدي الى فقدان افضل عمل قامت به .

بعد فترة قصيرة خرج بول وسوزي من المكتب ويده حول خصرها كانت المرأة متعلقه به مثل هرة أليفة .
توقف بول قرب باميلا :
- انا مغادر . يمكنك مغادرة المكتب بعد الانتهاء من عملك ... راجعي السيدة تاوتسند اذا كان لديك اسئلة ما .
لم يمض وقت طويل حتى غادرت مبنى الشركة توجهت نحو الباص كانت على الرغم من جمال الامسية تحس بالتعب والشوق للوصول الى المنزل طلبا للراحة .
لكن بيرل كانت تنتظرها على احر من الجمر عندما دخلت الى الشقة نظرت اليها بفضول وتبعتها الى غرفة النوم .
- حسنا .. اخبريني ما حدث .. هل حصلت على وظيفة ؟ كيف سارت الامور ؟ هل ستخبرينني بما حدث ام تتركينني اتحرق شوقا ؟
اسرعت باميلا تخلع ملابسها :
- حصلت على وظيفة رائعه في مؤسسة غراينجر وقد اصبحت سكرتيرة بول غراينجر الشخصية بسبب منظري . فالفتيات اللاتي حاولت المؤسسة ترقيتهن لم يكن اهلا للوظيفة بسبب شغفهن برئيسهن . اتصدقين هذا الحظ ؟ اشكرك بيرل جزيل الشكر فهذا افضل ماحدث معي .
فضحكت بيرل :
- بام انت مجنونه انما هذه حياتك هيا عليك ازالة هذه الاصباغ القبيحه عن وجهك ولكن تذكري ان الماكياج ضار ببشرتك .
- حسنا بيرل .. في الحق انني لا استطيع الانتظار حتى يأتي اليوم الذي اتخلص فيه من هذا الزي فهو على الرغم من اتاحته لي فرصة ذهبية .
اغتسلت باميلا وارتدت ثوبا قصيرا ملونا زاهيا تلتقي ياقته المثلثة بخط الخصر المرتفع نثرت على نفسها بعض العطر ودخلت الى المطبخ .
نظرت اليها بيرل وقد ارتفع حاجباها ذهولا :
- يا للعجب .. ما اروعك ! ماذا اصاب سيدة الاعمال الرزينه التي ولجت هذا الباب منذ نصف ساعه؟ هل هجرتنا بهذه السرعه ؟ لاتقولي ان الاستعراض ألغي بعد العرض الاول ؟
- توقفي عن هذا بيرل يتملكني احساس غريب يدفعني الى ارتداء شيء مغر انيق وما ذلك الا للتعويض عن يوم القباحة هذا .
- افهمك لا حاجه للشرح والمؤسف انك تضيعين هذا الجمال المتألق في عرضه علي. ان كنت ستعمدين الى هذا النوع من للباس كل ليلة فيستحسن البدء بدعوة ضيوف من الجنس الآخر على العشاء فليس من المنطق هدر هذا الجمال على لا شيء .. كما اننا الأن خارج دوام العمل .
- لا شكرا .. بيرل فما زلت امقت صحبة الرجال . اردت فقط ان اشعر بأناقتي ثانية , والآن فلنستطيع بالعشاء وبعده احدثك عن المزيد ثم آوي الى فراشي لأنني ارغب في النوم باكرا لأستيقظ غدا نشيطه فحدسي ينبئني ان رئيسي متطلب .

صـ ـدى‘آلآهـ ـآت 02-18-2012 01:03 AM

2- أرتباك

وصلت باميلا الى عملها في الصباح التالي عند الثامنة فوجدت المكتب فارغا
الا من تود. ساعي بريد الشركة، الذي كان يقوم بجولته لجمع بريد الأمس . فنظر اليها دهشا :
- ماذا تفعلين هنا باكرا ؟ موظفو المكتب لا يحضرون قبل التاسعة.
- انه يومي الأول في العمل لذا أريد ان اكون مستعدة عندما يصل السيد غراينجر . فرغبتي أن اعمر اكثر مما عمرت السكرتيرات الاخريات اللواتي سمعت عنهن.

فابتسم تود ، ونظراته تتجول سراً على جسدها.
- لا تقلقي ، انت لست مثلهن . ولا ريب أن السيدة تاوتسند والسيد غراينجر سيسران بك.
جلست باميلا في مقعدها ورفعت حاجبيها:
- وما شأن السيدة تاوتسند بهذا؟ ظننتني سأعمل عند السيد غراينجر ..أليس هو من علي أن اهتم بإرضائة؟
فضحك الفتى وجلس على طرف مكتب باميلا.
-أنت حقا جديدة هنا، فلأشرح لك واقع الحال . إن من يدير هذا المكان بقبضة حديدية هي روفينا تاوتسند .إياك أن تصدقي
كلمة مما تقولة لك عن أن الإدارة لرجل واحد ، بول غراينجر هو الدماغ المحرك للعمل .
إنه من يتخذ القرارات التي تؤثر في بعض أثرى أثرياء العالم ، لكنه لا يأبه البته كيف يدار مكتبة مادام العمل مستمرا.
وهنا يأتي دور السيدة تاوتسند . أنها معه منذ أن شرع في العمل.
كانت سكرتيرته الخاصة ، ولهذا ترى أن ما من أحد يجيد القيام بهذه المهمه .
أنها تتصرف وكأنها أمه الحنون.
إذن هي من يجب أن توليها أهتمامك ، هذا إذا اردت البقاء هنا.
نظر بسرعة الى ساعته :
- حسنا الآن ..يجب أن أذهب ..اناديني إذا احتجت الي .
بعد خروجه فكرت في ما قاله ، وكأنما انعكاسا لأفكار ظهرت السيدة تاوتسند من الباب.
- عجباَ ..بكرت في الحضور ، فلا حاجه بك الى المجيء قبل التاسعه.
- أردت ان اكون موجوده حينما يصل السيد غراينجر ..ظننته قد يحتاجني في عمل فوري ، ولم أرغب أن ينتظرني.
- أنه اهتمام ممتاز بالعمل آنسة سامرز ..سنقدر حماسك هذا كل التقدير . اراك فيما بعد لأرى ماتسير عليه الأمور.
أمضت باميلا الساعة التالية في مراجعة الملفات لتتعرف الى كافة اوجه العمل في الشركة .
كات تقلب آخر درج عندما فتح بول غراينجر الباب. التفتت اليه فوجدته يحدق الى ساقيها المتناسقتين اللتين انكشفا عندما تمد يدها وصولا الى رف الخزانه العلوي .
فاحر وجهها حرجا ، وابتعدت بسرعة عن الخزانة لتنزلق تنورتها الى الأسفل.
فارتفعت عيناه عن ساقيها وامعنت النظر في تعابير وجهها المتورد.
نظرته مركزه على عينيها وكأنه كان يتصور أنها تحملان لغزا يحاول حله.
ثم تكلم بطريقته اللطيفة :
- صباح الخير آنسه سامرز . سأحتسي فنجان قهوة ثم سأطلب منك حمل دفتر المواعيد لأراجعها .
- أتريد أن أباشر بهذا فورا أم أنتظر حتى تنهي قهوتك؟
- الأن أفضل . ادخلي لنبدأ ، فمراقبة مواعيدي من صميم عملك لذا اريد ان ابدا يوميا بمراجعتها . ماذا عندك اليوم؟
أمعنت النظر الى دفتر المواعيد:
- صباحك اليوم خال من المواعيد أما ظهرا فلديك موعد غداء مع السيد تالبوت أدجلي ...هل أحجز لكما طاولة؟
- أجل ..إن السيدة تاوتسند تعرف أي مطعم تختار...راجعي الأمر معها ..لا أظن ان لدي المزيد من المواعيد هذا اليوم ، فالسيد أدجلي يشغل وقت المرء طوال اليوم.
أتسعت عيناها دهشة :
- أهو تالبوت أدجلي نفسة ؟ أعني ممثل السينما؟
فأبتسم بول :
- أجل آنسة سامرز ، انه بالفعل ممثل السينما تالبوت ادجلي ساحر النساء.
لكنني لا اتصورك من ضمن ذلك القطيع الراعد.
وابتسم لها ، فقفزت ألسنة قرمزية الى وجنتيها ، واحست بها تحرقها تحت الكريم الرمادي فتنير وجهها.
- أنا في الواقع لست من المعجبات به . ولكن أدهشني أن يزور كتبنا شخص مشهور مثله.
فتراجع بول في مقعده :
- لا يقوم السيد أدجلي بزيارة اجتماعية آنسة سامرز . أنه احد زبائننا وفي الواقع ، أن بين زبائننا أشخاصا مشهورين لذا أتمنى الا يتضرج وجهك كلما طلب أحدهم موعدا.
فتصلبت . إنه يسخر منها ، وكأنما خاب أمله عندما رأى أن امرأة بهذه البشاعه معجبه بنجم سينمائي وسيم . أجابته بهدوء بارد:
أنا لست من الصنف الذي يهمل واجبه لأي سبب من الأسباب وأؤكد لك أنني لن اتصرف بطريقة قد تحرج المؤسسة أو الزبون.
هبت باميلا من الكرسي وتوجهت الى الباب متشنجه . جلست وراء مكتبها ثم راحت ستجمع رباطة جأشها قبل ان تتحدث الى السيدة تاوتسند طلبا لحجز طاولة في المطعم للسيد بول غراينجر .
يا لجرأة هذا الرجل ! يتوقع منها التصرف وكـأنها آلة فولاذية؟
ألا يمكن لأي كان أن يتأثر حين يرى نجما سينمائياَ ؟
لا ....بول غراينجر لا يؤثر فيه أحد. إن له في مضمار عمله مركزا مرموقا لذا يسعى اليه النجوم السينما والسيايون ليدير لهم شؤونهم المالية ...
وعلى الارجح لن يتأثر ولو بشخصية ملكية .
ولذلك يتوقع منها أن تتصرف ببرود مثله فلقد قيل لها أنها ما استخدمت في هذه الوظيفة الا لرزانتها ورصانتها .
حريّ بها ان أرادت الاستمرار في هذه الوظيفة ، أ ن تجعل مشاعرها الداخلية منسجمه مع مظهرها الخارجي الذي ابتدعته بكل عناية.
سحبت نفسا عميقا ثم ادرات مقعدها نحو الهاتف لتتصل بالسيدة تاوتسند.
كانت ترجع السماعة الى مكانها بعد اتصالها بالمطعم حينما دخل تالبوت أجلي ..فحضرت باميلا نفسها لتتصرف بهدوء.
- سيد أدجلي ، السيد غراينجر بانتظارك . رجاء انتظر لحظة حتى اعلمه بوجودك.
سرعان ما خرج بول ليصافح تالبوت ادجلي .
- تالبوت ..ما اروع ان اراك ثانية ، تفضل بالدخول ، وسأخبرك بكافة التفاصيل المتعلقه بوضعك المالي حتى الساعة .
آنسة سامرز ليتك تعدين لنا القهوة. تالبوت يحبها دون السكر ، أليس كذلك؟
-صحيح بول .
وضحكا قبل ان يغلق بول الباب وراءهما . اما باميلا فاتجهت حتى تعد القهوة .
كانت مهم سهلة لانهما يتناولان القهوة دون سكر.
دقت الباب بنعومة وادخلت القهوة الى المكتب . قدمتها أولا الى تالبوت أدجلي . فلم تستطع الا ان تلاحظ كيف نظر الى وجهها ومنه الى يدها قبل ان تعود عينها الى وجهها .
ثم طافتا على جسدها كله وهي تتحرك لتقدم االى بول فنجانه.
تورد وجهها بطريقة لم تستطع السيطرة عليها . فكان لسوء حظها ان رفع بول نظرة في الوقت المناسب فرأى النار منتشرة في وجهها ، فحدجها بنظرة ازدراء ، و كأنها خيبت أمله بتصرفها الطفولي .
فاستقامت باميلا ورفعت كتفيها ، ثم قالت بلهجة حذرة.
- أهناك شيء آخر سيد غراينجر ؟
- لا ، في الوقت الحاضر آنسة سامرز ...لا أريد ان يزعجنا أحد ، سأتصل بكِ إذا احتجتك.
خيم الصمت على الغرفة حينما كانت اميلا تغادر الغرفة.
جلست وراء مكتبها منزعجه من نفسها . ماذا حل بها؟؟

