حدث في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه جاء ثلاثة أشخاص ممسكين بشاب, وقالوا: يا أمير المؤمنين, نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل, فقد قتل والدنا ! قال عمر بن الخطاب:لماذا قتلته ؟ قال الرجل: إني راعي إبل, وأعز جمالي أكل الشجر من أرض ابيهم .. فضربه أبوهم بحجر, فمات فأمسكت نفس الحجر, و ضربته به, فمات ! قال عمر بن الخطاب: إذن, سأقيم عليك الحد ... قال الرجل: أمهلني ثلاثة أيام, فقد مات أبي وترك لي كنزا أنا و أخي الصغير, فإذا قتلتني ضاع الكنز و ضاع أخي من بعدي ! فقال عمر بن الخطاب: ومن يضمنك؟ فنظر الرجل في وجوه الناس فقال: هذا الرجل ! وأشار إلى أبي ذر. فقال عمر بن الخطاب: يا أبا ذر, هل تضمن هذا الرجل؟ فقال ابو ذر رضي الله عنه: نعم يا امير المؤمنين فقال عمر بن الخطاب: إنك لا تعرفه, و إن هرب أقمت عليك الحد مكانه ؟ فقال أبو ذر: أنا أضمنه يا امير المؤمنين ! ورحل الرجل ومر اليوم الاول و الثاني والثالث ... وكانت الناس قلقة على أبي ذر حتى لا يقام عليه الحد ... وقبل صلاة المغرب بقليل جاء الرجل, وهو يلهث .. وقد اشتد عليه التعب و الإرهاق .. ووقف بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قال الرجل: لقد سلمت الكنز وأخي لأخواله, وأنا تحت يدك لتقيم علي الحد فأستغرب عمر بن الخطاب وقال: ما الذي أرجعك؟ كان يمكن ان تهرب ! فقال الرجل: خشيت أن يقال: لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس ! فسأل عمر بن الخطاب أبا ذر: لماذا ضمنته ؟ فقال ابو ذر: خشيت ان يقال: لقد ذهب الخير من الناس ... فتأثر اولاد القتيل ,قالوا: لقد عفونا عنه ! فقال عمر: لماذا ؟ فقالوا: نخشى أن يقال: لقد ذهب العفو من الناس