القاهرة – أصدرت دار الإفتاء المصرية بياناً الاثنين أكدت فيه أن الاحتفال بذكرى مولد النبي محمد "جائز شرعاً"، بل واعتبرته "من أفضل الأعمال وأعظم القربات"، باعتبار أنه يعبر عن "الفرح والحب للنبي".
وجاء البيان على خلفية رصد دار الافتاء لفتوى سلفية تحرم الاحتفال بالمناسبة الدينية.
ولفت البيان إلى أن مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الافتاء رصد مؤخراً فتوى منسوبة لأحد القيادات السلفية، يُدعى سعيد عبدالعظيم، يُحرِّم فيها الاحتفال بالمولد النبوي، باعتبار أنه "من البدع والضلالات".
وحرم الشيخ السلفي الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، قائلاً: "إنَّ المولد محدَثٌ لم يقع في عهد الصَّحابة، وإذا عُلِم أنَّه محدَثٌ فهو بدعة، وكلُّ بدعة ضلالة كما صحَّت بذلك الأخبارُ عن النَّبي محمد".
واضاف أن العلماء اختلفوا في تحديد يوم ميلاد النبي، حيث ذكر أن بعضهم قال إنه ولد في رجب وليس في ربيع الأول، وهذا أدل على تحريم الاحتفال بميلاد النبي هذه الأيام.
ومع اقتراب ذكرى "المولد النبوي"، الذي يوافق الأربعاء، تجدد الجدل حول "مشروعية" الاحتفال بالمناسبة الدينية.
وذكر البيان الصادر التابع لدار الإفتاء، أن "محبة النبي أصل من أصول الإيمان"، وشدد على أن الاحتفال بمولد النبي محمد هو "أمر مقطوع بمشروعيته، لأنه أصل الأصول ودعامته الأولى".
ورداً على تلك الفتوى، أوضحت دار الإفتاء أن "جماهير العلماء، منذ القرن الرابع الهجري، أجمعوا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي"، وأضافت أن إحياء ليلة المولد تكون بـ"شتى أنواع القربات، من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله".
ويدعو علماء الدين من المعتدلين الى تجاهل الفتاوى التكفيرية والمتشددة ونبذ الفكر الظلامي.
واعتاد المصريون كل عام على الاحتفال بمولد الرسول حيث تمثل المناسبة موعدا لاهداء الحلوى لبعضهم البعض على اختلاف أنواعها التقليدية مثل السمسمية والفولية والبسيمة والملبن المحشو بالمكسرات والسادة وجوز الهند والنوقة وغيرها.
وتحتفل دول عديدة بمناسبة المولد النبوي لكن احتفال العاصمة المصرية القاهرة بتلك المناسبة -التي يكون فيها يوم المولد عطلة رسمية- يختلف ويتميز بطرح حلوى شرقية تقليدية تعرف باسم حلوى المولد.
وتكاد تجمع الشواهد التاريخية على أن عروس المولد مصرية خالصة، فقد كانت ولا تزال مصر منذ حكم الفاطميين تصنع هذه الحلوى من السكر وتجمل بالأصباغ، ويداها توضعان في خصرها وتزين بالأوراق الملونة والمراوح الملتصقة بظهرها.
وتعرض العروس الجميلة بشتى الأشكال والألوان في كل محلات مصر من شمالها الى جنوبها.
وتظل الأحياء الشعبية مثل حي السيدة زينب وحي الجمالية وباب الشعرية والمطرية وشبرا والقلعة أكثر احتفاء بهذه المناسبة حيث تلقي إقبالا هائلا من الطبقات الفقيرة والمتوسطة بما تدخله من بهجة على الصغار الذين يصرون على شرائها.
وترسخ العروس التي بدأت صناعتها في مصر في العصر الفاطمي محبة رسول الله في قلوب المصريين.
وتستحوذ محبة الرسول محمد على قلب المصري كونها جزء لا يتجزأ من تكوينه الإنساني والحضاري والثقافي الذي نشأ عليه.
ولا يهتم اغلب المصريين بفتاوى التحريم، حيث يعتبرون ان الاحتفال بالمولد النبوي ليس عبادة، وإنما وسيلة للتعبير عن الفرح بمولد الرسول الكريم، ولا يوجد دليل واحد على المنع منه، خاصة وأنه مقصد صالح لادخال السرور على الأسرة أو صلة الآرحام، أو زيادة المحبة بين الناس.