لقد حظيت أخيرا بالفرصة التي كانت تنتظرها ، وها هي مقدمة على فقدها بسبب تصرفاتها السخيفة الطفولية . لماذا تفعل هكذا .؟
ربما بيرل على حق ..ربما ليس مقدر لها ان تكون امرأة أعمال ناجحه أنها تتصرف بطيش كأي فتاة أخرى من اللواتي عملن لدى بول غراينجر ..ما هذه الورطة التي زجت نفسها بها؟
بعد بضع ساعات اتصل بها عبر الهاتف الداخلي :
- آنسة ياسامرز هل حجزت لنا طاولة للغداء ؟ نحن على أهب الاستعداد للخروج.
- أجل سيد غراينجر ، يتوقعون في المطعم وصولك في الثانية عشر والنصف.
سأتصل لأخبرهم باقتراب الموعد.
كانت تتحدث هاتفيا عندما التفتت فوجدت عيني أدجلي تحدقان في وجهها ..كانت لحسن الحظ قد استطاعت السيطرة بعض الشيء على نفسها .
فتمكنت من منع الاحمرار قبل ان يغزو جسدها .
وابتسمت برقة له وهي تغلق السماعة:
- أهناك ما استطيع مساعدتك فيه سيد أدجلي؟
- لا ..في الواقع.
جلس على حافة مكتبها ليمعن النظر في وجهها من جديد:
- كنت أتساءل فقط عما يجعل شابة جذابه مثلك ترتدي هذا الزي العتيق.
وهذة الثياب المزرية وتضع ماكياج خاص بالمسارح على وجهها في مكتب عمل كهذا؟
شغلت باميلا نفسها ببعض الأوراق.
- لا أعرف عما تتحدث سدي أدجلي.
- أوه .. أظنك تعرفين تماما آنسة سامرز . لكنك لا ترغبين في إطلاعي على سرك . حسنا دعيني أحذرك أنا رجل لجوج ، ولن يطمئن لي بال قبل أت أستخرج السر منك.
خرج بول من مكتبة ، يدس ذراعية في كمي سترته الفاخرة:
- تعال تالبوت ، لا تضيع أفضل ما لديك من وسائل الإغراء هباءَ على الأنسة سامرز.
وفرها للفتيات المغريات اللواتي لا يفهمن شيئا.
لقد أمضيت زمنا طويلا حتى وجدت سكرتيرة يعتمد عليها مثل الآنسة سامرز .
ولن أسمح لك بتخويفها.
فابتسم أدجلي لباميلا:
- لا تشرحي لي ،، أظنني فهمت الموقف بابضبط ، يجب ان نرتب موعدا لنناقش هذا الامر ،
متى استطعنا أن نجلس على أنفراد .
نظر بول الى تالبوت وكأنه ينظر الى من فقد عقله:
- هاي تالبوت ..أنا عنيت ما قلته لك ، توقف عن أزعاج الآنسة سامرز بمزاحك..
أنها ليست من طرازك ، الا تصدق أن هناك نساء محصنات ضد سحرك؟
- اوه ..هيا بول ..أنت تعرف كم يروقني التحدي .زأعتقد أنني سأتعرف أكثر عن أسنانه وهز رأسه:
- تالبوت ، أنت رجل لا يمكن تشجيعه على شيء ..أيجب أن تقوم بالتمثيل على امرأة تصادفها في طريقك؟
التفت تالبوت الى باميلا يغمزها بعينيه :
- هل تعرف يا بول أن ألد الأطباق احيانا تأتيك في غلاف لا يثير الاهتام .
يجب أن تخترق الغلاق فتصل الى الجدوى الكامنه في الداخل . هل تفهم ما أعني؟
ولحق ببول تاركا باميلا تحترق ببطء وراء مكتبها ..كانت تعض على شفتها عندما دخل تود :
- ماذا حدث لك ؟ ترتجفين كورقة الشجر.
- كان تالبوت أدجلي هنا منذ برهه ،و أظنني توترت بسبب قربي من ممثل شهير مثله .
لا أعرف ماذا دهاني ، فلا أنزعج عاده بسهولة.
فابتسم الفتى :
- يجب أن تعتادي على القرب من المشاهير .
فزبائن السيد غراينجر مزيج من علية القوم ومالمشاهير في عالم الرياضة والتمثيل .
أتعلمين أنه استطاع استثمار أموال بعض الكليات؟
-أعلم . واظنه انزعج من ردة فعلي إزاء السيد أدجلي .
إنه يتوقع مني أن اكون تمثالا ، خاليا من المشاعر لئلا يؤثر في ما أراه في هذا المكتب.
- آه نعم، أنه أيرد شخص عرفته ، قراراته مبنية على الوقائع والارقام ، والسيدة تاوتسند مثله تماما . أظن أنهما اختاراك لأنهما أعتقدا أنك تشبيهينهما .
انفتح الباب الداخلي الآخر ، ودخلت السيدة تاوتسند التي نظرت الى الفتى ببرود:
- أليس لديك واجبات تقوم بها تود؟
غمز تود باميلا غمزة سريعه قبل ان يختفي . فقالت السيدة تاوتسند متوترة:
- كان يجب أن أحذرك من تود .. أنه ناقل الإشاعات في المكتب . لو كنت مكانك لما أصيغت له . كيف كان صباحك؟
- بدأت أتعلم . لكنني على ما أعتقد خيبت أمل السيد غراينجر قليلا عندما كان السيد أدجلي هنا.
فهي المرة الأولى التي أقابل فيها رجلا شهيرا مثله .لذا ارتبكت قليلا.
لم تنزعج السيدة تاوتسند من أعتراف باميلا:
- أفهم تماما عدم ارتياحك عزيزتي . كان يجب أن نهيئك نفسيا قبل ان تتعرفي الى هؤلاء القوم ممن سترينهم في المكتب.
فمقابلة أمثالة على غير توقع يوتر أعصاب أيه امرأة ..
حتى امرأة رصينة مثلي أو مثلك.
أحست باميلا بأعصابها تثور من جراء هذه المقارنه بينها وبين السيدة تاوتسند ..
لماذا تظن هذه المرأة أننا من القماش ذاته؟
ألهذا أستخدمتني ؟ فأجابتها:
- أجل ..أنا واثقه أنني بعدما هيأت نفسي لن أتأثر بمثل هذه المقابلات.
فأبتسمت السيدة تاوتسند :
- أنا واثقه من قدرتك في السيطرة على أي موقف ، لهذا أوصيت بك لتولي هذة الوظيفة على كل ، جئت أسألك إذا كنت
مشغولة وقت الغداء ، فلدينا ساعة كاملة . وظنت أنك قد تتمتعين بالغداء في مطعم قريب يقدم أفخر المأكولات.
لم تجد طريقة مؤدبة للرفض فكان أن خرجت المرأتان .
ولكن الغداء مع السيدة تاوتسند كان تجربة قاسية . لذا تنفست باميلا الصعداء حالما عادت الى مكتبها الذي ما يزال شاغرا من رئيسة .
اغتنمت الفرصة لتتأمل مظهرها ، ولتستجمع أفكارها . فقد أمضت السيدة وتاوتسند معظم وقت الغداء تبحث في حياة باميلا
الخاصة . وكأنها كانت تحاول اكتشاف أكبر قدر ممكن من المعلومات عن ماضيها .
وقد بذلت باميلا جهدها لتغير دفة الحديث .
ومع ذلك وجدت الأمر مثيرا للأعصاب ، فصممت في المستقبل على تجنب السيدة ما وسعها الى ذلك سيبلا.
عندما عاد بول وتالبةت من الغداء كان الوقت متأخرا بعد الظهر .
فتح بول باب مكتبه منتظرا من الرجل الأخر الدخول .
لكن تالبوت جلس على حافة مكتب باميلا قائلا:
- أدخل يابول ، فأنا أسعد من أن أفكر في العمل ، أريد معرفة المزيد عن سكرتيرتك المغوية هذه.
ترك بول الباب ودنا من تالبوت ليمسك ذراعه . فلاحظت باميلا أن بول على الرغم من شهرة تالبوت ونجوميته هو المسيطر.
أذهلتها نظرية الفولاذية وصوته البارد :
- فلنذهب تالبوت ..عنيت ما قلت عن الآنسة سامرز ، فدعها وشأنها .
ثم قاد تالبوت الى كتبة دون أن ينظر الى باميلا . بعد برهة قصير عاد الى مكتب الخارجي .
- أعتذر من تصرفاته آنسة سامرز . لعله لم يزعجك كثيرا . إنه لا يقصد الضرر .
لا افهم ما يدفعه الى أزعاجك . إنه يحب مغازلة فتيات المكتب الشابات .
ولكنه لم يحاول مرة التلاعب مع السيدة تاوتسند .
وأنت بالتأكيد تشبهينها أكثر من أي فتاة أخرى .
فردت باميلا:
- أرجوك ، لا تفكر في الأمر . أنه يحاول أن يكون لطيفا ليشعرني بأنني جذابة ..
أنا أعرف مركزي ، لذا لن أترنج أمام تصرفاته الناعمه.
- أنا مسرور بهذا يا آنسة سامرز . ولا استطيع أن أصف لك مدى راحتي بسبب وجود شخص صادق متقعل في مكتبي .
ما اعتقدت أنني سأجد من يحل محل السيدة تاوتسند حتى جئت أنت.
ارتجفت باميلا عند ذكر صدقها ..فهل هناك ما هو أعظم كذبا وأشد خداعا من التمثيلية التي تقوم بها.؟
ماذا سيظن بول بها لو أكتشف هويتها الحقيقية ؟
والى أي مدى قد يذهب تالبوت أدجلي في محاولة أكتشاف ما يختبئ وراء الماكياج والثياب العتيقه؟
جذبها صوت بول الهادئ ، الى الحاضر:
- هل تلقيت رسائل او مخابرات أثناء غيابي ؟
ناولته كومة من أوراق الرسائل الهاتفيه وقالت:
- دعني السيدة تاوتسند لماشاركتها الغداء فكان ان استلمت موزعة الهاتف بعض الرسائل أثناء غيابي .
سأتحقق من الرسائل قبل أن أقدمها لك.
ألقى بول نظرة على الرسائل :
- شطرا لك آنسة سامرز . كل شيء واضح .لدي بعض الرسائل أمليها عليك.
وحسبما أرى ،سيبقى تالبوت في مكتبي ما تبقى من هذا اليوم . لذا سأجلس معك على كرسي للبدء بالعمل هنا.
أمضت باميلا بعد الظهر في كتابة الرسائل ، وقد بقى بول معها حتى انتهى فتركها تطبع الرسائل ، وتوجه الى مكتبة ، فنظرت الى ساعتها ، أنها الخامسة الآن .
فلو وقع هذه الرسائل لحملتها الى غرفة البريد في الوقت المحدد قبل أن تخرج إخر بريد من الشركة.
طرقت الباب بخفه، وعندما أجاب دخلت . نظرت الى الاريكه فوجدت تالبوت ممددا عليها يغط في نوم عميق .
سألها بول:
- ماذا تريدين آنسة سامرز ؟
أعطته الرسائل . فلامست أصابعة التي شعرت وكأن قطعة حديدية
ساخنة قد مستها. نظر الي يدها قليلا وهي تسحبها ، ثم رفع نظرة الى وجهها .
فألتقت عيناه بعينيها وابتسم بحيرة:
- لا تخافي يديك ’نسة سامرز ..انهما جذابتان حقا ، بل تبدوان في الواقع كيدي فتاة شابة .
من الواضح أنك لم تقومي بأعمال يدوية بهما ، ولا سبب يدعوك للخجل بهما .
وترت نظرته أعصاب باميلا ولكن تحرك تالبوت على الاريكة أنقذتها من الاحراج ..سمعته يقول :
- ألم أقل لك إن الآنسة سامرز مليئة بالمفاجئات المخبأة فيداها ناعمتان فتيتان ، ساقاها مديدتان رائعتان . وأعتقد أنها مثاليه في دور المتنكرة.أتريد أن تجرب بول ؟
- أرى أنك قررت العودة الى عالم الاحياء . ومازالت على ما أنت عليه.
فما أن صحوت حتى نطقت بكلمات تتعلق بالجنس الأخر . ألم أقل لك أن الآنسة سامرز بعيدة عن مرمى يدك؟
- حسنا ..إذا كان هذا هو شعورك الحقيقي . ولكنني أظنك تفقد فرصة العمر . والآن أتسمح الآنسة الغامضة أن تجلب لي فنجان قهوة مرة.
وسأكون لك من الشاكرين؟
كانت باميلا تتوق الى عذر لتغادر الغرفة فكان ان تركتها بسرعه.
وفي الخارج وبينما هي تصب القهوة ، حاولت السيطرة على نفسها . عندما أنهت ما في يدها سحب نفسا عميقا ثم رفعت كتفيها .
وجعدت بتعبير رصين . وعادت الى المكتب . ابتسم لها تالبوت ابتسامه غامضة قبل ان يتناول الفنجان من يدها المرتجفه.
فاستدارت بسرعة الى طاولة بول وراحت تراقبه حتى انهى توقيه آخر رسالة.
- وقعت الرسائل جميعها آنسة سامرز . حالما تسلمينها لتود توجهي الى منزلك . فلا أظن أن لدي عملا آخر يتطلب أهتمامك العاجل .
هزت باميلا رأسها وهي تحس بالراحة لتمكنها من الابتعاد عن تالبوت أدجلي وعينيه الثاقبتين . ثم أن عليها التوجه الى المعهد المسائي.
كان المعهد المسائي أمرا مرهقا لها . لذا شعرت بتعب شديد عندما عادت الى شقتها ..صاحت بيرل من المطبخ:
- أهذه أنت يام ؟ تعالي الى المطبخ ..يا إلهي ..منظرك سخيف ..اذهبي واغسلي هذا الماكياج عن وجهك..أظنك ستنهارين بسببه ..لماذا لم تغسليه قبل ذهابك الى المعهد ؟
دخلت باميلا الحمام حيث راحت تمسح الماكياج عن وجهها :
- تأخرت في الوصول الى الصف ، فلم يتسن لي الوقت لأزيله . لكنك على حق . بدأت بشرتي تزعجني.
ارتدت روبا قطنيا طويلا ، ثم جلست الى الطاولة مقابل بيرل لتمد يدها الى السندويشات الجاهزة على الطاولة.
- شكرا بيرل ،أنا متعبة جداً ،وأشك في قدرتي على تحضير أي طعام.
- تسرني صحبتك بام ، كنت أتمرن على دوري في مسرحية جديدة تبدأ الخريف ، بطلها تالبوت أدجلي .أنها تجربته الأولى في المسرح ولكنني واثقه من نجاحها نجاحا ساحقا. أنها فرصتي التي كنت أترقبها.
فقالت باميلا من غير تفكير.
- ألهذا هو هنا الآن ؟
- لهذا من هنا؟ عمن تتحدثين باميلا؟
- عن تالبوت أدجلي ..مان في مكتبنا اليوم ..فبول يتولى أمورة المالية.
- كان تالبوت أدجلي عندكم في المكتب ؟ كلمته حقا؟
باميلا ردي علي!
أجل كلمته ...تقريبا.
لمعت عينا بيرل:
- بام ..أنت تعرفينه ؟ أرجوك حدثيه عني أذن ؟ أعلم أنني قد أقوم بدور أفضل لو لاحظ وجودي.
أنت تعرفين ما يحدث في مثل هذه المسرحيات ..هناك الكثير من الفتيات الجميلات ، لكن لن ينظر إلي تالبوت أدجلي فإني واثقه بأنني سأكون أوفر حظا .
يجب أن تساعديني بام ..أرجوك!
- لا أدري ما يمكنني فعله بيرل ،فأنا لا أكاد أعرف الرجل .
فلست بالنسبة له إلا سكرتيرة بول غراينجر فقط . مع أنني أظنه يشك فيّ بسبب هذا الماكياج .
ولا أستطيع المخاطرة بأن يكتشف حقيقتي.
رفضت بيل التراجع:
- أنظري ..الا يمكن أن التقي بك للغداء .أو أي شيء من هذا القبيل؟
أعني أليس هناك طريقة لتقدميني له ، أو لتمرير كلمة طبية عني؟
- يا إلهي بيرل ..لا أعرف ما يمكنني عمله .فلا أظن أن السيد أدجلي آتِ الى المكتب غداَ.
ولو حاولت التكلم التفكير بالأمر مع السيد غراينجر لطردني .
أنما أعدك ، سأحاول التفكير في أمر ما وسأساعدك إذا استطعت ..
أنت أفضل صديقة عندي بيرل وتعلمين أنني أفعل ما أستطيع لمساعدتك.


