انا بكره إسرائيل، ولكن ليس على طريقة شعبان عبدالرحيم، فأنا مثلاً لا أحب عمرو موسى (ولا أعني الرجل في شخصه ولكن المؤسسة التي كان يمثلها حينما أطلق شعبولا موّاله الشهير). كما إنني لا أستطيع أن أقول أنا بكره إسرائيل لأنني حينها سأبوء بإحدى إثنتين إما كراهية نبي الله يعقوب عليه السلام (إسرائيل) أو الإعتراف بشرعية الإحتلال الصهيوني لفلسطين.
وبصراحة وعلى بلاطة أنا بكره اليهود. وعلى خلاف ما يشاع من أن اليهودية هي دين قوم موسى إلا أن اليهودية ليست ديناً وإنما هي عرق أو قومية نسبة إلى يهوذا إبن لينا زوجة يعقوب. وإنما نسب دين موسى إليهم لأنهم إتبعوه، ولم يتبعوه إلا لتحقيق مصالح دنيوية، لتخليصهم من إستضعاف آل فرعون لهم، بل إنهم لم يؤمنوا لموسى وظلوا يناكفونه ويؤذونه ويتمنون عليه الأماني كقولهم (لن نصبر على طعام واحد، وإبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله) ولم يعترفوا بربوبية الله فما فتئوا يقولون لموسى (أدع لنا ربك؛ وإذهب أنت وربك فقاتلا). وقد كان موسى أكثر الأنبياء ذكراً في الكتاب ليبين الله لنا أنه قد أوذي من قومه ثم قالوا له أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا.
وحتى حينما أرسل إليهم عيسى تآمروا عليه ليقتلوه لولا أن رفعه الله إليه، ولا يزالون يعتقدون بذلك ويتباهون به ووصل الحد بأحدهم أن يقول لو بعث مرة أخرى فسنقتله. وحتى قبل أن يبعث موسى ومنذ أن كانوا (أبناء إسرائيل) يحدثنا القرآن كيف تآمروا على أخيهم يوسف، وكانت الفكرة الأولى أن يقتلوه أو أن يلقوه في العراء فتقتله إحدى الدواب لولا أن هداهم الله أن يلقوه في غياهب الجب ليلتقطه بعض السيارة والله غالب على أمره.
والدليل على قوميتهم هو أنهم ذكروا كبني إسرائيل في القرآن المكي، ولم يذكر اليهود إلا في المدينة حيث عاشوا كقومية لها خصائصها الدينية والعرقية. واليهود لا يبشرون بدينهم، كما أنهم لا يعترفون باليهودي إلا إذا كان من أم يهودية، وظلوا مجتمعاً منغلقاً ومنعزلاً وبالتالي منبوذاً كما هو الحال مع الغجر في أوروبا أو الهيبيز في أمريكا. وحتى لو سلمنا جدلاً بأن اليهودية كمصطلح هي دين موسى فإن جناحها السياسي (الصهيونية) هو الذي يضع لها نواميسها وبروتوكولاتها وتوراتها. وهم اليوم يدّعون بأنهم جاءوا إلى فلسطين لأنها أرض الميعاد، ولكنها لم تكن خيارهم الأول في بحثهم عن وطن يأويهم وكان أقصى ما يطمعون فيه هو رقعة أرض في أفريقيا أو أمريكا الجنوبية، ولولا حاجة في نفس بريطانيا لكانوا قد كوّنوا دولتهم هناك، فكل ما كانوا يحتاجون إليه هو دولة يسيطرون من خلالها على العالم. وها هم يصطادون عصفورين بحجر واحد حيث إتخذوا من أمريكا مركزاً للسيطرة ومن فلسطين مستوطنة لهم.
ولست وحدي في كراهية اليهود، فقد ظلو مكروهين ومنبوذين ومضطهدين على مر الأزمنة والأمكنة بسبب (عمايلهم) التي ذكرها القرآن والتي كتبها المؤرخون. ولم يك آل فرعون وحدهم هم الذين يسومونهم سوء العذاب فكذلك فعلت الإمبراطورية الرومانية وروسيا ستالين وألمانيا هتلر وفي كل الدول التي تفرقوا فيها، وضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا "وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" ذلك لأن "كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ".
وحتى في أمريكا كوّنوا جماعاتهم الخاصة ومجتمعاتهم الحصرية. وإذا هم يلجأون إلى أساليبهم الإبتزازية والربوية وسيطروا على صناعة القرار لتوجيهه لصالح دولتهم المغتصبة التي أصبحت عبئاً على خزينة الدولة (الأم البديلة). فبعد أن أنجبتها بريطانيا تكفلت أمريكا بتربيتها. ولهذا لم يجدوا القبول في المجتمع الأمريكي المسيحي الذي ينكر كثيراً من عاداتهم وطقوسهم وممارساتهم.
ويقص القرآن علينا (كما يقص على بني إسرائيل) الكثير من الآيات التي تبين نعم الله عليهم وكفرهم بها. وحتى في الأدب الإنجليزي نقرأ رواية شكسبير تاجر البندقية وروايات أخرى تقص علينا جشعهم ومكرهم الذي يعاني منه العالم بأسره.
ويقف إنكارهم لرسالة محمد دليلاً على إستكبارهم، فعلى الرغم من علمهم المسبق ببعثته وعلمهم بصدقه بعد بعثته إلا أنهم كفروا بما جاء به لأنه لم يكن من بني إسرائيل. وحتى لو كان منهم لما آمنوا به إلا ليستنصرون به على العرب، ولظلوا من بعده يكفرون.