آيات الله في النفس البشرية كثيرة وعجيبة، وقد اخترت في هذاالمقال اثنتين منها ..عجب الذنب وإبهام يد الإنسان .
أولاً: عجب الذنب:
عظم صغير يقع في رأس الغضروف (نهاية العمود الفقري) .. يتكون وينشأ في بداية تكون الجنين في مراحله الأولى مما يعرف بالخيط الأولي، يحتوي على الخلايا الأم (الجذعية) Stem Cells والتي تحتوي الحقيبة الوراثية Genome أو جميع المعلومات الوراثية عن الإنسان.
ولدراسة خصائص عجب الذنب علمياً قام الشيخ عبد المجيد الزنداني برفقه الدكتور عثمان جيلاني في صنعاء بوجود تصوير تلفازي بأخذ مجموعة من عصائص للأغنام .. وتم حرقها لمدة عشر دقائق حتى احمرت ثم اسودت ثم تفحمت .. وبعد ذلك تم نقلها بعلب معقمة إلى مختبر شهير في صنعاء.. وهو مختبر العولقي وقام الدكتور صالح العولقي أستاذ علم الأنسجة في جامعة صنعاء بفحصها.. وكانت النتيجة مذهلة.. حيث وجد أن خلايا عظمة العصعص لم تتأثر ..ولا زالت حية.. وكأنها لم تحترق.
كما قام فريق من علماء الصين بسحق عظمة العصعص وحرقها وتعريضها للأشعة ووضعها في حمض قوي وكانت النتائج عدم تأثر الخلايا.
هذا من الناحية العلمية فيما يخص هذا الجزء من العصعص .. أما ما يقوله الرسول عليه الصلاة والسلام والذي قال عنه القرآن الكريم " إن هو الا وحي يوحى" *2 فقد رويت عدة أحاديث عن عجب الذنب. يقول عليه السلام في حديث مطول : "ليس من الإنسان شيء إلا ويبلى إلا عظماً واحداً وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة".*3
ويقول عليه الصلاة والسلام:" كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب". *4
يبين الحديثان الشريفان أن عجب الذنب يركب منه الإنسان أول مرة .. وأنه هو الذي يبقى منه بعد وفاته وفناء جسده ومنه يعاد خلقه مرة أخرى عند بعثه يوم الحساب حيث ينزل الله مطراً فينبت كل فرد من عجب ذنبه محتفظاً بمعلوماته الوراثية المخزنة في عجب الذنب كما تنبت النبتة من البذرة. يقول تعالى: " والذي نزل من السماء ماءً بقدر فأنشرنا به بلدة ميتاً كذلك تخرجون" *5 نلاحظ مما سبق التوافق الكبير بين الحقائق العلمية المكتشفة والأحاديث النبوية الشريفة مما يعتبر إعجازاً وتحدياً لكل جاحد ومكذب لهذا الدين الحنيف .
ثانياً: إبهام اليد: لو سأل معلم تلاميذه مستخدماً أسلوب العصف الذهني (الحملة العقلية) عن استخدامات اليد البشرية .. لا شك أنه سيتلقى اجابات لا حصر لها؛ فمثلاً سيجيب الطلاب بأن اليد تستخدم في (الأكل، والشرب، والكتابة، والرسم، والطباعة، والسباحة...) وهنا يمكن أن يتدخل المعلم بعد أن يثني على إجاباتهم بتذكيرهم بقوله تعالى: " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلوم كفور". *6
لقد صممت اليد البشرية من قبل صانع عظيم خبير سبحانه وتعالى فمن حيث التركيب والوظيفة يتحكم في حركة اليد ثلاثة أجهزة هي: الجهاز العصبي، والعضلي، والهيكلي؛ فالجهاز العصبي يعطي الأوامر لعضلات اليد الإرادية بالانقباض فتنقبض العضلات التي ترتبط مع عظام اليد عن طريق أوتار العضلات فتتحرك العظام عند المفاصل وبالتالي تتحرك اليد.
وتتكون اليد من عظام الرسغ (8 عظمات صغيرة)، وعظام المشط (5 عظام)، وسلاميات الأصابع حيث يتكون كل أصبع من ثلاث سلاميات عدا الابهام الذي يتكون من سلاميتين فقط .
ويتميز إبهام الإنسان بتفرد خاص لا تتشابه معه بقية المخلوقات بما فيها القردة البارعة بالشد والإمساك والقفز، فعلى السلامية الثانية يرتكز وتر قابض طويل يطوي السلامي الثانية فيعطي الإبهام رشاقة ودقة تؤدي إلى تفوق الانسان على سائر الثديات بهذه الخاصية ومفصله الكروي يعطي مرونة فائقة، وسلاميتاه الاثنتان مزودتان بما لا يقل عن خمسة أوتار تمنحه الحركة في كل الاتجاهات برشاقة في الامساك والمقابلة.. في التقريب والتبعيد.. والبسط والقبض.
ويتميز الابهام عن بقية الأصابع بأنه موضوع في مواجهة بقية الأصابع بحيث يمكنه من ملامسة أي جزء من هذه الأصابع ويتحرك الابهام بمساعدة مفصله الكروي (مفصل سرج الحصان) المميز بحيث يمكن أن يكون بموازاة الأصابع الأربعة أو ان يبتعد عنها بزاوية قد تصل إلى تسعين درجة. كما يمكن أن يتحرك بمستوى آخر يكون عمودياً على مستوى الكف حيث يعمل زاوية قائمة مع هذا المستوى.
وبهذا النظام يتمكن الانسان من حمل الأجسام متناهية الصغر كحبات الرمل والأجسام الكبيرة، ويتمكن من صقل العدسات التي مكنت الانسان من اكتشاف الأجرام السماوية متناهية البعد واكتشاف الميكروبات الدنيئة.
يقول العالم نيوتن: " هذا الابهام العجيب هو الذي فتح لنا هذا العالم الفسيح".
وعليه فإن الابهام بتركيبته المدهشة والمنفردة يعتبر اللاعب الأهم في تحديد مهارات اليد؛ فبدونه تصبح اليد البشرية مشابهة لأيدي القرود والثدييات الأخرى في قدراتها المحدودة، وهذا يقودنا إلى قوله تعالى " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " فتبارك الله أحسن الخالقين.*7