ضيوف الندوة يوصون بتنظيم حملة توعوية بعنوان «لا..للتستر التجاري»
أدار الندوة - سعيد السلطاني، مشعي البريكان
يعرف التستر التجاري وفقاً لأحكام المادة الأولى من نظام مكافحة التستر بأنه تمكين الوافد من استثمار أو ممارسة نشاط تجاري لحسابه أو بالاشتراك مع غيره محظور عليه ممارسته، أو لا يسمح له نظام استثمار رأس المال الأجنبي أو غيره من الأنظمة والتعليمات ممارسته، ويعتبر المواطن متستراً في حالة تمكين الوافد من استخدام اسمه أو ترخيصه أو السجل التجاري لممارسة النشاط التجاري، كما يعتبر متستراً كل أجنبي حاصل على ترخيص استثمار أجنبي وقام بتمكين وافد آخر من العمل لحسابه خلافاً لنظام استثمار رأس المال الأجنبي، حيث يؤدي التستر إلى تهرب الوافد من الرسوم التي يتطلبها نظام الاستثمار الأجنبي من خلال عقد صوري بالراتب والميزات، وعليه فإن كشف مثل هذه القضايا تكتنفه صعوبات عدة.
وعلى الرغم من أن وزارة التجارة والصناعة تسعى إلى توعية المواطن بأضرار التستر على الوطن اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً عن طريق الندوات والتشهير بالمتستر والمتستر عليه في الصحف المحلية ليكون رادعاً له ولغيره من ضعاف النفوس الذين يسعون إلى الثراء غير المشروع، إلا أن هذه التوعية لم تؤت ثمارها، حيث إن العمالة الأجنبية المتستر عليها في ازدياد كل عام، وانتشرت المحلات التجارية الصغيرة بأسماء مواطنين على "لوحة المحل"، كما توسعت هذه العمالة في إنشاء المحلات التجارية الكبيرة بأسماء مواطنين سعوديين، ويشغل وظائفها عمالة أجنبية، والشاب السعودي ما زال يلوح يومياً بملفه "الأخضر" بحثاً عن وظيفة تسد رمق عيشه، والسؤال الرئيس الذي نطرحه في هذه الندوة :من المسؤول عن تنامي ظاهرة التستر التجاري في المملكة؟، وأين الجهود الرقابية في الحد منها؟، والتشهير بالمخالفين؟..
ازدحام كبير أمام أحد بنوك التحويل في البطحاء وسط الرياض
في البداية تحدث "الصرامي" عن الأسباب التي أدت إلى تفشي التستر التجاري كظاهرة في السوق السعودي، وقال:إن هناك عدداً من الأسباب التي ساهمت في تفشي هذه الظاهرة أولها متعلق بالجهات الحكومية التي لم توجد أنظمة تشريعية صارمة وكافية لمواجهة هذه المشكلة، إلى جانب ضعف الرقابة، وصعوبة السيطرة على منافذ التستر نظراً لكبر مساحة المملكة، وثانيها متعلق بالمواطن المتستر وتكمن في عدم امتلاكه لرأس المال، وافتقاده للخبرة الفنية والإدارية وتعاطفه مع الأجنبي و"حسن النية" لديه وعدم امتلاكه لروح "المغامرة" وتكاسله جعلته يمارس دور المتستر في ظل جهله للنظام، وثالثها متعلق بالمتستر عليه الأجنبي القادم من دولة فقيرة ووجد الفرصة متاحة له في دولة غنية كالمملكة ولا يوجد بها ضرائب مقارنة ببلده.. وكل هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى استفحال ظاهرة التستر.
