في حلقة جديدة من سلسلة مخالفات "أصحاب الياقات البيضاء" في صندوق المئوية، فما بين رواتب خيالية وفصل تعسفي واستغلال نفوذ وتوظيف أقارب انتهى بتفاعل درامي عبر توجيهات عُليا بكف يد المدير العام للصندوق، ونائبه، وخمسة مسؤولين, جاء بنك شهير ليدخل على الخط مطالباً الصندوق بدفع قرابة 150 مليون ريال، والالتزام بتعهدات قطعها على نفسه ككفيل غارم لقروض عدة تعثر أصحابها، فما كان من البنك إلا رفع الأمر لمحكمة القضاء الإداري بالرياض.
بداية الأزمة
تفصيلاً قال ممثل بنك التسليف في شكوى مقدمة للمحكمة الإدارية بالرياض: إنه بتاريخ 30 / 2 / 1429هـ، تمّ إبرام مذكرة تفاهم بين البنك السعودي للتسليف ، والمدعى عليه صندوق المئوية، في مجال تمويل المنشآت الصغيرة والناشئة؛ الغاية منها أيقوم البنك بتمويل المنشآت الصغيرة والناشئة التي ترد عن طريق المدعى عليه؛ حيث تمّ البدء باستقبال طلبات تمويل المشاريع المقدمة للبنك عن طريق الصندوق.
الكفيل الغارم
وتابع: كان حينها يُشترَط لقبول الطلب وجود كفيل غارم، غير أن المدعى عليه طلب من البنك قبول طلبات التمويل للمشاريع التي ترد منه واعتمدها دون اشتراط وجود كفيل غارم، واستعد بأن يكون هو الكفيل الغارم، وأرسل للبنك خطاباً لهذا الغرض، فأجاز البنك ذلك، وقبله بموجب خطاب من البنك موجّه للمدعى عليه، وتمّ التعميم على فروع البنك للعمل بذلك.
تعثر المستفيدين
وأضاف ممثل البنك في شكواه: في وقت لاحق تعثر عددٌ من المستفيدين عن السداد، فقام البنك بمطالبة المدعى عليه بسداد هذه القروض المتعثرة؛ لكونه الكفيل الغارم، غير أن المدعى عليه قابل طلب البنك بالرفض مستنداً بذلك إلى مبررات غير صحيحة وغير واقعية على الرغم من قيام الصندوق بتكرار تعهده بهذه الكفالة طبقاً للخطة الزمنية لتصحيح وضع المشاريع الممولة من البنك عن طريق الصندوق.
مطلوب 146 مليوناً
اختتم ممثل البنك شكواه بقوله: أطلب من المحكمة الموقرة إلزام المدعى عليه صندوق المئوية؛ بتسديد جميع المبالغ المستحقة للبنك نتيجة الكفالة المقدمة منه التي تقدر حتى الآن بقيمة مائة وستة وأربعين مليوناً وستمائة وستة آلاف وثمانمائة وسبعة ريالات.
سجلٌ سابق
كانت "سبق"، قد كشفت في شهر أكتوبر من العام الماضي، عدداً من التجاوزات بصندوق المئوية في تقاريرها المتتالية التي حملت شعار "أصحاب الياقات البيضاء"، ووصلت القضية إلى نقطة حاسمة، في تفاعل درامي، بدأ بتوجيهات عُليا، وانتهى بكفّ يد المدير العام للصندوق، ونائبه، وخمسة مسؤولين في الصندوق؛ حيث يخضعون الآن للتحقيق من قِبل أكثر من جهة؛ منها: هيئة الرقابة والتحقيق، وديوان المراقبة العام، ووزارة المالية، وذلك بناءً على توجيهات من جهات عُليا وفق ما نشرته "سبق"، منتصف فبراير الماضي.
وأشارت معلوماتٌ "سبق"، في حينه، إلى أن هناك عدداً من المتنفذين في الصندوق تجاوزت كتلة رواتبهم الشهرية الــ 200 ألف ريال سعودي؛ فضلاً عن بدلات أخرى وانتدابات معظمها وهمية؛ إضافة إلى استخدام النفوذ والعلاقات الشخصية في تعيين وتوظيف عددٍ من المقرّبين تحت مسميات مختلفة، وبأجور لا تخضع للائحة معتمدة في التعيين، واتضح أن هناك عدداً من الموظفات تتجاوز كتلة رواتبهن الشهرية 100 ألف ريال تُعطى تحت مسميات عدة.
"ضرب اللحمة"
وتلا ما كشفت عنه "سبق"، ردّ من مدير الصندوق نشرته "سبق"، في حينه، تحت عنوان (بعد تقرير مخالفات أصحاب الياقات البيضاء.. مدير صندوق المئوية لـ "سبق": تضربون اللحمة الوطنية وسنقاضيكم")، ورغم الردّ المطول الذي جاء في صفحتين إلا أن مدير الصندوق لم يتطرق في ردّه أو يلمّح لصُلب الموضوع، وهي الوقائع المحدّدة التي نشرتها "سبق"، والمخالفات المالية الجسيمة التي أوردتها بالأرقام في خبرها السابق، بل إنه اكتفى بسرد إنجازات ونجاحات وانتهى بتهديد ووعيد، لترد "سبق"، وعبر التقرير نفسه، قائلة: (يا سعادة المدير هدّدتم "سبق" وزايدتم على اللحمة الوطنية، فمتى كان كشف الفساد والمخالفات مهدّداً للوحدة الوطنية ولحمة أبناء الشعب؟ متى كان التهديد يؤتي ثماره في ظل وجود مخالفات واضحة وتجاوزات فاضحة؟).