تُلاحقه أعين الصحافة في حضوره ، وتحتبس ألسن المتربصين في جحورها أمام ردوده ، ويرتفع التصفيق مُعجباً ببديع خطاباته مرة وبحسن إجاباته المُرتجلة مرات ، أعني وزير الخارجية السعودي عادل الجبير.
لا ينكر إلا المعاند أن عادل الجبير – منذ توليه منصب وزير الخارجية - بمثابة صوتنا المسموع ، صوتنا الصادع في وجه العدو المتربص الذي يعمل ليلاً ونهاراً لتشويه صورتنا وللإفتراء علينا وعلى ديننا ، فهو صوتنا المسموع بعد خفوت ، ومن العدل الثناء على مُستحق الثناء ، والثناء على "كلمات معينة لشخص ما" لا يعني موافقته في فكره أو في غيرها من الكلمات ، والناظر بعين العدل سيُدركُ المراد من هذا الاحتراز!
*****
لكن صوتنا المسموع هذا ، لا يمكن أن يبني ، ولا يمكن أن يؤدي دوره ، ولا يمكن أن يُنجز ، ما دام إعلامنا يسير مع العدو حيث سار، وما دام إعلامنا ينقضُ ما يقوله وزير خارجيتنا وينشرُ ما يروجه العدو عن ديننا وبلدنا.
أمام الدعوى الباطلة بأن داعش من الإسلام ، وأن الفكر الداعشي إنما نبت وتغذى من الفكر الوهابي - كما يسمونه – حضر عادل الجبير فأجاب ، ولم يكن جواب الجبير كحال بعضنا ممن يروج للأكذوبة بدلاً من نقضها ، فيُلقي باللوم على المسلمين ثم يعِدُ بالتغيير وترتعدُ فرائصه فُيسلم الخطام والزمام عند أول تهديد ليقوده الغريب حيثما يريد! لم يكن هذا حال الجبير ، بل أجاب بأحسن جواب حتى صفق له السائل نفسه قبل غيره لحُسنِ ما قال.
لكن، لم يكد عادل الجبير يُنهي إجابته ويطمئن إلى بنائه ، إلا ونحن نرى إعلامنا يكرر تلك الأكذوبة ويُصدق تلك الدعوى ويبثها في نوافذه!
تخطبُ إيران ضد السنة وأهل السنة وضد بلاد الحرمين ، فيرددُ صدى خطبها حسن نصر اللات ليلاً ، فلا يبزغ الفجر إلا وقد أتى عليها عادل الجبير من قواعدها فأحالها هدماً ، لكن تلك الأكاذيب الإيرانية لا تلبث أن تُطلَ علينا في صحفنا ظهراً ، ونسمعها في قنواتنا عصراً ! وممن ؟ ليس من إيراني ولا شرقي ولا غربي ولكن من مسلمين عرب سنة سعوديين! وفي إعلام من ؟ في إعلامنا نحن المحسوب علينا سواء في الصحف السعودية المحلية ، أو في القنوات المملوكة لسعوديين ، أو في المراكز التي تُدار من سعوديين وتنتشر مكاتبها في السعودية ، أو في دول تزعم أنها حليفة وصديقة وفيه للسعودية!
تأمل في هذه التصريحات :
عادل الجبير وزير الخارجية " سعودي" : داعش ليست منا حتى وإن انتسبت إلى الإسلام ، ديننا دين العدل ، يُعظمُ الدماء ، وينهى عن انتهاك الحرمات.
قينان الغامدي – إعلامي سعودي - يقول عبر نافذة إعلامية سعودية وفي صفحته في : في كل بيت داعشي! هيئة الامر بالمعروف داعشية ، والقضاء السعودي فيه دواعش!
منصور النقيدان – كاتب سعودي رئيس هيئة تحرير مركز دراسات المسبار في الإمارات - يقول : داعش نبته سلفية خرجت من رحم الصحوة الإسلامية في بلاد الحرمين!