أجنبي يمارس البيع في أحد المحلات الشعبية
مسؤولية المواطن
ويحمل "البقعاوي" المواطن مسؤولية التستر، واصفاً إياه بأصل المشكلة كونه العائق الأكبر في مداراتها عن الجهات ذات العلاقة لإسباغه الصفة الشرعية على أعمال مشبوهة ضحيتها للأسف الوطن والمواطن، بينما يبقى الوافد الأجنبي المتستر عليه هو المستفيد الأكبر؛ خاصة وأن التستر قد سلك مسلكاً خطيراً بعد أن برزت العديد من القضايا اللاأخلاقية تورط فيها عدد من المواطنين السعوديين من خلال استقدامهم لعدد من أصحاب المهن غير المؤهلة في السوق، ولا تتوافق مع تخصصاتهم مما أوجد عدداً من العمالة المخالفة في بعض الشقق السكنية المجهولة والتي تقوم بأدوار مخالفة للشرع والنظام بعيداً عن عين الرقيب، ويصاحبها أحياناً الترويج لممنوعات أو منتجات منتهية الصلاحية، كما حمل "البقعاوي" الجهات الحكومية جزءاً كبيراً من هذه المشكلة لكونها وبحسب وصفه قد وفرت مظلة لهذه المخالفة في ظل عدم توفر الوظائف المناسبة للمواطنين!.
دور السفارات
ويؤكد "د.القحطاني" على أن قلة معلومات الوافد المتستر عليه بالثقافة السعودية، وجهله بأنظمة الإقامة والعمل راجع إلى ضعف دور السفارات السعودية في تثقيف هذه العمالة قبل منحها التأشيرة، وقدومها إلى المملكة، كذلك سفارة الوافد الأجنبي يفترض عليها أن تقوم بدورها بالتعاون مع الملحقيات التجارية حتى لا يقع الوافد في مثل هذه المخالفات نتيجة عدم تثقيفه، فكما يلاحظ المتابعون بان الباحثين عن التستر من العمالة الوافدة غالبيتهم أميون في بلدانهم كونهم لم يتعلموا القراءة والكتابة إلا بعد مقدمهم للمملكة، ودليل ذلك أن المقيمين من الدول المتقدمة يندر تورطهم في مثل هذه العلاقات التجارية المشبوهة نظراً لقيام سفارات بلدانهم بالأدوار المنوطة بها.
مشكلة من الداخل
وعاد "د.القحطاني"، وقال في الوقت الراهن نجد مشكلات اقتصادية تحدث بين فترة وأخرى مثل التضخم في أسعار المواد الغذائية، علماً أن هذه القطاعات الغذائية خصوصاً تسيطر عليها العمالة الأجنبية في الأسواق المركزية، والسؤال:أين الجهات المسؤولة عن ذلك؟، علماً أن السجل التجاري والتراخيص اللازمة جميعها نظامية، ولكن "ما خفي أعظم"، فرأس المال من العامل الأجنبي، والأيدي العاملة لديه جميعها من أبناء جلدته، والشاب السعودي يقف متفرجاً في تلك العمالة التي وجدت لها وظائف في بلده، وهو لا يزال يبحث عن وظيفة تسد حاجته.
جهود الغرف التجارية
وعن دور غرفة الشرقية في مكافحة التستر التجاري بين "الصرامي" أن هناك عددا من الجهات معنية بمكافحة ظاهرة التستر التجاري كوزارة التجارة ووزارة الداخلية ووزارة المالية ووزارة العمل، موضحاً أن دور الغرف التجارية ينحصر في الجانب التوعوي، مبيناً أن غرفة الشرقية عملت العديد من الندوات، مثل: ندوة عن ظاهرة التستر التجاري وخرجت بتوصيات أرسلتها للجهات ذات العلاقة، كما ان الغرفة التجارية قدمت العديد من الاستشارات القانونية في هذا المجال لرجال الأعمال والأشخاص بخصوص التستر التجاري، كما قامت بدراسة ظاهرة هروب العمالة التي هي جزء من ظاهرة التستر وأرسلت نتائج هذه الدراسة لأكثر من 300 جهة حكومية وقطاع خاص، كما أرسلت العديد من الرسائل الالكترونية لعدد من رجال الأعمال فيما يتعلق بالتستر، بالاضافة لطباعة الكتيبات تتحدث عن هذه الظاهرة من أجل توعية الجميع.