نهايه الفصل الثانى

صـ ـدى‘آلآهـ ـآت 02-18-2012 01:03 AM

3- ماذا افعل ؟



وصلت باميلا باكرا الى المكتب في اليوم التالي وبما ان البريد لم يكن قد وصل بعد لم تجد ما تفعله الا الجلوس ضجرة تنتظر رنين الهاتف اخرجت كتابها وبدأت تقرأ درسها التالي .
كانت غارقة في محاولة فهم مادة تقنية عويصة عندما انفتح باب المكتب الخارجي فرفعت نظرها متوقعه رؤية تود او السيدة تاونسند ولكن صوت بول العميق حياها :
- صباح الخير آنسة سامرز .. انت مبكرة في الحضور اليس كذلك ؟
- احب الحضور باكرا بأنه يمهلني الوقت لأنظم عملي . اظنك بكرت انت ايضا اليوم فقد قالت السيده تاوتسند انك لا تصل عادة قبل العاشرة الا ربع .
- هذا صحيح لكن عندما قبلت بك موظفة عندي اذا كنت تذكرين ذكرت ان عملنا لا وقت محدد له واننا نعمل حسبما تقتضي الحاجه . لماذا تقرنين هذا الكتاب التحليلي ؟ انه تقني عويص اتفهمين ما تقرأينه ؟
- ليس كل ما اقرأه افهمه , اجد بعضه عويصا عندما اقرأه للمرة الاولى ولكنني اتلقى دروسا في هذا الموضوع وسأفهمه اكثر بعد ان يشرح لنا الاستاذ في الصف .
رفع بول رأسه وضاقت عيناه :
- انها معلومات دقيقة اليس كذلك ؟ منذ متى تتلقين دروسا وماهي نواياك المهنية ؟
فكرت باميلا مليا قبل ان ترد .. هذه هي فرصتها لتبوح له بما تطمح اليه من المضمار المالي .وان اختارت كلماتها بدقه نجعله يدرك انها تريد من الحاية اكثر من وظيفة سكرتيرة لذا لن تضيع هذه الفرصة الثمينه لتعلن نواياها :
- بدأت الدروس منذ قدمت لندن أي منذ سنتين اود في النهاية العمل في التخطيط والتحليل المالي . وكلي امل ان انتقل من وظيفة السكرتارية بعد انهاء الدروس .
- عظيم انسه سامرز ازداد تأثرا بمواهبك كلما تعرفت اليك اسمعي يا آنسة لقد درست التحليل السكرتاري على يد مؤلف هذا الكتاب عندما كنت في جامعة اوكسفورد ادرس ادارة الاعمال وسأكون سعيدا بشرح ما استعصى عليك فهمه .
توجه الى مكتبه ثم التفت اليها مبتسما :
- يجب ان اقول انني غير سعيده بفكرة خسارة سكرتيرة كفوءة فقد امضيت وقتا طويلا حتى وجدتك ربما نستطيع ترقيتك الى مساعده شخصية لي لنبقي على قدراتك معنا , يجب ان نجلس معا لتباحث الموضوع يوما ما على اية حال اليوم يوم عمل شاق فأسعار الفضة تتقلب في بورصة نيويورك ولدي عدة زبائن قد يهتمون بالشراء اذا انخفض السعر . اتصلي بوكيلنا في نيويورك لأتباحث معه الموقف .
اتمت باميلا الاتصال الدولي وما كادت تعيد السماعه مكانها حتى عاد الهاتف الى الرنين . اجابت فاذا بها تتعرف الى صوت بيرل :
- بام , هل وجدت فرصة مناسبة للتحدث الى نالبوت ادجلي ؟
- بيرل أأنت مجنونه ؟ الساعه لا تتجاوز الـ8,30 واشك في انه قد خرج من سريره بعد... ثم ان اشراك الزبائن في امور شخصية امر ممنوع .
- حسنا .. لكن ان استطعت اكن لك شاكرة .. الامر مهم جدا بالنسبة لي .. سأخرج من المنزل الآن اريد الوصول باكرا حتى تتاح لي فرصة تقويم منافستي .
- حظا سعيدا بيرل .. ان استطعت فعل شيء اقم به .
ورن الهاتف الداخلي فور اقفالها الخط كذلك فردت على بول .
- ارجو ان تدخلي الى مكتبي لدي ما يتطلب اهتمامك العاجل .
كان على مكتبه اكوام من الاوراق المبعثرة وكان يتحدث هاتفيا فأشار بالجلوس ثم غطى السماعه بيده ليعطيها ورقة :
- اتصلي بالاشخاص المدونه اسماؤهم هنا اعطيهم سعر الفضة الحالي واسأليهم ان كانوا يريدون شراء كمية ما لهم , ثم راجعيني حالما يوافق احدهم .
واشار اليها بالخروج ثم تابع حديثه الهاتفي .
امضاي النهار بطوله وكل منهما وراء مكتبه وقد بقيت باميلا مشغولة تنفذ المهام التي يطلبها منها بول الذي كان مشغولا دائما على الهاتف يراجع الاسعار ويبت في المشتريات والمبيعات
وعند الـ12 ظهرا اتصلت باميلا لإحضار السندويشات فتناول كل منهما طعامه على مكتبه وتابعا العمل بكد حتى الـ 8 مساء حيث ادركت انها فوتت على نفسها الصف الليلي ولكنها تجاهلت الامر
لأنها وجدت نفسها ستتعلم من عملها الحالي اكثر مما ستتلقاه في العهد .
اطلقت تنهيده ثقيلة وهي تكدس رزمة الاوراق فوق مكتبها .وابتسمت لنفسها مفكرة كم كان هذا الصابح مخادعا بهدوئه .. ثم وقفت تقرع باب بول بخفه .
كان يسند رأسه الى ظهر مقعده ويداه معقودتان بارتياح خلف رأسه وابتسامة رضى ترتسم على شفتيه مما جعل مظهره يختلف تماما عن تلك الآلة الديناميكية غير السالبه التي كانت تعمل معها طوال النهار .
استوى في جلسته ووضع يديه على الطاولة :
- حسنا انسة سامرز . لقد كان يومنا من انجح الايام .. مؤسسة غراينجر جلبت ثروة لبعض زبائنها ولهذا بالطبع يشفعون لنا انا مقدر لك المساعده التي قدمتها .. لقد عملت حتى وقت الغداء وهاهي الساعة الآن الـ8 ولم تتناولي العشاء بعد . هل لديك مواعيد هذه الامسية ؟
أبتسمت باميلا :
- حسنا ... كان لدي دروس في الـ6,30 ولكنني تعلمت هنا عن الصفقات المالية في يوم واحد اكثر مما سأتعلمه في المعهد في شهر واحد .
- اتقصدين انك مازلت تجهلين امورا كثيرة؟ لقد توليت أمركل شيء اليوم بمنتهى الدقة حتى اصبحت أؤمن ان ما من شيء لا تصل اليه قدراتك وبما انك لم تتغدي ولم تتعشي وبما انك خسرت دروسك بسببي اراني مجبرا على ان اعوض عليك لذا, ادعوك للعشاء , واثناء العشاء سأشرح لك تعقدات الميزانية العامه لئلا يفوتك شيء من الدروس .
تورد وجه باميلا ولكنها تتوق للعودة الى المنزل لتنظف وجهها من الماكياج الذي اخذ يؤلم بشرتها .
- لا حاجة الى دعوتي سيد غراينجر, كنت اقوم بواجبي فقط , سبق ان قلت لقد تعلمت اليوم اكثر مما تعلمته في المدرسة .
فأبتسم لها :
- لكني مصر على اصطحابي للعشاء ,كي أريد معلوماتك في حقل الاقتصاد , والآن اذهبي ورتبي نفسك بينما اقوم بحجز الطاولة . لااريد احتجاجا آخر مفهوم ؟ عندما تمضين معي في العمل فترة اطول ستعرفين انني اصر دائما على ما اريد .
فأبتسمت بايلا وخرجت الى مكتبها ان الترتيب الوحيد الذي ارغب فيه الآن هو ازالة هذا الماكياج عن وجهها وخلع هذه الملابس الثقيلة الوطأة على نفسها .
لم يكن لديها رغبة في ان يراها احد علنا في هذا الزي المخيف لكن ما من طريقة للتخلص منها ما دامت برفقة بول . لقد علقت تماما في فخ نصبته لنفسها واملها الوحيد ان ينهي بول العشاء بسرعه .
فهي واثقة من رغبته في الابتعاد عنها بأسرع وقت ممكن وهو ما دعاها الى العشاء .
عندما عادت الى مكتبها من الحمام كان بول يجلس على حافة مكتبها منتظرا :
- كل شيء على ما يرام حجزت طاولة في مطعم فرنسي يطل على المسرح المكشوف في اريجنت بارك !وهو ملتقى مشاهير الممثلين فيه سنتمكن من العشاء براحة وهدوء .
قاد السيارة ببطء في شارع البورصة الهجور في مثل هذه الساعه :
غريب كيف يموت هذا المكان كل مساء يكسب الناس المال هنا ولكنهم يصرفونه في اماكن اخرى بعد الظلام .
عندما اقتربا من منطقة المسارح رات انوارها تضيء عتمة المساء وكأنها شمس اصطناعية .
أوقف بول السيارة امام واجهة مطعم فاخر تضيئه انوار زرقاء , وسارع حارس الباب لفتح باب بميلا فأعطاه بول مفاتيح السيارة ليبعدها عن المدخل .
حيا الحارس والسائق الرديف بول بأسمه فتبين لباميلا انه زبون دائم .
نظر رئيس الخدم الى باميلا بفضول ثم حيا بول بأبتسامة حارة :
- تسرني رؤيتكسيد غراينجر.. طاولتك جاهزة .
- شكرا لك . همفري أقدم لك الآنسة سامرز سكرتيرتي .
ابتسمت باميلا لهمفري فلاحظت وميض التفهم على وجهه .. فقد اقتنع انها ليست سوى موظفة وقال له :
- دهشت لأنني لم اشاهدك مع الآنسة هاليداي . ولكنني فهمت الآن .
- لقد سافرت الآنسة هاليدي الى فرنسا لذلك ستراني وحديا بضعة اسابيع . اتصورني مضطر الى الاعتياد على حياة الوحده والعزوبية . انت تعلم كم اكره الاكل وحدي لذا انا شار للآنسة سامرز قبولها دعوتي الليلة.
رفض بول لائحة الطعام قائلا :
- قدم لنا كأسين من العصير , وان كانت الآنسة سامرز تثق بحكمي أطلب العشاء بنفسي .
هزت باميلا رأسها شاكرة يجب عليها الا تقوم بأي مجهود فبشرة وجهها تؤلمها بشكل فضيع والنظارة تزداد ثقلا , راحت تدعو ربها حتى تنتهي هذه الامسية بسرعة .
فجأة سمعت صوتا مألوفا لديها :
- بول غراينجر.. تصور ان نلتقي هنا , ومع السكرتيرة المفضلة عندي سمعت انني كسبت ثروة هائلة في سوق الفضة اليوم ألهذا تحتفلان؟
- ابدا تالبوت ... فقد عملت والآنسة طوال اليوم بكد حتى نسينا ان نأكل, اضف الى هذا ان الآنسة لم تستطع للسبب نفسه الذهاب الى المعهد فكان ان قررت اننا نستحق عشاء مريحا, فاصطحبتها الى هذا المكان . والآن توجه الى طاولتك لننهي العصير ونطلب العشاء .
- ابدا لن اسمح بهذا ! بما انكما تعبتما من اجل ان تزيدا كمية الذهب في حسابي فأقل ما يمكن فعله هو تقديم العشاء لكما , ذهبت رفيقتي الجميلة لتصلح زينتها وستعود قريبا وعندا نتمتع جميعا بعشاء لذيذ.
اشار الى همفري ليضيف مقعدين أخرين الى الطاولة جلس الى جانب باميلا وعندئذ علمت يقينا ان لا شيء قد يزيدها انزعاجا اكثر من جلوسه قربها .
وقف بول وتالبوت ليحييا رفيقة الممثل فشهقت باميلا عندما قام تالوت بتقديم الفتاة :
- بول , اود ان اعرفك الى بيرل دورمن اخر اكتشافاتي .
وابتسم في وجه باميلا المذهولة :
- اعتقد انك تعرفين الآنسة دورمن.
نظرت باميلا الى بيرل التي بدت مصعوقة مثلها ولكن تدريبها المهني في حفل التمثيل اعاد الى وجهها صفاءه بسرعه فهزت رأسها لباميلا مشيرة الى سيطرتها على الموقف .
جلست بيرل على كرسيها تبتسم برقة للرجلين ثم قالت بصوتها الرخيم :
- تصوري دهشتي هذا الصباح عندما وصلت باكرا الى المسرح فوجدت وانا احدث تالبوت حديثا عابرا انه يعرف شريكتي في السكن .
- فدهش بول :
- انت والآنسة سامرز تتشاطران منزلا واحدا ؟
ارتد تالبوت في كرسية ضاحكا :
- اجل .. تصور كم دهشت عندما قالت بيرل ان لنا صديقا مشتركا .. مع انني يجب ان اعترف انني لم ادهش نصف دهشتك الآن . ماذا دهاك بول ؟ الا توافق الوقائع مع الارقام ؟
بدا الانزعاج على وجه بول بسبب هذه الفاجأة :