وبالقدر الذي يظهر عادل الجبير مدافعاُ عن الحقيقة ، وبالقدر الذي نرى الغيورين في وسائل التواصل الإجتماعي يُدافعون عن الحقيقة ويكشفون ستار الإجرام الصفوي الإيراني وإجرام الحشد الشيعي في العراق ؛ نرى أقلاماً سعودية وفي منابر سعودية ، تعيث فساداً وتشقُ الصف وتغض الطرف عن إيران وإجرامها ، وعن الحشد الشيعي في العراق وانتهاكاته ، ثم تقدح في أهلها ودولتها ، مرة باتهام الدين والإسلام السني الصحيح بأنه المنبع للإرهاب ، ومرة بتكرار ما يقوله العدو المتربص وما يردده من أكاذيب!
*****
فمن هو المسئول ؟
من المسئول عن هذه المهازل ؟ ومن هو الملوم بسبب صمته وإغضائه عن مثل هؤلاء ؟ هل تصدق أن هناك إعلاميون مسلمون سعوديون يدعون الله أن ينصر بوتين في سوريا! انعدام للحياء من الله ثم من خلقه!
سؤالٌ يلوح أمام الأنظار ويطرح نفسه في كل مرة نرى فيها تلك الأقلام الأجيرة ونسمع فيها تلك الأبواق الحقيرة ، إلى متى هذا ؟ ولماذا الغياب لوزير الإعلام السعودي ؟
تركي الدخيل "سعودي" = رئيس مركز المسبار ، ومعلومٌ أن هذا المركز يُنتجُ كتباً تصبُ غالباً في اتهام الدين وأهل الدين ومحاولة تشويه الهوية الإسلامية ، وإلصاق تُهم التشدد والظلم والقتل إلى المجتمع المسلم إما تصريحاً وإما ضمناً ، وفي المقابل، الترويج للفكر الغربي وتعظيمه وتلميعه ، ومع أن القيمة العلمية والبحثية لإصدارات هذا المركز لا تختلف عن القيمة العلمية والبحثية للكتاب الأخضر للقذافي أو القيمة العلمية لخزعبلات إبراهيم البليهي ؛ إلا أنها تُقَدمُ للناس في صورة براقة ، ويُقدمُ مؤلفوها للناس بأنهم باحثون متخصصون حتى يُحقق المركز أهدافه التي هي في الحقيقة أهداف العدو.
باقة MBC بشتى قنواتها بما فيها قناة العربية الإخبارية ، مالكها سعودي ومحسوبة على السعودية ، ولم تزل هذه القناة منذ نشأتها سلاحاً للعدو ، ليس فقط بنشر هويته الأخلاقية المتردية وبثها في بيوت المسلمين ، وإبراز سقط المتاع واستضافتهم في نوافذها – وهذا ليس موضوعنا هنا – ولكنها سلاحاً للعدو حتى في هذا الوقت الحساس والذي نخوض فيه معركة وجود مع عدو متربص خبيث ، لم تُغير من صورتها البائسة المعهودة بل تجرأت حتى أصدرت " حكاية حسن" بكل بجاحة ، لتجعل من المجرم العميل قاتل النساء و الأطفال - حسن زميرة - قائداً عظيماً لكل الحروب! كل هذا تفعله قناة العربية اسماً والصهوينية حقيقة مع العلم أن مديرها الحالي هو تركي الدخيل " مواطن "سعودي"
قناة الإخبارية السعودية تستضيف القبيح " وسيم يوسف" الأردني الإماراتي ، وهو لم يفتأ ليل نهار يقدح في الدعاة السعوديين! والعمل المنظم لهذا المُرتزق لم يعُد يخفى على المتابع ، حيثُ سيُدرك أي متابع له ولخطواته أنه مجرد دُمية في الصورة وأن خلفه فريق متكامل يسعى ليل نهار بالاستطالة على علماء البلد ودعاته بطريقة خبيثة تلبس لبوس الحمل وتُخفي الغدر والخيانة ، فمن هو المستفيد من استضافة مثل هذا ؟ وأي رجاء من مُرتزق يُسيء لدعاة يُحبهم الناس؟ وهولاء الدعاة يُباركون خطوات حكومتهم في موقفها من العدوان الإيراني الصفوي؟ وهم – أعني هؤلاء الدعاة – رصيدٌ ضخم وسلاحٌ فعال يصب في مصلحة البلد ، أي رجاء في استضافة مثل هذا في قناة رسمية إلا تفريق الصف وقطع الثقة بين عموم الأمة وعلمائها ودعاتها!؟
