كشفت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي أن القطاع المصرفي السعودي يتسم بالقوة، مؤكدة قدرة اقتصاد المملكة على مواجهة التحديات التي فرضها، انخفاض أسعار النفط،.
ووفقا لـ “الاقتصادية” دعت لاجارد إلى تطوير سوق مستقل للسندات في المملكة كأداة تمويل مهمة شريطة أن يكون إصدار هذه الأذون والسندات مبرمجا وفق مواعيد وجداول زمنية محددة.
وأثنت مديرة صندوق النقد على الإجراءات السعودية الخاصة بفتح سوق الأسهم أمام المستثمرين الأجانب المؤهلين وخطط فتح قطاع التجزئة بالكامل أمام الشركات الأجنبية، مؤكدة أن فتح قطاعات مهمة جديدة أمام القطاع الخاص يعزز من دور جاذبية السوق.
وعن مغزى زيارتها للرياض قالت لاجارد:”تشرفت اليوم بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث جرى بحث التطورات الاقتصادية العالمية ومستقبل التعاون بين المملكة وصندوق النقد الدولي. كما أجريت مباحثات مهمة مع الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية تناولت أداء اقتصاد المملكة ووضع النظام المصرفي. وتم التركيز على التحديات الاقتصادية التي تواجه السعودية ودول المنطقة والسياسات التي يمكن اتباعها للتعامل مع هذه التحديات. وزيارة الرياض تأتي ضمن جولة أقوم بها حاليا إلى منطقة الخليج التقيت خلالها أمس الأول مسؤولين ووزراء مالية دول مجلس التعاون الخليجي الست في الدوحة، حيث دار حديث بناء حول الموضوعات الاقتصادية الملحة، وخصوصا آفاق الاقتصاد الخليجية”.
وحول تقييم صندوق النقد الدولي أداء الاقتصاد السعودي في ظل الإجراءات التي اتخذتها المملكة أخيرا بالسماح للمستثمرين الأجانب المؤهلين بالاستثمار المباشر في سوق الأسهم السعودية، وكذلك التوجه نحو فتح قطاع التجزئة بالكامل أمام الشركات الأجنبية؟ قالت :”صندوق النقد يقدر بإيجابية هذه الخطوات الإصلاحية، وحقيقة كان لدي انطباع جيد خلال زيارتي (اليوم) إلى هيئة السوق المالية بشأن الإجراءات التي اتخذتها الهيئة لتوسيع قاعدة السوق وإصدار لوائح تنظيمية تعمل على حماية المستثمرين في السوق. دعني أقول لكم .. أنا أومن بأن فتح وتقوية وتوسيع السوق المالية طريقة مهمة لتحقيق التوازن المطلوب في مصادر المالية العامة، حيث تحظى السعودية بقطاع مصرفي قوي، لكن هناك ضرورة لتطوير أسواق الأسهم والسندات بشكل متواز. وأعتقد أن تطوير سوق مستقل للسندات في السعودية يمكن أن يشكل قناة تمويل إضافية، خصوصا إذا كان إصدار الأذون أو السندات مبرمجا ضمن مواعيد وجداول زمنية محددة. ونعتقد في هذا الإطار أن تقوية السوق تحتاج إلى خطط مدروسة من الجهات ذات العلاقة”.
وعن تراجع أسعار النفط بقوة خلال عام، مع موقف المملكة الداعي لترك قوى السوق وهي العرض والطلب أن تحدد الأسعار وليس اللجوء إلى سياسات ضغط عبر تخفيض الإنتاج؟ أوضحت لاجارد:” كما تعلمون هذه المرة ليست الأولى التي تنخفض فيها أسعار النفط، فقد واجهت الدول المنتجة انخفاضات مماثلة في السابق، والسعودية تتبع سياسة واضحة في التعامل مع أزمة انخفاض الأسعار. ونعتقد في صندوق النقد أن انخفاض النفط يعتبر فرصة تتطلب من السعودية دراسة عدة خيارات أولها إعادة النظر في سياسة الإنفاق العام، وعندما نقول ذلك فلا بد من إعادة النظر في سياسات الدعم. إضافة إلى تحويل وجهات الإنفاق إلى مشروعات ذات كفاءة استثمارية عالية.وثانيا يجب إعادة النظر في فاتورة الأجور التي تشكل عبئا على كثير من الحكومات في العالم، وذلك باتباع سياسة أكثر تشددا.