- من الطبيعي ان ادهش عندما اجد ان صديقة احد زبائني هي زميلة سكرتيرتي في السكن . يجب ان تعترف ان الصدفة مدهشة .
فأبتسم تالبوت لبول وهو ينظر اليه نظرة الرجل الذي يعرف سرا لن يشاطره اياه :
- لا ادري لماذا يدهشك الأمر . ليس في مشاطرة فتاتين جميلتين شقة واحده ماهو غير عادي .
استرد بول رباطة جأشه من الصدمة الاولى وقرر الا يستسلم :
- انا مدرك تماما مدى سحر ضيفتي فقد امضيت الساعات الـ12 برفقتها . وها انا الآن ارى ان الآنسة دورمن ساحرة ايضا لذا يسرني ان اعلم انهما زميلتان والآن ان كنت لا تمانع اريد ان اطلب العشاء لقد وعدت الآنسة سامرز بعشاء هادئ ولكنها لم تحصل عليه بعد . سأطلب العشاء لي وللآنسة فهل تود ان اطلبه لكما ؟
نظر تالبوت الى بيرل التي ابتسمت موافقه وقالت:
- ان هذا دون ريب سيكون رائعا سيد غراينجر . ارجوك نادني بيرل .
كان بول يحدق في وجه باميلا عندما كانت تنهي تناول الحلوى المشبعة بالشوكولا مع فنجان القهوة المرة :
- آنسة سامرز ... لقد جعلتني اح ان مالي لم يذهب سدى .. فلا استطيع ان اصف لك كم اكره ان ادفع ثمن طعام ثم يعود الى المطبخ كما هو .
رفع تالبوت حاجبيه :
- اوافقك الرأي بول , باميلا جوهرة بين النساء ... ستكون غبيا ان تركتها تفلت من يدك العشاء على حسابي لذا يجب ان تعتبر ان مالي لم يذهب هدرا .
- شكرا لك تالبوت , لقد كنت مضيفا كريما وبما انه لدينا غدا عمل شاق فيستحسن ان نترككما فأنتم الممثلون تنامون حتى الظهر اما البورصة فتفتح في العاشرة ويجب ان نستيقظ ابكر من هذا الوقت بكثير .
امسك بكرسي باميلا وهي تقف ثم ابتسم لبيرل قائلا :
- يسرني التعرف اليك بيرل وانا واثق اننا سنتقابل فيما بعد .
وضع يده على خصر باميلا التي كانت تلقي بدورها التحيه واقتادها بحزم نحو الباب ومنه الى السيارة التي سارع حارس الباب بأحضارها لهما .
استدار اليها وهو خلف المقود متسائلا :
- اتشعرين برغبة في نزهة للأسترخاء , ام تودين العودة الى المنزل ؟
عضت باميلا على شفتها بتوتر فإن لم تغمر جسدها بماء ساخن حالا ستنهار تماما . وعندها لن يلزم بول غراينجر سوى تشجيع بسيط لتعترف له بكل تنكرها البغيض .
رامية نفسها تحت رحمته .. لا تشك ابدا في ردة فعل رجل المال الجبار عندما يجد نفسه ضحية لخداعها ... لدذا اخفضت رأسها وقالت :
- انا متعبة حقا . كان اليوم كله تجربة مرهقة لي , واعتقد انني لا استطيع الانتظار حتى اعود الى المنزل لأسترخي في مغطس ماء حار .
- رغباتك اوامر , فلا تعتذري على كل ادين لك بدرس عن الميزانية ولكننا سنؤجله حتى تكوني انشط ذهنا . اعطيني التعليمات لتحملك مركبتي السحرية الى منزلك في لمح البصر .
اعطته العنوان وما هي الا فترة قصيرة حتى كان يوقف السيارة امام المبنى . فشكرته للعشاء وتهيأت للترجل من السيارة لكنه اشار اليها بالبقاء , واستدار ليفتح لها الباب ثم لحق بها الى المبني :
- ارجوك لا تزعج نفسك ,, ساكون بخير فانا معتاده على العوده وحدي من المعهد ليلا . سترتكب مخالفة ان اوقفت السيارة في هذا المكان المحظر .
- هراء! لن ارتكك تدخلين منزلك وحدك . ساوصلك حتى الباب اما أمر المخالفة فسأهتم بها .
لم تعرف كيف تجيبه اذ سرعان ما امسك يدها واخذ يمرر اصابعه على خطوط راحتها بخفة . انطلقت ارتعاشات رقيقة تتسابق في جسد باميلا وتدفع قلبها الى الخفقان بجنون فسحبت يدها بسرعه .
- تأخري ان شئت في القدوم الى المكتب غدا . فقد كان يوما متعبا وتستحقين بضع ساعات ليوم اضافية في الغد .
لوح لها مودعا واسرع يهبط الدرج .
اقفلت باميلا باب الشقه واسرعت الى غرفة النوم ترمي النظارة وتنوع ملابسها وتسرع الى الحمام لتفتح الماء على الحوض , ثم وقفت امام المرآة تزيل الكريم التنكري عن وجهها . حدقت الى بشرتها الملطفة بقلق فقد رات بشرتها الناعمة الرقيقة تتأثر بشكل قوي
ثم اقفلت الماء عن الحوض ووضعت املاحا معطرة ثم غمرت نفسها في اعماقه الحارة .
- خرجت من الحوض عندنا برد ماؤه فراحت تجفف جسدها بمنشفة سميكة , ثم ارتدت روبا قصيرا وخرجت الى غرفة الجلوس حيث جلست غير قادرة على الدرس
فالتعب قد اخذ منها مأخذه وهي الى ذلك متأثرة بأحداث اليوم لن تستطيع النوم فورا . لذا قررت ان تستلقي على الاريكة لتشاهد فيلما يعرض على التلفزيون .
كادت تغفو على الاريكة عندما احست ببيرل تضع المفتاح في قفل الباب ولكنها كانت متعبة نعسى , فبقيت على حالها تنتظر دخول بيرل .
دخلت بيرل الى غرفة الجلوس ولكنها لم تكن وحدها .. بل معها تالبوت الذي تسمر في مكانه ينظر الى باميلا ممدده على الاريكة قبل ان يطلق صفيرا منخفضا :
- انت حقا سندريلا !
جلست باميلا بسرعه واضعه مناقبها تحتها لتخفيها ولكن تالبوت غرق في مقعد ذي ذراعين ممددا قدميه امامه وكان الحرج الذي استولى عليها لم يترك فيه اثرا .
جلست بيرل على ذراع مقعده فلف ذراعه حول خصرها . قالت بيرل لباميلا بقلق :
- ارجوك لا تغضبي مني بام . اخبرت تالبوت كل يء عن تنكرك . كان يشك في امرك وانا اوضحت له الموقف فقط ارجوك بام .. لا تظهري هذه التعاسة لقد وعدني تالبوت بكتم السر فلا تقلقي , ما كنت لأخبره لولا ثقتي به تعرفين ان صداقتك عندي أثمن من كل شيء.
اصبحت تعابير تالبوت جاده :
- ما تقوله صحيح باميلا ..فلا يضلنك ما سمعته عني او ما رأيته مني من تصرفات امام بول . فما انا الا فتى ريفي صغير حصل على فرصته في عالم السينما . لكنني لم انس قط اصلي وايامي السعيدة التي قضيتها في موطني الذي اتوق للعودة اليه لأسكن في كوخي القديم المؤلف من غرف 3 ولأصطاد السمك والطيور .. لست معقدا كما يبدو لك لكنني ممثل بارع , احب ان امثل على بول انه الطف الناس الذين اعرفهم ولكنه مسقيم استقامه اكاد اجن منه . ولهذا كنت مسرورا لسماع خبر خداعك له .. ربما سيلين قليلا عندما يكتشف كم كان مخدوعا .
فشهقت باميلا :
- لا ! يجب ان لا يعرف فلن يسامحني على خداعي وفي الواقع اشعر بحزن فظيع بسبب ما فعلت .. عدني الا تخبره شيئا .
كان صوتها يتقلب بين الغضب والرغبة في البكاء .. فرق لها وجه تالبوت :
- هوني عليك باميلا . لن افعل ما يكدرك ابدا .
ثم رفع عينيه فاستقرتا على وجه بيرل التي كان يشد خصرها :
- وانا بكل تأكيد لن افعل ما يجعل بيرل تغضب مني . لن اقول شيئا لبول اذا لم ترغبي . لكنك لن تتمكني من تحمل هذا الماكياج طويلا ... انظري الى بشرتك التي بدأت تنهار .
كانت باميلا على وشك البكاء وهي تقول :
- لا ادري ماذا افعل فأنا احب عملي حقا فالعمل مع بول رائع . انه يعاملني كشخص له عقل يفكر لا كقطعة لحم فارغة الدماغ لكنني اعرف انني لن اتمكن من الاستمرار بوضع هذا الماكياج ولا ادري ماذا سيحدث عندما يعرف الحقيقة.
فتنهدت بيرل :
- اظنك تضخمين الامر . تالبوت موقن من تمسك بول بك . لذا لا تخشي شيئا فلن يصرفك من العمل عندما يعرف خاصة وان ما فعلته سببا وجيها , فلم يكن قصدك من هذا التنكر المزاح , وعليه انا متأكده من ان بول سيتفهم عذرك .
هزت باميلا رأسها بتعاسة :
- لا اظن هذا انه يضع الصدق في المرتبه الاولى . ولا اظنه سيتفهم خدعتي ابدا مهما كانت اسبابي وجيهة آه لا اعرف ماذا افعل .
- حسنا .. ثمة شيء واحد اكيد وهو انك لن تستطيعي المواظبة على وضع هذا الماكياج.. فقد ساءت حال بشرتك ولا احسبك تحتاجين الى المزيد من الماكياج لتزداد حالها سوءا ضعي فقط بعض المساحيق فوق الانتفاق الاصطناعي على انفك ودعي سائر وجهك دون اقل مسحوق فالنظارة والبشرة المبقعة تكفي لإظهار قباحتك .
هب تالبوت عن مقعده وضغط على كتفي بيرل :
- بيرل على حق باميلا .. ان اسوأ ما قد يحصل هو ان تفقدي وظيفتك . وان حدث ذلك استخدم معارفي لأجد لك وظيفة اخرى .. ساترككما الآن . اراك وقت الغداء غدا يا بيرل .
وصلت باميلا في الـ8 من صباح اليوم التالي فباشرت بترتيب الاوراق المبعثرة من جراء عمل الامس . ارادت ان يكون كل شيء في مكانه عندما يصل ليستطيع البدء بالعمل فورا .
كانت تفرق الطلبات حينما دخلت السيدة تاوتستد الى المكتب .
اعطت السيدة لباميلا بعض الاوراق لتعمل عليها ثم ارتدت على عقبيها ولكنها ترددت وكانها غير واثقة مما ستقوله :
- لا اعتقد ان الامر من شاني آنسة سامرز ولكنني لاحظت انك لا تضعين الماكياج الثقيل اليوم .
توقف قلب باميلا عن الخفقان وهي ترى يوم الحساب ينفتح امامها .. ولكن السيد اوتنسد اكملت بصوت متعاطف غير عادي :
- استطيع ان افهم لماذا تغطين بشرتك بغطاء كثيف من الماكياج , ولكنني آمل ان تدركي ان هذا غير ضروري في مركزك الحالي فالسيد غراينجر لم يستخدمك لمظهرك الجميل ,
فكما سبق ان قلت لك انه لا يؤمن بمزج العمل بالمتعه ولا تؤثر فيه جاذبية موظفاته لذا لا حاجه الى اخفاء بشرتك المسكينه تحت طبقة من الماكياج.
ارجو الا اكون قد اغضبتك او اهنتك فأنا اكره التباحث في الامور الشخصية في المكتب لكنني اريد منك ان تعرفي اننا مسرورون من عملك حتى باتت حقيقة مظهرك لا تهمنا .
وغادرت المكتب قبل ان تستعيد باميلا رشدها .
كان فم باميلا مفتوحا وعيناها متسعتان دهشة عندما انفتح فجأة الباب الذي ولج منه بول غراينجر حليق الذقن , تتصاعد منه رائحة كولونيا عطره .
- صباح الخير آنسة سامرز .
ونظر الى وجهها فعلمت انه لاحظ الفرق في مظهرها ولكنه كان اكثر تأدبا من ان يذكره دون ان يضيف كلمة واحده استدار بهدوء ليختفي في مكتبه .
مر اليوم بسرعه بحيث لم تع باميلا مرور الوقت عندما دخل بول مكتبها :
- انها الساعه الـ5 آنسة سامرز . ألأيس لديك دروس الليلة؟
- لا .... استطيع التاخر ان احتجتني .
- ليس ضروريا يبدو ان امامنا وقتا طويلا للراحه , وكنت افكر في ان أفي بوعدي لمساعدتك في دراستك وان اصطحبك الى العشاء سأكون سعيدا ان شرفتني الليلة.
فكرت باميلا في ان الوقت مناسب فسوزي كما قال في باريس , وهو يكره تناول العشاء وحيدا , لذا يرغب في ابفائها حقها من التكريم قبل عودة سوزي هزت رأسها موافقه .
فأبتسم بول بسعادة :
- جيد سأجري الترتيبات اللازمة للعشاء , سنخرج بعد قليل .
وعاد الى مكتبه .