وتطرق "الصرامي" للحملات التي قامت وتقوم بها إدارة الجوازات لما لها من دور ايجابي كبير للحد من هذه الظاهرة وكشف المتسببين في تفشيها، كما أشاد بالدور الذي يلعبه الإعلام والذي يعتبر جزءاً مهماً نظراً لمساهمته في الجانب التوعوي.
من جانبه يصف "د.القحطاني" الغرف التجارية بالجهات شبه الحكومية، والتي يقتصر دورها على الجانب التوعوي بحكم أنها جهة غير تشريعية، تعمل جهوداً جيدة من خلال العديد من برامجها، متمنياً أن تمارس هذه الغرف دورها كحاضنة للأعمال خاصة الأعمال الصغيرة التي نجحت وأثبتت تميزاً في جهود بعض الشباب الذين استفادوا من نظام العلامات التجارية "الفرنشايز" ووطنوا هذه العلامات بأيدٍ سعودية ورأس مال سعودي، مطالباً الغرف التجارية أن تمارس دورها لتبني بعض الأفكار وإقناع رجال الأعمال من أجل دعم مشروعات الشباب الصغيرة منها والمتوسطة. ويؤكد "الصرامي" على أن الشباب يعي أهمية العمل من خلال بعض البرامج التي تبنتها الغرفة التجارية كبرنامج كيف تبني مشروعك الصغير، وبرنامج كيف تطور مشروعاً سياحياً والنماذج التي تخرجت باشرت أعمالها وحققت عددا من النجاحات، كما أن مجلس شباب الأعمال نموذج جيد لتغير الفكر لدى الشباب بصورة ايجابية نحو العمل الحر.
السعودة والتستر!
هل البطالة والرغبة في «تحسين الدخل» سبب في تنامي الظاهرة؟ أم المواطن لا يزال كسولاً؟
وعن العلاقة بين مشروع السعودة والتستر التجاري يرى "د.القحطاني" أن هناك علاقة طردية بين مشروع السعودة والتستر التجاري، مشيراً إلى أن السعودة والتستر التجاري وجهان متضادان لن يتحقق الأول مالم يتم الحد من الآخر، معللاً ذلك بأن العمالة سيطرت على المحلات التجارية الصغيرة وتوظف أبناء جلدتها والجهات الحكومية المعنية بالتستر التجاري تقف موقف المتفرج! نظراً لغياب تطبيق النظام، حيث أصبح التستر يمارس بصورة علنية..
وقال: لا بد من مناقشة الأمور التي تلي التستر والمتمثلة في هروب الأموال خارج المملكة لإقامة مشاريع خارج المملكة، واعتقد أن إحداث نظام متعقل لعلاج هذه الظاهرة هو الحل بدلاً من تفاقم المشكلة من خلال وضع شراكة علنية بين المواطن والوافد الأجنبي وفق عقود تحفظ حقوق الطرفين وتحمي الوطن من كثير من الممارسات المشبوهة مع ضبط عمليات تحويل الأموال ومعرفة مصادرها الحقيقية.
تأثر المنشآت الصغيرة
وأضاف إن أثر التستر كبير على قطاع الأعمال، خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث لم يعد غريباً أن تجد يداً غير وطنية تفاوضك لإنجاز خدمة لك أو لعميل آخر، ولا يمكنني أن اقتنع أن من يفاوضني مندوب مبيعات أو أمين للصندوق، بل يفاوض من مبدأ صاحب العمل وهو يجني مئات الألوف من الريالات سنوياً، ولا ينال منها المواطن إلا القليل، والغريب في مثل هذه المهن ومنها على سبيل المثال الورش أو المطاعم أن اليد العاملة من بلد واحد وفي كثير من الأحيان لا أبالغ إذا قلت إنهم أقرباء وأبناء عمومة، وماذا يعني ذلك؟،..يعني أن الوافد هو صاحب العمل ومن يملك زمام المبادرة في تحديد احتياجات العمل من اليد العاملة، وهو من يصرف مرتباتهم الشهرية ومن يستمتع بجمع الأموال الطائلة.
