أعلم أن هناك من لا يحبذ لفظة " خونة " في العنوان ، لأنه يجد أنها لفظة دوغمائية متشددة ينبغي أن يبتعد عنها الكاتب الموضوعي. لأمثال هؤلاء أقول إقرأوا ما كتبه جوليان بيندا وما كتبه الراحل إدوارد سعيد في كتابيهما الماتعين " خيانة المثقفين ". وهما قد كتبا ما كتباه في مثقفين حقيقيين ، وليس حثالة الحثالة من أنصاف المثقفين . ثم أنني حين يتعلق الأمر بالأطفال والنساء والشيوخ من الضحايا لا ألقي بالاً لما قد يصفني به الناس .
........
أصدر قبل أيام قليلة 52 عالماً شرعياً سعودياً بياناً حول التدخل الروسي في سوريا . ما إن صدر البيان حتى انهالت الردود التي تهاجم هؤلاء العلماء وتصفهم بأقذع الأوصاف ، فقناة العربية وصفتهم بالمحرضين ، والكتَّاب الشيعة وصفوهم بالوهابيين التكفيريين جرياً وراء الدعاية الإيرانية الرافضية ، والليبراليون وصفوهم بالدواعش !
من يقرأ البيان ثم يقرأ الردود يخرج بقناعة أن 95% من المهاجمين لم يقرأوا البيان ، لأن ردودهم المعلبة تناقض بشكل صريح ما تضمنه البيان ، بل هم مجرد ببغاوات تردد ما يقوله أسيادهم .
أما ال5% المتبقية فلقد قرأت البيان وفهمته بشكل جيد ، لكنه يتناقض مع مصالحهم ، ولهذا يهاجمونه بشراسة ويشوهون حقيقته .
خصوم البيان يدَّعون أن البيان موجه لتأييد داعش ، رغم أن كلمة داعش لا تظهر في البيان سوى في جملة واحدة ، وفي معرض انتقاد داعش ! ثم أن البيان في مجموعه عبارة عن بضعة رسائل موجهة إلى الروس وإلى الشعب السوري ومجاهديه وإلى الحكومات العربية والإسلامية وإلى العلماء والمصلحين والمفكرين ، فلا أدري كيف تفتقت عقول المهاجمين العباقرة على وصف البيان بأنَّه دعوة لمناصرة داعش !
ويبدو أن خصوم البيان يراهنون على أن الناس لن تقرأ البيان ، لأنها لو قرأته لاكتشفت كذبهم الصريح . دورهم محدد لهم سلفاً : التشويه وإثارة اللغط والضوضاء والتحريض .
بالنسبة لقناة العربية لا غرابة في هجومها فهي قناة الصهيونية والمتصهينين العرب ، وقناة الطبطبة على إيران وكلابها وحثالاتها الذين يملأون أروقة القناة .
من وقف مع إسرائيل في عدوانها على غزة ، لن يقف مع الشعب السوري ، ولا مع المشايخ المدافعين عنه .
أما بالنسبة للشيعة العرب ، وهم يملأون والفيسبوك بأسماء وهمية سنيَّة ، فهم متسقون تماماً مع عقيدة سيدهم الولي الفقيه الرافضي . ومن الطبيعي جداً أن يهاجموا أي بيان يدعو لنصرة أهل السنَّة والجماعة في سوريا والعراق ويتهموا أصحابه بالتكفيرية والوهابية والناصبية . الشيعة العرب في غالبهم عملاء لإيران بحكم العقيدة وبحكم مصالح الطائفة . وهم في نفس الخندق الذي يقاتل فيه حسن نصر اللات وبشار الأسد والسيستاني . ولا تُستغرب الخيانة من منبعها .
أما بالنسبة لليبراليين العرب ، فلا أجد وصفاً يليق بغباء وفجور هذه الفرقة أكثر من الوصف القرآني ، " المنافقون " ، وهو وصف غاية في الدقة ، فالنفاق يشمل العمالة والخيانة والفجور في الخصومة .
نكاية بالإسلاميين ، فالليبراليون مستعدون أن يكفروا ويرتدوا ويتصهينوا ويتخابروا مع أعدى أعداء الأمة ، وقد فعلوا .
حين كان الإسلاميون يطالبون السعودية زمن الملك عبدالله رحمه الله بموقف حازم تجاه التمدد الحوثي في اليمن ، كان الليبراليون يصفون أولئك الإسلاميين بالدواعش والمتطرفين والمحرضين والإخوانيين . وحين قامت عاصفة الحزم صمتوا وكأن على رؤوسهم الطير . بل أيدوا العملية وطبلوا لها ولحسوا كل ما قالوه عن الإسلاميين الذين طالبوا بها !