نهايه الفصل الثالث

صـ ـدى‘آلآهـ ـآت 02-18-2012 01:04 AM

4- رجل لا يعرف الرحمة :


عاد بول مبتسما:
- حسنا كل شئ على ما يرام نحن أحرار في الخروج متى شئنا ..لا تنسي أن تحملي معك كتابك.
سحبت باميلا الكتاب من حقيبتها ورفعته ليراه بول.
جلست معه بهدوء وهو يقود السيارة بعيدا عن ضوضاء المدينة على محاذاة نهر التايمز .
فتساءلت الى أين يصطحبها ياترى؟
ربما الى مطعم فخم يقع خارج المدينة.
تقوقعت على نفسها وهي تفكر في أنها ستظهر ثانية أمام الجميلات في ثيابها المزرية المظهر.
ولكنها تعرف أنه لن يغير عاداته من أجلها.
تابع المسير حتى أصبحا في ضاحية بعيدة عن لندن.
وهناك انعطف بسيارته الى أقدم مجمع سكني في تلك المنطقة .
وهو مجمع لمشاهير سكان لندن فيه شقق للعديد منهم.
على الرغم من قدم المبنى ، إلا ان ثراء مالكيه جعلهم يحافظون عليه وكأنه مبني حديثا.
كان ديكور الشقق المنفصلة يجدد ليتلاءم مع حاجيات الساكنين ، وكذلك الحال بالنسبة للمساحات الخارجية
التي حافظت عليها وفرة المال.
تساءلت باميلا ماذا يفعلان هنا، فهي تشك في أن يكون في هذا البناء مطعم .
أوقف بول سيارته في موقف مرقم ، ودار حول السيارة ليفتح لها الباب:
- لقد جعلت طباختي تحضر لنا العشاء . فكرت في أننا هنا سنجد الراحة والهدوء اللذين يخولاننا الإقبال على الدرس بروية.
فأنا لا أعرف مطعما فيه الهدوء والإنارة الكافية لإتمام الدراسة.
عندما كان يقودها الى المصعد يضغط على الزر المشير الى الطابق الأخير ، فشرع المصعد في رحلته الطويلة البطيئة الى أعلى طابق في المبنى .
دخلا الى ردهة صغيرة أنيقه لها باب واحد .
جدرانها مكسوة بالحرير المذهب وأرضيتها ممتدة على هيئة قطع شطرنج .
كان في الردهة أثاث فرنسي أثري رفيع المستوى .
وهذا الأثاث مطلي بالعاجي الخفيف الذي يشوبه الورق الذهبي .
وضع بول يده على خصؤ باميلا ليقودها الى باب عاجي مذهب.
وما عي إلا لحظة حتى كانا دخلا الى غرفة الجلوس التي أحتلتها مدفأة فخمة محفورة في الجدار.
كانت الغرفة أيضا غنية بالنباتات الخضراء على الرغم من حرارة الصيف .
- سأعلم مدبرة المنزل بوصلنا . استريحي ، لن أتأخر.
توجهت باميلا الى صف من الأبواب الزجاجية المحكمة أقفالها للمحافظة على البرودة التي يؤمنها المكيف .
ولمنع حرارة شهر آب اللاهب من الوصول الى الغرف .
ولكن تلك الابواب الزجاجية المغلقة كانت تطل على منظر أشجار وزهور منزلية تملأ الشرفه الخارجية.
وكان وراء هذه الزهور منظر متكامل للندن التي يقسمها نهر التايمز الى نصفين.
فذهلت باميلا وهي لا تصدق أن حديقة كهذه قد تكون موجودة في مثل هذا المكان .
عاد بول ليراها تتأمل الحديقة بإعجاب ظاهر ، فتقدم ليقف بقربها.
- أنها جميلة ..أليس كذلك؟ أنا أتمتع بالجلوس خارجا في الربيع وذلك عندما تكون الرطوبة منخفضة .
إن برد الطقس قليلا بعد العشاء فقد نتناول القهوة في الخارج .
فلشرفة منظر جميل يطل على الحدائق العامة والمتاحف .
أتودين الأغتسال قبل العشاء ؟ الحمام من هنا.
أغلقت باميلا باب الحمام . وتأملت وجهها في المرآ ة . كانت البقع غير المرئية ظاهر علما أن بشرتها لم تعد حساسة.
فكرت في خلع سترتها الكحلية الرسمية ولكنها عادت فقررت العكس لأن هذه السترة تساعد في حجب حنايا جسدها.
بعدما اقتنعت بأنها ما تزال تظهر بمظهر السكرتيرة الرصين ، عادت الى غرفة الجلوس حيث رأت بول يقف وراء مقصف فاخر
كان مستترا خلف جدار خشبي . رفع بصرة إليها عن الكوكتيل الذي كان يحضرة وخاطبها.
- تريدين تناول كوكتيل بارد؟
فهزت رأسها :
- أجل ..شكرا لك . فأنا بحاجة الى بعض الأنتعاش لأقدر على أستيعاب ما ستعلمني إياه عن الميزانية التي أجدها صعبة الفهم.
- لا تقلقي ، أعدك بأن تستوعبيها كما يستوعبها محاسب خبير وذلك قبل أنقضاء هذه الامسية .
أتودين بعض الثلج فهو سيفتح شهيتك وينشطك في الوقت نفسة.؟
عظيم ..شكرا لك.
قدم لها بول كأس الشراب وجلس قبالتها .
- سيجهز العشاء قريبا . لماذا لا تحدثيني قليلا عن نفسك؟
لا أعرف إلا القليل عن ما ضيك.
وانساقت تقول الحقيقة دون تفكير:
- كان لوالدي مزرعه أليان في سهل ميدلاند ..أذكر أنني الى أن شبيت حتى رحت أمسك له دفاتر حساباته محضرة العمل للمحاسبين .
فكان أن اهتممت بعالم المال وأردت خوض مصاعبه لكن ذلك صعب على مجتمع صغير كالذي ترعرعت فيه .
فكان أن قررت أن أجرب حظي في لندن .
فقطب بول جبينه:
- ظننت أن السيدة تاوتسند قالت لي إنك كنت تعتنين بقريب بمقعد ؟
نظر أليها نظرة مباشرة . والحيرة تتصاعد في عمق عينيه الرماديتين .
ثم وكأنما توصل الى قرار ، هز كتفيه واحتسى شرابه قائلا:
- لا يهم الأمر في أيه حال . ما يهمني أنك ملائمة للمركز وأني محظوظ لأنني وجدتك.
وابتسم في وجه باميلا وقد حل في عينيه محل الحيرة لمعان ودي.
دخل ارتست . ساقي بول وخادمه . ليعلن أن العشاء صار جاهزا.
أشار بول الى الساقي بالخروج شاكرا ، وقاد باميلا الى غرفة الطعام وأمسك لها الكرسي قبل أن يقعد في مكانه على طاولة مستديرة صغيرة قرب باب الشرفة.
دهشت باميلا عندما لاحظت أن الغرفة الكبيرة مفروشة بعدد من الطاولات المستديرة الصغيرة.
فقد توقعت رؤية خوان مديد لا يستطيع المرء رؤية طرفه الأول من الطرف الاخر.
يبدو أن بول أدرك حيرتها فسأل :
- أعجبتك ! عندما أعددت ديكور الشقه . قررت الا أتخ1 لبيتي أحدى تلك الطاولات الرسمية الضخمة التي قد تكون مدعاه انزعاج في مناسبة كهذه .
حينما لا يكون عليها للعشاء سوى شخصين .لذا سررت عندما اقترح علي مهندس الديكور هذا الترتيب .
- أنه جميل رائع!
وتابعت تأمل الغرفة الجميلة حتى استقرت أخيرا عيناها على وجهه الذي يتلاعب عليه نور شمعتين موضوعتين في شمعدانيتين فضيتين لا معتين.
فأحسن بالارتعاش من حملقتها الى قسماته الشبيهه بقسمات نسر.فنظر اليها بإستغراب:
- أتشعرين بالبرد؟ الحرارة شديدة خارجا..ولكن المكيف جعل هذا المكان باردا ربما؟
فهزت باميلا رأسها ، غير راغبه في أن تعرف تأثيره فيها.
- لا ..لا بأس بجو الغرفة .أنني بخير.
اقترح بول بعد العشاء اللذيذ . أن يحتسا القهوة في غرفة الجلوس لتبقى القهوة متوفرة لهما أثناء الدرس.
- والآن ..فنلق نظرة على ما يستعصي عليك.
أبعدت صينيه القهوة جانبا ، وفتحت الكتاب على الطاولة . فجلس بول قربها .
وبدأ يشرح لها المعلومات الدراسبة .
ولكنها كانت تشعر بالتوتر بسبب قربه الشديد منها، فأجبرت نفسها على التركيز والإصغاء لما يقوله .
وانحنت فوق الكتاب تركز لتفهم شرحه . عندما شاهدها تنحني اقترب منها اكثر تشير أصابعه الى المعلومات المحددة في الكتاب .
ثم فجأة خيم الظلام على الغرفة فشهقت :