بيع التأشيرات!
البقعاوي:المواطن أساس المشكلة..وتساهل تطبيق النظام أعادنا إلى الوراء
وأشار إلى أن "السوق السوداء" لبيع التأشيرات هي السبب الرئيسي في انتشار وتفشي ظاهرة التستر التجاري في السوق المحلي، مطالباً وزارة العمل ووزارة التجارة والصناعة بوضع آلية تحد من بيع التأشيرات!.
وقال "د.القحطاني" إن 80 بالمائة من المحلات التجارية من بقالات، مطاعم، بوفيهات، مغاسل، مشاغل، صوالين حلاقة، ملابس، محال بنشر وتغيير الزيوت، محلات صيانة الأجهزة الالكترونية، وخلافه تملكها عمالة أجنبية باسم مواطن سعودي يتقاضى خلال هذه العملية المؤثرة على اقتصادنا مبلغاً زهيداً بشكل شهري، متسائلاً: لماذا أقدم المواطن على منح العامل كل هذه التسهيلات؟، مطالباً في الوقت نفسه بتنظيم حملة توعوية تحت مسمى "لا للتستر التجاري"، مشدداً على سرعة تفعيل وتحديث نظام مكافحة التستر التجاري الصادر بمرسوم ملكي رقم م/22 بتاريخ 4/5/1425 ه والمواد المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للنظام الصادر من وزارة التجارة والصناعة رقم 7/م وتاريخ 13/5/1426 ه.
التأثير الأمني والاجتماعي
وعن الأثر الاجتماعي والأمني يؤكد "البقعاوي" على أن مشروعات التستر التجاري من الأسباب الرئيسية لانتشار الجريمة المنظمة، كالاتجار بالمخدرات أو السرقة أو التزوير، نتيجة تزايد أعداد المخالفين لنظام الإقامة والعمل، مما يجعل هذه المشاريع المخالفة ملاذاً آمناً للعمالة الهاربة من كفلائها، كون معظم العمالة الوافدة تتشكل في مجموعات بحسب جنسيتها وغالباً ما تكون غريبة على مجتمعنا، وقد تمارس بعض الأعمال المنافية مثل كثرة الأطفال المتشردين من أبناء الوافدين، وانتشار الباعة الجائلين والمتسولين في الشوارع وأمام المساجد، بالإضافة الى انتشار الأفلام المخلة بالآداب وانتشار السرقة، كسرقة الكابلات الحديدية التي عانت منها العديد من مشاريع التمنية.
د.القحطاني:لوحة المحل تزين اسم المواطن ونهاية الشهر يتسلم الراتب من الأجنبي!
جريمة وليس مخالفة
كما طالب "البقعاوي" بإعادة صياغة نظام مكافحة التستر الذي يعتبر التستر مجرد مخالفة، وتحويله إلى جريمة اقتصادية، مع استحداث فرق في الأجهزة الأمنية تتولى مكافحة الجرائم الاقتصادية ومقاضاة المتورطين أمام محاكم تجارية متخصصة.