وحول تقييم صندوق النقد الدولي للدور الذي تقوم به السعودية في دعم استقرار الاقتصاد العالمي، ومساعداتها دول المنطقة في مواجهة تحدياتها الاقتصادية؟ كشفت لاجاردأن السعودية تعتبر من الدول الداعمة لصندوق النقد الدولي، ونثمن هذا الدعم المتواصل الذي تقدمه المملكة منذ زمن بعيد للمساعدة في الاستقرار العالمي.
وتابعت:” المملكة تلعب دورا كبيرا في المنطقة وتعتبر داعما أساسيا للمساعدات في العالم من خلال صندوق النقد. وهذا الدور يمكن وصفه بالقيادي والريادي الذي أسهم ويسهم في تحقيق التنمية والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
وعن رؤية الصندوق المستقبلية لأسعار النفط، وطبيعة المساعدات التي سيقدمها للبلدان التي تأثرت سلبا بانخفاض أسعار النفط؟ قالت : من الصعب توقع اتجاه معين لأسعار النفط في المرحلة الحالية بالنظر إلى العوامل المؤثرة المحيطة. وفي المستقبل قد يكون الطلب من بعض الدول مؤثرا في الأسعار .. لكن دعني أقل لك عندما نكون أمام واقع انخفاض أسعار النفط أكثر من 50 في المائة منذ يونيو العام الماضي فإن ذلك يشكل دعوة للتفكير مليا في مصادر بديلة لإيرادات الدول المنتجة والمصدرة للنفط واتباع سياسات لمواجهة المخاطر المحيطة وخصوصا التفكير في إيجاد عائدات بديلة. وهذا ما تقوم به دول الخليج حاليا بدراسة تنويع مصادر دخلها للتعامل مع المستجدات العالمية في المجال الاقتصادي، وفي السعودية رأينا فتح السوق بشكل اكبر أمام القطاع الخاص والبدء في وضع تشريعات تتعلق بالمنظومة الضريبية، وهذا نهج يجب
وحول مرحلة الخطر التي دخلها الاقتصاد العالمي بينت لاجارد أن الاقتصاد العالمي ما زال يواجه بعض المخاطر التي تتطلب مواجهتها بحكمة. فقد نما الاقتصاد العالمي 3.4 في المائة العام الماضي، ونتوقع أن يصل معدل النمو هذا العام 3.2 في المائة، كما نتوقع تحسنا في آفاق النمو العالمي خلال العام المقبل 2016. لكننا نطمح في أن يكون النمو المحقق كافيا لتوفير فرص عمل. وما زلنا نرى بعض المخاطر قائمة صعيد الاقتصاد العالمي، خصوصا ما يتعلق بنمو الاقتصاد الصيني وضعف أداء الاقتصادات الناشئة، وانعكاس ذلك على الطلب العالمي.
وعن تعليقها على توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) لرفع أسعار الفائدة اعتبارا من الشهر المقبل، وما مدى تأثير ذلك على الأسواق العالمية؟ قالت: نعتقد أن رفع الفائدة الأمريكية إذا حصل سيكون مؤشرا على تحسن أداء الاقتصاد الأمريكي، لكن الأمر يتعلق بمدى تأثير هذا الرفع في الأسواق الناشئة وكذلك الصين التي تعاني بعض المشاكل الضاغطة على النمو.ونقوم حاليا بتقييم تأثير التغيرات في أسعار الفائدة وأرقام النمو على سوق السلع العالمية بشكل عام وليس على سوق النفط بشكل خاص. وأعيننا على أوضاع الأسواق الناشئة التي تعاني تقلبات كبيرة.