أمسك بول بكتفيها:
- لا تفزعي . لابد أننا تجاوزنا مقدرة العداد . سأتفقده ، ابقي حيث أنت . سأعود حالا.
استندت باميلا الى الوراء مطلقة زفرة ارتياح . إنها مشوشه الفكر بسبب وجود بول فيها .
كانت تتجنب طوال حياتها العملية التورط العاطفي مع أي رجل .
ها هي أخيرا قد التقت رجلا ليس مهتما سوى بذكائها ، رجلا لا يجدها جذابة ، ولكن رغباتها كانت تهدد بالانفلات منها . ما بالها؟
لقد وجدها بول تحب الحياة البيئية فدعاها الى هنا...
ثم انه مرتبط بسوزي هاليداي .
لماذا يجب أن يكون الرجل الأول الذي يروق لها عاطفيا وجسديا ،
بعيدا عن منالها هكذا؟ تذكرت قولا مأثورا كانت تردده أمها،
قولا يتحدث عن أن الناس يرغبون في ما هو بعيد عن منالهم .
أعادها وقع أقدام الى حاضرها.
- حسنا ..ليس العداد بل الرطوبة الزائدة التي يبدو أنها أثرت في محطات الطاقة.
فالنظام الكهربائي العتيق في هذه المدينة غير معد لاستيعاب هذه التجهيزات العصريه كلها.
لذا كلما ارتفعت الحرارة وازداد استهلاك الطاقة الكهربائية سادت الظلمة شوراع المدينة.
اشتدت الحرارة في الغرفة ، فخلعت باميلا سترتها .
وفتحت ياقتها قليلا طلبا لبعض البرودة . انحنت الى الامام في الظلام والتقطت كتابها ثم أغلقته ووضعته في حقيبتها.
- لن نكمل الدرس اليوم بالتأكيد . ربما أنني لن أفهم شيئا من هذة الميزانية فمن المستحسن أن أغادر .
فقال بول بصوت خفيض:
- أخشى أنك عالقه هنا في الوقت الحاضر . والمصعد معطل وأمامك عشرون طابقا حتى تصلي الى الطابق السفلي.
أن خير ما تستيع القيام به هو طلب الراحة والانتظار.
خلع سترته بدورة . وارخى ربطة عنقه ، ثم مد يده الى يد باميلا:
- تعالي . سنختنق هنا دون مكيف . وعدتك بجولة على حديقتي في الشرفة ، ويبدو أن الوقت مناسب حاليا . فأن حالفنا الحظ هبت نسمة ريح باردة.
قاد باميلا الى الابواب الزجاجية . كان الهواء على الشرفة حارا رطبا حتى كاد البخار يتصاعد من الحجارة.
وكان الضباب يرتفع من النهر البعيد . ولكن النباتات الخضراء أزهرت في مثل هذة الرطوبة لأن معظمها استوائي الأصل.
حررت باميلا نفسسها من قبضة بول . وتوجهت الى الشرفة لتنظر الى الاسفل .
الى الشارع المهجور. كان يلف الكون الظلام الذي لا تقطعه الا انوار بعض السيارات
التي كانت تسير ببطء . والسير في مثل هذه الظروف خطر ، لان إشارات السير تحتاج الى الكهرباء لتضاء وهي معطلة حاليا.
أحست باميلا بالاضطراب عندما وقف بول قربها . فأبقت عينيها مسمرتين على الشارع . وقالت:
- الا يبدو كل شيء مخيفا هنا؟ احس بالرهبة من هذا المنظر ، وأشعر بأنني وحيدة.
عقدت ذراعيها على صدرها وكأنها تحمي نفسها من خطر مجهول يختبئ في الظلام ، فالتفت ذراع بول على كتفيها بطريقة أبويه .
-لا تخافي فلست وحيدة ، أنا هنا معك . أما تخطيت مرحلة الخوف من الظلام منذ فترة طويلة؟
وضغط على كتفيها بعطف:
- هيا نستريح فنحاول التعارف أكثر الى بعضنا بعضا.
لحقت باميلا به فجلست على مقعد مريح بقرب مقعد جلس عليه . ولكن آخر ما ترغب فيه ، أن يتعرف اليها فتمنت ألا يطرح المزيد من الأسئلة المحددة
عن حياتها الخاصة حتى الصباح التالي.
فقد بات تنكرها مقيت وتاقت الى أن تبوح بالحقيقة ولكنها لن تخاطر فتواجه ردة فعله في الوقت الحالي خاصة وأن علاقتهما في هذه اللحظة تبدو جيدة.
أنه يكره الكذب ، لذا لن يفهم ماذا فعلت ، ولماذا ..ولكنها تجد العيش مع هذه الكذبة رهيبا..والسؤال هل تستطيع أن تتحمل كراهيته؟
أدار رأسه نحوها وابتسم :
أدفع لك ما تريدين مقابل البوح بأفكارك .
فضحكت :
- أنها لا تساوي شيئا ، كنت أفكر في السكينة والهدوء المحدقين بنا دون كهرباء ..ولكني مسرورة لأنك معي ، فلا أخالني أحب البقاء وحيدة في الظلام .
فضحك :
- أعتقد أنك تقولين هذا من باب الاطرء . ليتك تستمرين في التمتع بصحبتي ، بعد عودة الأنوار . فأنا أكره البقاء في الظلام للمحافظة على علاقتنا الهادئة.
ووقف ..فشاهدته باميلا تحت ضوء القمر يخلع قميصه . أعلم أن هذا قلة تهذيب مني ..ولكني أكاد أختنق من الحرارة.
وراقبته مذهولة.
- سأحاول أن أستريح قليلا ..من يعلم الى متى سيستمر هذا الظلام.
خلعت نظارتها .
كان جسدها متوترا كرقاص مشدود ، ضغطت على نفسها على ظهر المقعد ـ ترجو من أعصابها الاسترخاء..
كانت تعرف انه يراقبها في الظلام .
وأحست بتصاعد حدة نظراته التي أحرقتها حتى عبر جفنيها المغمضتين . ولكنها لم تجرؤ على فتحهما خوفا من بروز عواطفها.
سمعت تنهيدة وحركة خفيفة ، فعلمت أنه أشاح وججه عنها وما هي الا هنيهات حتى سمعت أنفاسه رتيبه فعلمت أنه غط في النوم .
جعلتها انفاسه المنتظمة تسترخي وسرعان ما وجدت نفسها تغمض عينيها.
فجأة أصبحت أحلامها المتوترة حقيقة. فاستيقظت واذا بها نجد نور الشمس مشعا عليها وبول يقف محدقا اليها.
ونظره غاضبة على وجهه . انحنى فوقها والتقط شيئا من جانب كرسيها . فنظرت باميلا اليه . وصعقت لما رأت ..فقد كان يمسك بالانتفاخ الصناعي لأنفها بيده . ومد يده ليمسح خدها بخشونه.
- أتسمحين بتفسير معنى هذا ؟ وبشرتك اليوم تبدو لي في غاية النقاوه.
كان الغضب يغلي على وجهه وفي صوته .جلس على حافة المقعد ثم وضع يده على مؤخرة عنقها وجذبها اليه .
ثم راحت أصابعه تسحب الدبابيس من شعرها بوحشية فانسدل على كتفيها بحرية كهالة برية متوحشة .كان وجهه قريبا منها حتى كادت تسمع أنفاسه.
- عجبا ..عجبا آنسة سامرز ..أنت بالفعل جذابه .لولا هذه الملابس القديمة الطراز ، لقلت انك أجمل شابة رأيتها في حياتي .
امتدت أصابعه الى أزرار بلوزتها :
- ربما تكون هذه الملابس جزءا من التمثيلية أيضا ..أتساءل ما قد يكون مستتر اتحتها من سحر؟
راح يفك ببطء الأزرار ، فشهت باميلا:
- لا ..يجب ألا تفعل هذا.
ثم جمعت طرفي بلوزتها في يدها ، وهبت وافقه من الكرسي ، مبتعده عنه وكـأنها قطة خائفة.
أخذت عيناه تمعنان النظر في جسدها بقسوة فاسقة ، ثم شخر بأزدراء :
- حري بك أن تفسري لي على أن يكون التفسر مقنعنا !
دنا منها ، فارتدت عنه الى غرفة الجلوس وعيناها تطلقات الشرر:
- لست مضطرة لشرح أي شيء لك ، فلن تصدقني . أنا خارجه الآن . لك أن ترسل أجري الى منزلي .
وأنا أرجو ان تكون أوفر حظا مع سكرتيرتك التالية، فلربما وجدت أخيرا نموذجا كاملا يشبة السيدة تاوتسند كل الشبة.
انحنت لتلتقط سترتها وحقيبتها ، ولكن قبل أن تمسك بها كانت يد بول قد أطبقت على معصمها وأدارتها بعنف أليه:
- لن تذهبي الى أي مكان ..ليس قبل أن آمرك .أنت من بدأ هذه اللعبة ولكنني أنا من سأنهيها ..على طريقتي!
جذبها أليه ليحيطها بذراعيه بقسوة لم تكن تتصوؤها باميلا .

