[IMG]http://i0.wp.com/www.maaal.com/wp-*******/uploads/2015/04/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%86.jpg?w=618[/IMG] عضو معهد التقييم الكندي IbraheemAlsahan@
يعَرف الإنجليز “الشبك” بأنه تحويل الأرض المستخدمة لأغراض المجتمع العامة إلى ملكية خاصة, و بدأت هذه الظاهرة في نهايات القرن الثاني عشر و بدايات الثالث عشر في المملكة المتحدة, عندما قام أصحاب القرار في تلكم الفترة, بتوزيع الأراضي و تحويلها إلى ملكيات خاصة و استخدامها كـ(شرهات) للمقربين و الحاشية بديلا للذهب و الأنعام و التي كانت تعد الثروة الحقيقية في ذلك الوقت, و بعد مرور السنوات و العقود تزايد التعداد السكاني لبريطانيا و أصبح الإقتصاد منتعشا, حتى أصبحت تلكم الأراضي الشاسعة المملوكة لأشخاص داخل نطاق المدينة, و بالتالي احتاج الناس لإستخدام هذه الأراضي للسكن و البقاء بالقرب من أعمالهم المتمثلة بالزراعة و رعاية الماشية لصالح أصحاب الشبوك, و لكن رفض أصحاب الشبوك بيع الأراضي لأنهم وجدوا فيها ثروة متزايدة مع الوقت, خاصة مع ازدياد حاجة الناس لها, بل و كانوا يستهترون بمشاعر الناس بأن يعرضوا على موظفيهم السكن في الحظيرة مع الخيول, أو السكن في ضواحي المدينة البعيدة.
و عندما اشتدت أزمة السكن التي عانى منها الجميع و التي اضطرت أغلبهم للسكن في ضواحي المدن و تكبد مشاق التنقل للوصول لأعمالهم, خرج شاب يدعى توماس أندرو, لتوعية المجتمع من حوله بأن ما يعانونه من أزمة في السكن هو بسبب أصحاب الشبوك, و أن ما يجب عمله هو توزيع هذه الأراضي الشاسعة على من يعمل فيها أو حولها ليحصل كل منهم على سكن ملائم و قريب من مكان عمله, و عندما تصاعدت وتيرة المطالبة من المجتمع البريطاني, بدأت الحكومة تتنبه لذلك, و خرج عضو البرلمان السيد هولات و الذي كان محابيا لسياسة الشبوك, باقتراح يُلزم أصحاب الأراضي ببيع أراضيهم للموظفين الذين يعملون بها مقابل قيمتها السوقية العادلة بدلا من نزعها منهم, و بعد تطبيق القرار قام ملاك الأراضي بمضاعفة قيمتها مرات عديدة حتى تكون القيمة السوقية مستعصية على الأغلبية, لأنهم في الأصل لم يكونوا بحاجة إلى أموال تلكم الأراضي, نظرا لأن تجارتهم في الماشية و الصوف توفر لهم دخلا يغنيهم و يفيض عن حاجتهم.
في هذه الأثناء حظي بعض الموظفين المقربين من ملاك الأراضي بفرصة لتملك السكن, و بدء هؤلاء المتزلفين بالترويج لسهولة تملك السكن, و أنه يحتاج فقط إلى جهد و صبر حتى يتمكن الشخص من إدخار الثمن, و بدء الأمل يدب في المجتمع بأنه سيحصل على السكن قريبا و اجتهد المجتهدون لإدخار ما يستطيعون, و لكن هيهات لهم أن يجدو سبيلا لذلك, لأن أصحاب الشبوك استمروا برفع قيمة الأراضي أكثر فأكثر, لعلمهم أنها سلعة نادرة و مطلوبة, فأصبح السكن الذي يتطلب اليوم 5 سنوات للحصول عليه سيتطلب بعد سنة 10 سنوات, و هكذا صار الناس يزدادون فقرا و حاجة و أصحاب الأراضي يزدادزن ثراء عاما بعد عام, و قد وصف الدكتور برايس الذي عايش تلكم الحقبة بقوله “السياسة الإقتصادية الحالية, تعمل لصالح الأثرياء و قد تحول المجتمع إلى طبقتين أثرياء و فقراء, أو نبلاء و عبيد” و يقصد بالعبيد هولاء الذين يكدحون طوال وقتهم في العمل ليحصلوا على القليل.
لم ينتصر لأغلبية الشعب في تلكم الحقبة الساسة لأن مصالحهم تتقاطع مع أصحاب الشبوك و تعزز مكانتهم, كما لم يقف رجال الدين و الكنيسة مع الفقراء ضد الجشع لأن التجار هم من كانوا يدعمون الكنيسة بسخاء لكسب رضاها. رأى هنري جورج -المنظر الإقتصادي لرسوم الأراضي- في منتصف القرن التاسع عشر ما آلت إليه حالة المجتمع, و ذكر في كتابه (التقدم و الفقر) ما نصه “التباين بين طبقتي المجتمع, الغني و الفقير, يمكن أن يقاس بسعر الأرض في ذلك المجتمع” لأن الأرض التي يستحوذ عليها القلة مضرة للكثرة و ذلك لحاجتهم إلى أن تفنى أعمارهم و أموالهم في تملك السكن, بل و قد يصل الأمر إلى استحالة تملكه بسبب ضعف التنظيم و ضعف تشريعات الإقتصاد السياسي, الذي يعزز دور الحكومة في الإصلاح الإقتصادي, و بالتالي تتزايد الطبقية المتطرفة بأن تتضخم ثروة أصحاب الشبوك عاما بعد عام مقابل أن يعمل الأخرون عشرات السنين للحصول على قطعة أرض.
الخلاصة,التاريخ ذكر الأسماء و لم, و لن ينسى من آثر المصلحة العامة على الخاصة, و من قاد التغيير لصالح عامة الشعب بدلا من خاصته