تحجيم فرص العمل
وعن اثر التستر التجاري على المملكة اقتصادياً واجتماعياً يؤكد "الصرامي" على أن مخاطره تكمن في تحجيم فرص العمل للمواطنين واستنزاف رؤوس الأموال الوطنية، فالوافد بطبيعة الحال وبحكم تملكه للمشاريع يسعى الى توظيف عمالة وافدة ايضاً بينما رأس المال تحول ارباحه الى الخارج، وكل ذلك يتسبب بدرجة كبيرة في افشال سياسات الاستقرار الاقتصادي في المملكة وتشويه المؤشرات اللازمة لوضع السياسيات الاقتصادية المختلفة والتي من أهمها مؤشر الأسعار ومعدلات البطالة ومعدلات النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى الاثر السلبي على فاعلية السياسة النقدية، حيث إن زيادة الانشطة المختلفة في اطار معاملات التستر التجاري ستؤدي بالتأكيد إلى زيادة الطلب على النقود مما يجعل الرغبة ملحة للاحتفاظ بها وهو ما سيؤثر حتماً على فعالية السياسة النقدية، ونتيجة لذلك تضعف كفاءة الاقتصاد ويصاب توزيع الموارد بالخلل وتكثر المنافسة غير المشروعة بين المواطن والوافد وتستفحل ظاهرة الغش التجاري وتنمو البطالة؛ بسبب احتكار الوافدين لبعض الأنشطة التجارية ويزداد عبء الانفاق على المرافق الخدمية صحية كانت أم تعليمية؛ بسبب وجود أعداد كبيرة من الوافدين وزيادة التستر بين العمالة الوافدة من أجل التكسب غير المشروع.
وأكد "د.القحطاني" على أن السوق السعودي يحتاج فعلياً لهذا الحجم الضخم من العمالة؛ كون المملكة تعيش نهضة تنموية تقودها حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله–، وتساءل عن قيام هذا العدد بالدور المنوط به؟.
وقال إن نصف هذا العدد لا يقوم بدوره كون غالبية العمالة غير متخصصة، مطالباً بالتركيز على العمالة الجيدة واستقدامها من دول تحترم العمل كالعمالة الصينية على سبيل المثال، فهي الأقل مشاكل مقارنة بغيرها من الدول التي يشكل رعاياها النسبة العظمى في العديد من الجرائم التي تشهدها بلادنا!.
مهددات «اقتصاد الظل»
تعاني دول العالم من ظاهرة تهدد الكثير من اقتصادات الدول النامية تتمثل في الاقتصاد الخفي (اقتصاد الظل)،ويشمل كافة أشكال الدخل التي لا يعبر عنها رسمياً،ومن ذلك التستر التجاري، وكافة صور الفساد المالي التي تؤدي إلى كسب المال بطرق غير مشروعة واختفائه من القيود المحاسبية في القطاعين العام والخاص، وينشط في الدول التي تعاني من عدم الاستقرار وقصور الأنظمة والقوانين.
«الأجنبي» يحول الألوفات و«أبو ملف علاقي» لا يزال يبحث عن وظيفة!
وتعد أكثر النشاطات التجارية والصناعية التي سجلت معدلات مرتفعة للتستر التجاري هي البقالات الصغيرة التي سبق وأن أوضحت وزارة العمل أنها تعمل بدون تراخيص، ومحلات بيع الأقمشة، ومحلات بيع الخضار والفواكه التي أقرت الدولة سعودتها بالكامل، والمخابز، والمطاعم، أما في المجال الصناعي فقد تركزت في ورش السيارات ومراكز الخدمة. ومن آثار التستر التجاري شديدة الخطورة تلك المتعلقة بإضعاف الكفاءة الاقتصادية عن طريق الإخلال بتوزيع الموارد، وهو ما يحدث على أرض الواقع فعليا بسبب المنافسة غير العادلة بين القوى غير المشروعة لاقتصاد الظل وقوى الاقتصاد الرسمي، حيث تجتذب معاملات اقتصاد الظل والتستر التجاري النصيب الأكبر من الموارد المالية البشرية المتاحة، بسبب ضآلة أو انعدام تكاليفها وارتفاع عوائدها، مقارنة بمثيلاتها في الاقتصاد الرسمي التي ينظر إليها على أنها غير مجدية وغير منافسة، ما يتسبب في اتساع وانتشار معاملات التستر التجاري التي يذهب النصيب الأكبر من عوائدها إلى العمالة الوافدة، والذين بدورهم يقومون بتحويلها إلى الخارج وحرمان الاقتصاد الوطني من الاستفادة منها، وهو ما يشكل تسرباً كبيراً للاقتصاد السعودي، حيث يقدر حجم تحويلات العمالة الوافدة من دول مجلس التعاون بنحو 90 مليار ريال سنويا منها 63 في المائة من المملكة، أي ما يقارب 60 مليار ريال، ويبلغ معدل نمو هذه التحويلات نحو2.94 في المئة سنوياً، حيث تمثل هذه التحويلات الأجنبية حسب آخر الإحصاءات نحو8.9في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي في السعودية. وحد نظام الاستثمار الأجنبي من عمليات التستر إلى حد ما،إضافة إلى ما تقوم به الحكومة من سعودة للوظائف،
الصرامي:التستر عزز من احتكار الوافدين في البحث عن المال غير المشروع..