قاومته في البداية وحاولت تحرير نفسها ، ولكن يديه أجبرتاها على الألتصاق به .
كانتا أشبة برباط فولاذي مرن . استقرت يداه بثبات خلف ظهرها ، لم تستطع التنفس أو الهرب ، فقد تحول كل التوق الذي أحست به نحوه سابقا الى لحظة انفعال مشبوب . والى تجاوب
مخذول أجباري ، مما جعلها تشارك في عواطف كانت أبعد بكثير مما عرفته في حياتها .
كان بول مسيطرا على الموقف بحيث لم تستطع الا ان تتجاوب ..بدأت ردة فعلها المتحمسة تتضاعف وتضاعف توترة فرفع رأسه ليقول:
- قابلت نساء مذكرات كثيرات في حياتي، ولكنني لم أقابل من هي أكثر منك خداعا . أنت بلا أخلاق البته.
ماذا أملت أن تكسبي من وراء هذه الخديعه الرهيبه؟
هل اعتقدت أنني سأصبح معتمدا عليك كل الأعتماد ؟
أليس هذا ما كنت تخططين له من وراء لعبتك هذه؟
أردت أن أعجز عن الاستغناء عنك حتى اذا ما حان الوقت الملائم ، كشفت حقيقتك .كنت تعلمين أنني سأجد جسدك جذابا ، وظننت أن سحرك سيجعلني أحتاجتك بعد ساعات العمل .
صمت قليلا دون أن ترخي ذراعيه عنها .أردف :
- عظيم ..هذه اللحظه المانسبة للبداية ..فلنر اذا كنت مواهبك العاطفيه كمواهبك في حقل السكرتاريا .
قلبت كلماته الجافه إحساسها الرومانسي الى كابوس مرعب.
فقد أدركت فجأة مرعوبه ، أنها أحبته . وأنها بكل غباء أقنعت نفسها بأن عناقه كان ردا على حبها له .
ولكنه في الواقع كان كراهية .
كراهية شريرة ..حول ما أحست به تجاهه الى شيء بغيض فظيع ..وعليها أن تبتعد عنه قبل أن تنهار تماما ...أنها من عنف عدائه ، وأما من عار تجاوبها مع لمسته ، فقالت مقطوعه الأنفاس:
- لا يمكنك حجزي هنا ! لا يحق لك.
فضحك ضحكة خاليه من المرح:
- أنت لست في موقف يسمح لك بالكلام عن الحقوق.
ارتد عنها ممسكا يديها ليبقيها بين يديه :
- يدان فتيتان ناعمتان... عينان كالياقوت ..شعرت كالحرير الذهبي ..لا تحدثيني عن الحقوق أنا من يقرر ماهي حقوقي.
وثقي أنها لا تشمل شيئا فعلته قط مع السيدة تاوتسند! كم ضحكت علي!
أدجلي يعرف هذه طبعا؟
المتنكرة حقا! حسنا أنا من سيكتشف ماذا وراء هذا التنكر وسيبقى أدجلي على تساؤله.
ارتفعت يده الى ياقة بلوزتها ..كان تهديده البشع قد أرسل في أوصالها نوبة من الخوف جنونية ، فرفعت قدمها تركل بها ساقه اليمنى ركلة قوية فصاح.
- أيتها الساحرة القذرة .ستدفعين الثمن.
ولكنها لم تكن تريد البقاء حتى تدفع الثمن . فما إن تركها ليفرك ساقة المصابة حتى كانت قد أمسكت بحقيبتها وطارت الى الدرج ، ودموع العار الساخنة تتدفق على وجنتيها ، فأغشى بصرها حتى
كادت لا ترى درجات الطوابق العشرين وهي تهبطها.
لم تدر كيف تمكنت من الوصول الى شقتها التي أسرعت فيها تلقي نفسها على الاريكة .
باكية بيأس واضعه وجهها بين راحتيها.
خرجت بيرل مسرعه من غرفة النوم والنعاس يغالبها ، والقلق باد في عينيها:
- ماذا حدث؟ أعرف انك علقت في الظلام ولكنني ظننتك بخير.
حاولت الاتصال بمكتبك ولكن الخطوط كانت مشغولة.
حاولت باميلا التقاط أنفاسها ، واستجاع قواها ..فلوحت بذراعها أمامها وتكلمت بصوت متحطم:
- لاشئ ..أنا بخير .. أمضيت الليل في شقة بول.
رفعت بيرل حاجبيها وسوت جلستها ، ثم أشعلت سيكارة:
- أمضيت الليل مع بول غراينجر ؟ وماذا حل بأخلاقك الفاضلة؟
فهزت باميلا رأسها :
- لا ..ليس الأمر كما تصورتيه .دعاني بول للعشاء في شقته ..كان يريد شرح بعض دروسي ، فبما أن صديقته مسافرة ظن أن المناسبة مواتية لضيافتي .
أما لبنسبة لإغوائي فكان الأمر بعيدا عن تفكيره، وماشعر به من رغبة تجاهي كانت نابعة من فكرة الأنتقام مني.
أجهشت بالبكاء والنحيب من جديد.
- بام ..هم تتحدثين ؟ ظننته مسرورا بعملك! قلت أن كل شيء يسير على ما يرام .
- كان كذلك حتى الصباح الذي اكتشف فيه ما فعلت .
و......أوه.......بيرل......لو استطعت رؤية الأحتقار في عينيه .
- ألم تشرحي له الأمور؟ ألم يتفهم الأسباب التي دفعتك الى هذا التنكر ؟
قلت بنفسك أنه ماكان ليقبل بتوظيفك لولا التنكر.
- لم يمهلني فرصة الشرح ..كان قاسيا وفظا بيرل ..قلت أنني مستقيلة . وأن بإمكانه إرسال راتبي الى منزلي.
لا أظني سأطيق النظر اليه ثانية .
دنت بيرل منها وألقت ذراعها حول كتفيها:
- حسنا ..إن ذلك بالنسبة لشخص يحب أن يعيش بهدوء طريقة غريبة في إثارة المشاكل .
ولكن لا تقلقي .تذكري أن تالبوت وعد أن يستخدم نفوذة ليجد لك عملا .سيكون كل شيء على ما يرام.
لماذا لا تغتسلين وتنامين بعض الوقت؟
فليس لديك السوم عمل ولدي أنا نص مسرحية علي التمرن عليها في البيت.
وعلى ذلك سأنتزع قابس الهاتف لئلا يزعجنا أحدهم.
عندما استيقظت باميلا كان الوقت ما بعد الظهر ، حدقت في غير وعي في السقف . ثم استعادت الافكار التي .أقلقتها قبل نومها
لقد تمكنت من الخلاص من غضب بول ، لكن كيف لها أن تجد الراحة مع هذة المشاعر الممزوجة بالعار بسبب ما فعلت؟
تنهدت عميقا . ثم أنزلقت عن الفراش لتغادر السرير متوجهه الى الحمام لتغسل وجهها.
فلاحظت أن بشرتها عادت الى صفائها ونقائها .
سمعت بيرل حركتها فدخلت الغرفة ووجدتها تفتش في خزانتها عما ترتدي:
- ارتدي شيئا مثيراَ ..فارتداء الثياب المثيرة يشعرني بأنني أفضل حالا ..وهو بالتأكيد سيساعدك في التخلص من الأحباط الذي ولده أرتداء تلك الأزياء الرهبية.
أمسكت باميلا البيجاما الشفافه المكشوفه التي أعطتها لها وارتدتها بطاعه قائلة:
- ربنا أنت على حق . ربما إذا بدوت أفضل حالا من الخارج .
أبدا بالشعور بالراحة من الداخل .
عقدت زرار البيجاما ، ثم مررت يدها على فتحة الياقة الواسعة، ولم تلبث أن انتعلت خفا رقيقا وشرعت تمشط شعرها ليبدو هالة حول وجهها.
بعدذلك مررت فرشاة على وجنتيها لتلونهما بالأحمر الوردي.
وأضافت لمسة أحمر الشفاه الى شفتيها وظلالا زرقاء الى ما حول عينيها.
دارت حول مفسها أمام بيرل:
- كيف أبدو؟
- أفضل بكثير مماكنت من قبل زمن طويل.
على كل حال نا مسرورة لأن بول أكتشف أمرك .
فما أسخف مواظبتك على ذاك التنكر الرهيب.
لا أدري كيف أقترحت عليك تلك الفكرة الشنيعه .
ثم توجهتا الى المطبخ حيث أخرجتا عصيرا بادرا.
- فلنحتفل بعودة صديقتي ورفيقتي في السكن. فلم أكن أتمتع بالسكن مع تلك العانس العجوز .
ولا أستطيع التفكير في أن تحت رحمة بول غراينجر الشرير العديم الأحساس.
- أن ليس شريرا دائما. كما أنه ليس عدم الأحساس . يجب أن تري كيف تديره سوزي هاليناي حول أصبعها الصغيرة.
أنه معها يصبح كالطفل الوديع. يبدو أنه لا يعترض على وجود الجمال في حياته الخاصة.
ولكنه يرفضة في مكتبة إذ يتوقع من موظفيه العمل كالآلآت ..
ربما أنت على حق! وربما كان من حسن حظي أن تركت العمل عنده مع العلم أن الفرصه كانت ذهبيه.
رن جرس الباب، فأشارت باميلا الى بيرل أن تبقى جالسه:
- نمت طوال النهار.لذا تمتعي بشرابك البارد.
توجهت الى الباب تحمل كوبها بيدها..عندما فتحته قفز قلبها بجنون
