أظهرت جولة ميدانية قامت بها "الاقتصادية" في مدينة جدة، عن حالة من الركود العام في حركة بيع وشراء الأراضي التي تسببت في انخفاضها بنسبة تصل إلى 40 في المائة. وعجت شوارع أحياء رئيسة في جدة بلافتات "للبيع" على واجهات عمائر وشقق سكنية، ما يكشف ارتفاع حجم العرض وغياب المشترين.
وأرجع عقاريون أسباب الركود إلى انتظار لائحة الرسوم على الأراضي البيضاء، إضافة إلى احتمالية صدور منتجات جديدة من وزارة الإسكان، مما قد يسهم في انخفاض أسعار العقارات والأراضي في مناطق المملكة كافة.
وقال خالد الغامدي رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة، إن قطاع العقار غير مفصول عن الوضع الاقتصادي، فهو يعاني ركودا عاما، لعدة أسباب تتعلق بحالة الترقب لصدور منتجات جديدة من وزارة الإسكان، وكذلك لائحة رسوم الأراضي، ومقدم الـ 30 في المائة في القروض العقارية.
وأضاف أن الأراضي خارج النطاق العمراني انخفضت بسبب الركود بين 30 و40 في المائة في جوهرة ثول والهجرة وجوهرة العروس، لعدم توافر الخدمات فيها، أما الأراضي داخل النطاق العمراني، المشمولة بجميع الخدمات فانخفضت بشكل بسيط يراوح بين 10 و15 في المائة. وأشار الغامدي إلى أن وجود عدم رغبة من الملاك في البيع بأقل من سعر الشراء، يقابل ذلك عدم رغبة المستهلكين في الشراء، ما أدى إلى هذا الركود الطويل للسوق، مبينا أن قطاع الشقق السكنية يشهد حركة ضئيلة من بعض المشترين الذين لجأوا إلى المصارف، رغم اشتراط دفع مقدم 30 في المائة، الذي أدى إلى انخفاض القروض العقارية بشكل كبير. وأكد أن الركود الحالي لن يؤدي إلى تصحيح الأسعار، لأن الطلب ما زال يفوق العرض، والركود يعود إلى أسباب تشريعية ليست مبنية على العرض والطلب.
وحذر الغامدي من توقف المطورين عن البناء لفترات طويلة مع توقف منتجات وزارة الإسكان، الذي سيؤدي مستقبلا إلى توسيع الفجوة بين العرض والطلب، وبالتالي عدم الوصول إلى حلول سريعة وجذرية لمشكلة الإسكان، ما يضطر المواطنين إلى الإيجار، وعندها سترتفع الإيجارات بشكل كبير، ونظل ندور في دائرة مفرغة ــ حسب وصفه.
من جانبها، أكدت ميساء النعمان عضو اللجنة العقارية في غرفة جدة؛ أن سوق العقار يعاني الركود من فترة طويلة بسبب عدم وضوح الرؤية للمستثمرين والمستهلكين، فلائحة رسوم الأراضي غير معروفة حتى الآن، مما تسبب في نزول الأسعار خارج النطاق العمراني بنسب تراوح بين 30 و40 في المائة لتخوف الملاك من أن تطولهم رسوم الأراضي رغم عدم وجود خدمات في مناطقهم، وكذلك تخطيط مزيد من الأراضي وتوزيعها، ما يؤدي إلى وفرة في السوق وبالتالي انخفاض أكبر للأسعار، مشيرة إلى أنه ما زالت الأسعار محافظة على مستوياتها الثابتة داخل النطاق العمراني.
وطالبت النعمان وزارة الإسكان بالإعلان عن اللائحة التنفيذية لرسوم الأراضي لتتضح الرؤية للجميع حتى يتخذ كل مواطن القرار المناسب. وأوضحت أن المطورين ما زالوا يتحكمون في أسعار الشقق السكنية. وذكر هاني بوقري مدير مؤسسة بوقري العقارية، أن سوق جدة بصفة عامة يعاني ركودا كبيرا على مدى تسعة أشهر مضت، وتعد أراضي الشمال الأكثر تأثرا، حيث انخفضت الأسعار في الأطراف بنحو 35 في المائة، أما داخل المدينة فالوضع أفضل بكثير، لأن عروض البيع قليلة جدا، وتقتصر على من يرغب في الحصول على سيولة.
وأضاف بوقري "من أسباب الركود ترقب المستثمرين للائحة رسوم الأراضي وانخفاض الطلب، مشيرا إلى أن قطاع العمائر والشقق السكنية أصبح متفوقا على الأراضي". واعتبر أحمد كعدور "عقاري" أن الركود الحالي طبيعي بسبب خروج كثير من التشريعات الجديدة بهدف ضبط السوق بعد أن شهد ارتفاعات غير طبيعية، مشيرا إلى أن التأثير اقتصر على أراضي الأطراف التي تعاني نقص الخدمات، فيما بقيت أسعار الأراضي داخل النطاق العمراني مستقرة.
وأرجع كعدور السبب الرئيس لابتعاد المستثمرين والمستهلكين عن السوق لعدم وضوح قرار رسوم الأراضي ومقدم الـ 30 في المائة.
ويرى علي الزبالي "مسوق عقاري" أن ركود العقار يأتي بسبب مشروعات وزارة الإسكان المرتقبة، لافتا إلى أن معدلات الارتفاع تخطت متوسط دخل الأفراد، مما جعل أغلب المستثمرين والمطورين العقاريين ينتظرون نقطة استقرار يصل إليها، مبينا أن الركود يتركز في الأطراف ويقل تدريجيا حتى وسط المدينة. وأضاف: "لا توجد حاليا أي معايير أو مقاييس محددة متفق عليها لتثمين العقار إنما يتم التثمين حسب الخبرة بالمجال العقاري وحسب سعر السوق الحالي".