وإذا انتقلنا إلى صحفنا فحدث ولا حرج ، ففي يوم واحد تنشر صحفنا السعودية أكثر من 15 مقالة لكُتاب سعوديين يُسيئون فيها إلى جهاز رسمي حكومي وهو جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ثم بعد ذلك بأيام تبدأ الصحف بحملة جديدة على أئمة وخطباء المساجد ! ماذا يعني هذا ؟ أليس هو أمرٌ مُدبرٌ بليل ؟
فلنفرض أن بعض أفراد الجهاز أخطأوا في تصرف ما ، ثم ماذا ؟ هل هم أول من يُخطئ ؟ وهل يتعامل هؤلاء الكُتاب مع الأجهزة الأخرى كالشرطة والمباحث وغيرها بذات الطريقة ؟ وهل هذا التصرف من هؤلاء الكُتاب في وضعنا الراهن يُسهم في قوتنا وتكاتفنا أم في فرقتنا وإضعافنا أمام العدو ؟ مع أن فعلهم خطأ في ذاته لكنه يزداد سوء عندما يحدث في مثل هذه المرحلة.
ليس هذا فحسب ، بل صحفنا ليل نهار تُسيء للمسلمات الشرعية الموثوقة عند الناس ، مرة بالتصريح ومرات بالتلميح ، ولا يد تتحرك لإيقاف تلك الأقلام المرتزقة ، فالقدح في الأحاديث لم يعُد محل غرابة ، وتفسير القرآن بحسب هوى الكاتب أصبح كالظاهرة ، وهلم جراً ..
*****
يا وزير الإعلام :
كل من أشار إليهم المقال لا يخلو حالك معهم عن أمرين: إما أن لك سلطة عليهم وإما أنهم من أصحابك ، فتركي الدخيل هو خليفتك في قناة العربية التي كنت مديراً لها قبل منصب وزارة الإعلام ، وهو رئيس المسبار ، والصحف السعودية كلها تأتمر بأمرك ، وهذا يعني وقوع الملامة عليك.
يا وزير الإعلام :
الإعلام هو السلاح الناعم الفتاك في آن واحد ، والمطلوب منك – وأنت وزير الإعلام - أن تسير بإعلامنا على هدى ، وأن توجهه ليعكس هويتنا الحقيقية وليس ما يدور في عقول ثلة من المرتزقة..
المطلوب منك أن تسير بإعلامنا لرد الافتراءات الخارجية ومواجهة الحرب الإعلامية التي تُشن علينا من الصحف الغربية والشرقية..
هذا هو واجبك! ولكن إن ضعفت عنه فلا أقل من أن تمنع فساد الفاسدين ، فمن ضعُف عن فعل الخير الذي هو واجبٌ متحتمٌ عليه فلا أقل من كف شره!
إن ضعُفت عن واجبك فدع عادل الجبير يقوم بالمهمة ولكن – بالله عليك - كُف عنا الأقلام المرتزقة والأفواه الناهقة والناعقة التي تقدحُ فينا ليل نهار وتروج بضاعة العدو وتُحقق مبتغاه.
*****
إننا نعيش معركة وجود ، والعدو من كل جانب ، والواجب الذي لا يقبل التأجيل أو التأخير أن نتحد لمواجهة هذا العدو المشترك ، وأول خطوة يجب أن تُتخذ لمواجهة هذا العدو = كشف المرتزقة والعملاء من إعلاميين وغيرهم ، ممن يحققون أهداف العدو ويسيرون في صفه ويأتمرون بأمره حتى وإن نطقو اننا ولبسو ثيابنا ، وإن تأخرت هذه الخطوة فلنتأكد تماماً أن مواجهتنا للعدو ستفشل وأنه لا يمكن للبناء أن يكتمل.
وقد قالها ابن برد ذات يوم :
متى يبلغُ البنيان يوماً تمامه ... إذا كنتَ تبني وغيرك يهدمُ