وحصر عمل العمالة الأجنبية في بعض المهن، وإلزام المنشآت التجارية بسعودة الوظائف المتاحة لديها بنسبة ٥٧ ٪، مما أدى إلى تضييق المجال أمام اقتصاد الظل ومنعه من الانتشار والتوسع. ويفترض أن تكون هناك رقابة مالية على ما يخرج من البلد من أموال والتحقق منها، وإشراك البنوك بذلك، ومساءلة من قام بهذه التحويلات.
معوقات تطبيق العقوبات على المخالفين
تواجه وزارة التجارة والصناعة تحديات كبيرة في إلحاق العقوبات بممارسي التستر التجاري في المملكة، الذي بدأ ينتشر مؤخراً بشكل كبير مع توسع الانشطة الاقتصادية والخدمية في المملكة.
ومن أبرز هذه التحديات نقص الكوادر البشرية والموارد المالية، وقدم الاجراءات المتخذة بحق المخالفين، اضافة الى تأخر الاجهزة الحكومية الاخرى ذات العلاقة في تنفيذ العقوبات، مما ساهم بشكل كبير في تفشي هذه الظاهرة الخطيرة.
ومن الصعوبات قلة عدد اللجان وعدم اعتماد مبالغ مالية لتكليف اللجان بالعمل خارج وقت الدوام وفق متطلبات عمل هذه اللجان وطبيعة عمل المحلات التجارية المشتبه بوجود تستر بها، حيث يزداد نشاطها بعد ساعات الدوام الرسمي، اضافة الى عدم احداث وظائف كافية لمساعدة اللجان في عملها، لاسيما في جمع المعلومات اللازمة وتجهيزها وفق ما نصت عليه المادة الثالثة من القواعد التنفيذية للنظام، وعدم تأمين وسائل كافية لتنقلات أعضاء اللجان اثناء ممارستهم مسئولياتهم، مما ادى الى اضعاف قدرتها وفعاليتها نتيجة للتوسع العمراني الكبير وانتشار المحلات والمؤسسات التجارية على نطاق واسع، كذلك تأخر بعض الجهات الحكومية المشاركة في اللجان في تعيين ممثليها بها رغم المتابعة المستمرة علهيا من قبل وزارة التجارة وتأخر البت في بعض الطلبات المحالة للجان وبالخصوص ما يتعلق بالأعمال المساندة للجان مكافحة التستر، والخاصة بضبط المخالفات وتوقيف المتهمين عند الضرورة او منعهم من السفر مما يمكن المتستر والمتستر عليه من اخفاء بعض الادلة والقرائن المؤيدة للتستر، أيضاً تأخر ربط لجان مكافحة التستر بمركز المعلومات الوطني بوزارة الداخلية لتوفير المعلومات اللازمة عن الأشخاص المخالفين.
