والتعزية يُراد بها الإكرام والتسلية
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
يا رسول الله إن أبي كان يَصِل الرَّحِم ، وكان ، وكان .. فأين هو ؟
قال : في النار . قال فكأنه وَجَدَ من ذلك ،
فقال : يا رسول الله فأين أبوك ؟ فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : حيثما مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِك فبشِّره بالنار .
فأسلم الأعرابي بعد ، وقال : لقد كَلّفَنِي رسول الله صلى
الله عليه وسلم تَعباً ! ما مَرَرْتُ بِقَبْرِ كافرٍ إلاَّ بَشَّرْته بالنار .
رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني .
والأصل أن التعزية للمُسلِم تسلية له ، وتخفيفا لِمُصابِه،
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام :
(ما مِن مُؤمِن يُعَزِّي أخاه بِمُصِيبة إلاَّ كَسَاه الله سبحانه
مِن حُلل الكرامة يوم القيامة . )رواه عبدُ بن حُميد وابن ماجه
والطبراني في " الأوسط " والبيهقي . وحسّنه الألباني .
وفي الحديث الآخر ( مَن عَزّى أخاه المؤمن في مُصِيبَتِه كَسَاه
الله حُلّة خَضراء يُحْبَر بها يوم القيامة
قيل : يا رسول الله ، ما يُحْبَر؟ قال: يُغْبَط .)
رواه البيهقي في " شُعَب الإيمان " .
وقال الألباني : أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد "
، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " ...
وله شاهد عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مقطوعا .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف "
، وهو حديث حسن بمجموع الطريقين . اهـ .
وقال شيخنا بن العثيمين رحمه الله بالتفصيل :
تعزية الكافر إذا مات له مَن يُعَزَّى به من قريب أو صديق . في هذا خلاف بين العلماء ؛ فمن العلماء مَن قال :
إن تعزيتهم حرام ، ومنهم مَن قال : إنها جائزة
ومنهم مَن فَصَّل في ذلك ، فقال : إن كان في ذلك مصلحة
كَرَجَاء إسلامهم، وكَفّ شَرّهم الذي لا يُمْكِن إلاَّ بِتَعزيتهم
فهو جائز وإلا كان حرامًا .
والراجح : أنه إن كان يُفْهَم مِن تعزيتهم إعزازهم
وإكرامهم كانت حرامًا ، وإلاَّ فينظر في المصلحة . اهـ .
والله تعالى أعلم .