وانحبست أنفاسها في حنجرتها ـ فلقد كانت تحدق الى بول غراينجر.
- ماذا تريد ؟
لم يرد بول عليها ، بل دفعها الى الشقة ودخل ينظر ببرود الى بيرل التي ماتزال جالسة على الأريكة . ثم التفت الى باميلا
المستندة بوهن الى الباب وقال ساخراً:
- جئت الى هنا لأرى أن كان بالإمكان تسوية الأمور ..قلت لموظفي المكتب أنك متعبه ..ولم أتوقع أن اجدك تحتفلين بنجاح خداعك.
قفزت بيرل عن الأريكة غاضبة:
- رويدك ..ياصاحب العظمة والجلال.
فنظر اليها بول ببرود:
-أنها مسألة خاصة ..أكون مقدرا لك رحيلك لتوفير بعض الخلوه .
نظرت بيرل الى باميلا التي هزت رأسها موافقه ، فكان أن أنسحبت الى غرفة النوم ولكنها قبل أن تفتح الباب ألقت نظرة عليهما من فوق كتفها.
- اصرخي لو احتجت إلي.
ثم أقفلت الباب تاركة وراءها جوا مشحونا بالعداء.
دنا بول من باميلا وأمسك كتفيها بعنف، فيما راحت عينها تتجولان على وجهاا وجسدها. وكأنما يراها للمرة الأولى أو كأنما يريد أن يرسخ ملامجها وتكوينها في ذاكرته ترسيخا.
قال لها بصوت قاس ملؤة السخط والغضب.
- تبين لي أنك ساحرة قذره ..بما أنك ضحكت على بما فيه الكفاية أشعر برغبة في أنتزاع هذه السمة عن وجهك.
دفعها عنه، ثم وضع يديه في جيبي سرواله وكأنه لا يثق بنفسه أن عادو لمسها . هز رأسه مضيفا.
- لا عجب إن نسيت ما كتبته عن ماضيك في الملف .
لقد أظهرتني بمظهر المغفل ..قابلت نساء باردات من قبل . إنما لم تصل أي منهن الى براعتك في فن الخداع .
انظري الى نفسك ..لا تبدين نادمه أقل الندم...
وضعت باميلا كوب العصير من يدها، وقالت بهمس مرتجف:
- لم أكن أحتفل بنجاح خدعتي التي كانت في الواقع فشلا ذريعا، ولم آسف قط على شيء كما أسفت عليها .
التفت بول ليحملق اليها:
- سأراهن على هذا ! لماذا أقدمت على تنكرك ذاك ؟
غطت باميلا وجهها بيديها وأجهشت بالبكاء :
- أردت أن أعمل ..كنت يائسة ، أردت وظيفة وكنت مستعدة للقيام بأي شيء حتى أجدها ، لكنني أخطأت في حساباتي وها أنا أسفه.
تعالى نحيبها . فاقترب منها قائلا بصوت ناعم:
- حسنا...كنت تحتاجين الى عمل ..أنما لماذا التنكر؟
أحست باميلا برغبة في الأرتماء بين أحضانه لتتوسل الغفران .
ولكنها أجبرت نفسها على التكلم:
- أنظر إلي ..أكنت ستتخذني سكرتيرة ؟ لا ! أعترف بهذا.
ماكنت لأتخطى مكتب السيدة تاوتسند ..أتريد حقا أن تعرف لماذا تنكرت؟
سحبت نفسا عميقا ، ثم رفعت رأسها ، وسوت كتفيها ـ ثم سارت نحوه:
- أتظن حقا أنني أردت أن ألعب لعبة فقط على بول غراينجر الشهير؟
لا تغتر كثيرا بنفسك!
فما أردت إلا وظيفة أتعلم منها بما يفيدني في عالم الأستثمارات المالية .
ولكنني مررت بسلسلة من أرباب العمل الذين عاملونني وكأنني فتاة فارغة الرأس وقد رغبوا جميعا في أن يتخذوني عشيقة ..أفهمت الآن؟
- ربما لم أنصفك ..لكن..عليك الأعتراف بأنك أسأت الحكم علي .لماذا لم تخبريني الحقيقة فورا؟
فلست مهتما أبدا بجسدك كما لا يعقل أن تفكري في أنني قد أتحرش بإنسانة لا تريدني أو ترحب بوجودي في حياتها ...خاصة سكرتيرتي..
اسمحي لي أن أقول لك أنك أنت أيضا مغترة بنفسك ، فلست فاتنة فتنة أجد معها أنني غير قادرة على مقاومتك.
مع أنني فقدت السيطرة على أعصابي هذا الصباح..
وأنا هنا لأعتذار عما بدر مني وأعدك ألا يتكرر ما حدث ثانية.
هز كتفيه بوحشية والتفت اليها:
- على أية حال . بما أننا سوينا الأمور الآن لا أرى سببا يحول دون عودتك للعمل .
فلا أريد أن أفقد سكرتيرة ماهرة .
أعتقد أنك ستسرين من وجود رب عمل أخلاقة تجاهك على الأقل فوق الشبهات بناء على ماذكرت أتوقع منك الحضور الى المكتب غدا في الموعد المعتاد.
شهقت باميلا وسارعت الى الكرسي تقعد عليه قبل أن تنهار وقالت:
- لن أستطيع...كيف لنا أن نعمل معا بعد ماحدث؟ إنه مستحيل.
انحنى بول ليجذبها عن المقعد . كانت لمحة الحنان قد غادرت وجهه.
رحلت محلها نظرة بارده اخترقت قلبها وجمدته.
ضمها بين ذراعيه ، فأذهلها تصرفة المفاجئ ..وعندما رفعت وجهها رأت ابتسامة ماكرة تعلو طرفي فمه ثم أحست بيده لطيقه على ظهرها تبعث الحياة الى عروقها.
وتلاشت كل قواها ومقدرتها على التعقل . فلم تكن تشعر إلا به وبذراعيه الدافئتين.
ارتفعت ذراعاها من غير وعي ، والتفتا حول عنقه ، تجذبانه إليها ، وتخبرانه باللمس كم تحبة.
ثم فجأة ، أبعدها عنه . فأحست بالبرد ، والهجر ، فحاولت الاقتراب منه . ولكنه قابل نظرتها الحالمه المتوسلة بنظرة باردة متحفظة لم يظهر عليها أقل تأثير بنا حدث للتو بينهما .
كان يسيطر كل السيطرة على عواطفه واعصابه وهو يمعن درس الأرتباك على وجهها.
ظعنت ابتسامته الساخرة المنتظرة قلبها فأشعلت نيرانها لم يشعل مثيلها عناقه السابق.
لم تستطع تصدق الهدوء البارد في صوته وهو يقول:
- كما ترين، لا داعي الى القلق أو الخوف مني فلست ممن يفرض نفسه على امرأة لا تريد الا فرصة للعمل كما تدعين بحرارة.
فما زال أمامك الكثير لتتعلمية مني في عالم المال.
لذا ، إن كنت جاده حقا، ابدا بتعليمك حالا : الدرس الأول يقول لا تظهري الجزع مهما كان الموقف متأزمنا .
كان تصرفك في شقتي هذا الصباح مثاليا بالنسبة لأنثى طائشة .
لا لمرأة تريد أن تتبوأ مركزا في عالم المال.
لذا يجب أن تجبري نفسك على أن تكوني أقل انفعالا لتحققي النجاح في عالمنا.
والدرس الثاني الذي يجب أن تتعلمية هو ألا تقولي ( لا) جوابا .
أعدك بأن تكون جاذبيتك آمنة معي ، وإذا لم تثقي بكلمتي فسأفترض أن كل ما قلته لي غير صحيح .
وعليه سأسعى لئلا تتبوئي أي مركز مهم في عالم المال.
إذن ، إن كنت غير مستعدة للعودة الى مزرعة أبيك ، أقترح إعادة التفكير في قرارك.
رفع رأسه ، وشد أصابعه على ذراعيها. فأخفضت رأسها ، وهي عاجزه عن النظر إلية:
- حسنا . لقد أوضحت وجهة نظرك كل الوضوح . لا أعتقد أن العودة الى مزرعة والدي فكرة جيدة . أعلم أنك لن تثق بي مرة ثانية . ولكني أعتقد أننا يمكن أن نجرب.
فتركها بول :
- إنه قرار حكيم آنسة سامرز.
واتجه الى الباب . تاركا لعينيه الحرية في التجول فوق حنايا جسدها التي لا تكاد تخفيفها البيجاما . وأكمل :
- أظن أنك لن ترتدي ما يشبه تلك الملابس الرهيبة ولكنني أقترح عليك ارتداء ماهو أقل إثارة مما ترتدية في الوقت الحاضر.
علما بأنني لن أنظر الى مفاتنك التي ليس لي فيها رغبة .
إلا أن سائر رجال المكتب قد لا تكون لهم المناعة الكافيه.
ابتسم لها بخبث ...وخرج ثم أقفل الباب وراءه .



نهايه الفصل


الساعة الآن 04:11 AM بتوقيت مسقط

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 Designed & TranZ By Almuhajir

Adsense Management by Losha

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات شمس الحب

1 2 3 4 6 7 8 9 10 11 12 13 15 16 17 18 19 20 21 22 23 28 29 30 33 34 35 36 37 39 41 42 43 44 45 46 47 48 49 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 77 78 79 80 98