ومن المعوقات كذلك تأخر بعض الاجهزة في تنفيذ قرارات العقوبة وابلاغ المحكوم عليه بها وعدم الاعلان في الصحف المحلية، إضافة الى تأجيل النظر في بعض القضايا من قبل دوائر ديوان المظالم لمدة طويلة، اما لعدم حضور المتظلم أو تأخر حضور المدعي العام في القضية، أو لأي سبب آخر، كذلك ضعف آلية متابعة تنفيذ القرارات الصادرة بمعاقبة المخالف والتي اصبحت واجبة التنفيذ مما اتاح لبعض المخالفين امكانية الاستمرار في ممارسة نشاطهم سواء في محل المخالفة أو في موقع آخر مرخص له من جهة رسمية، بل وربما يكون قد شجع المتستر عليه في التمادي بأعماله والاستمرار في استنزاف الموارد الاقتصادية وتحويلها للخارج.
توصيات ومقترحات
* المطالبة بتفعيل نظام التستر التجاري وإعادة تحديثه
* تنمية الانتماء الوطني لدى المواطن في عدم نقل أو تشغيل أو إيواء أي مخالف، أو السماح بأخد مبالغ مقطوعة من العامل الأجنبي، وأن يكون لديه وطنية وحس أمني في الإبلاغ عن المتستر والمتستر عليه.
*رفع شعار "لا للتستر التجاري" من خلال حملات إعلامية مركزة، ومتنوعة في جميع الوسائل.
*تقنين استقدام العمالة الأجنبية، وحصرها على المتميزة منها.
*إصدار نظام واضح للعلامات التجارية "الفرنشايز" داخل المملكة وخارجها من قبل وزارة التجارة والصناعة.
* إلزام الشركات والمؤسسات المحلية بعدم توظيف العمالة في الأعمال الإدارية والمهنية، وخصوصاً المحاسبة وإحلال السعوديين مكانهم.
*احتضان وتثقيف المواطن بعدم "التستر التجاري" والامتناع عن ممارسة الأنشطة التجارية التي تديرها عمالة أجنبية.
* سعودة النشاطات التجارية ومنع العمالة منعا باتاً من العمل بها مثل السوبر ماركات، والمطاعم، ووضع حد أدنى للرواتب لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال مع محفزات للشباب السعودي.
* تشجيع الشركات على تخصيص ميزانية سنوية لدعم الشباب على فتح وابتكار نشاطات تجارية.
*إنشاء مؤسسة متخصصة في دعم الشباب السعودي في تأسيس النشاطات التجارية وتدريبهم وتقديم المشورة في النشاط التجاري.
*مراقبة العمالة الأجنبية التي تعمل لصالحها واتخاذ الإجراءات القانونية في حقهم.
*إلزام المواطن بعدم استقدام عامل للعمل خارج دائرة مجاله التجاري.
العقوبة سجن سنتين وغرامة لا تزيد على مليون ريال
نص نظام مكافحة التستر التجاري على معاقبة المخالف لأحكام المادة الأولى من النظام، وهي أنه لا يجوز لغير السعودي –في جميع الأحوال– أن يمارس أو يستثمر في أي نشاط غير مرخص له بممارسته، أو الاستثمار فيه بموجب نظام الاستثمار الأجنبي أو غيره من الأنظمة واللوائح والقرارات، ويعد في تطبيق هذا النظام متستراً كل من يمكّن غير السعودي من الاستثمار في أي نشاط محظور عليه، والاستثمار فيه، أو ممارسة أي نشاط محظور عليه ممارسته، سواء كان ذلك النشاط عن طريق استعمال اسمه أو ترخيصه أو سجله التجاري أو بأي طريقة أخرى.
ونص النظام في مادة الرابعة الصادر بمرسوم ملكي بأن يعاقب المخالف من هذا النظام بالسجن مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.