إننا أمام سفلة المجتمعات العربية . وأحط كائناتها خيانة وعمالة وقذارة .
يجوز للروس أن يعتبروا حربهم ضد أهل السنَّة والجماعة مقدسة وأن تباركها كنائسهم ، ويجوز للشيعة الروافض أن يعتبروا حربهم على أهل السنَّة والجماعة في العراق وسوريا حرباً مقدسة وأن يباركها السيستاني البيانأوحسن نصر اللات والخامنئي بل ويدعون لإنشاء ميليشيات قتل وتهجير ، ويجوز للأمريكان أن يعتبروها حرباً صليبية ضد المسلمين السنَّة ، ويجوز للصهاينة أن يعتبروا حروبهم ضد المسلمين السنَّة حروباً مقدَّسة ويبارك حاخاماتهم قنابل طائراتهم ، يفعلون كل هذا وأكثر ، ولا ينبس الليبرالي السني الخائن الفاجر ببنت شفة . وأمَّا حين يكتب مشايخ دين سنَّة بياناً – تخيل مجرد بيان – موجهاً إلى الشعب السوري المظلوم تثور ثائرة الليبراليين وتتورم أنوفهم !
يا لهؤلاء الليبراليون . ظلوا طوال 5 سنوات يرفضون التدخل الأجنبي في سوريا ، رغم أنهم يرون التدخل الإيراني والعراقي وتدخل ميليشيات حزب الله وأبو الفضل ، وكانوا يبررون ويؤيدون الرفض الأمريكي للتدخل ، وفجأة نجدهم يباركون علناً التدخل الروسي ، بل ويصفونه بعاصفة الحزم الروسية !
لا يرون شعباً في سوريا ، ولا فصائل إسلامية تقاتل في سبيل الحرية والعدالة ورفع الاحتلال ، ولا يرون في كل سوريا إلا داعش .
إنهم روس أكثر من الروس . دخلت روسيا ووزير خارجيتها يعلن نهاراً جهاراً : لن نسمح بوجود حكم سني في سوريا . وبوتين يعلن بصراحة ووقاحة : لن نسمح بسقوط نظام بشَّار . لذا فقواته تهاجم كل الفصائل الإسلامية السنيِّة إلا داعش بشهادة جميع وكالات الأنباء ، ومع هذا يخرج الليبراليون العرب ليقولوا كذباً وزوراً أن روسيا جاءت لحرب داعش فقط !
يؤيدون روسيا المجرمة الكافرة على إخوتنا المسلمين في سوريا ، فهل خسة ونذالة وجرم أكبر من هذا ؟!
يخرج أحد كلابهم من بلد الحرمين الشريفين يعوي واصفاً بشار الأسد بالوطني ، وأن وطنيته لو وزعت على أهل الأرض لرجحت عليهم ، ثم يدعوه لرمي المزيد من البراميل المتفجرة .
ويخرج كلبٌ آخر ليصف كل الفصائل الإسلامية السنية في سوريا بالدواعش ، ومنها فصائل قاتلت وتقاتل داعش حتى الساعة !
هؤلاء المجرمون الخونة هم إسفين في خاصرة الإسلام وأهله وحكوماته وشعوبه ، وعلى الحكومة أن تقوم بمسؤولياتها تجاههم فتنشر علناً مصادر تمويلهم وداعميهم ومحركيهم ، فهم لا يتحركون من فراغ .
أفهم أن تختلف معي حول الطريقة المناسبة لردع إيران وروسيا وأفهم أن تختلف معي حول الموقف من الإخوان المسلمين ، لكنني لا أفهم أن تقف ضد الدين والوطن في ذات الخندق الذي يقف فيه الشيعة الروافض والكفرة الصليبيين والروس الشيوعيين ، ثم تقول لي أنها مسألة رأي آخر !
إنه ليس رأي آخر بل دين آخر ، دينٌ مليء بالكره والحقد والقتل والتهجير لكل ما هو سني . دين يقوم على الخسَّة والنذالة وقلة الحياء .
علينا جميعاً أن لا نقف مكتوفي الأيدي تجاه هؤلاء المجرمين وداعميهم ومموليهم ، بل يجب أن نفضحهم ونعريهم ونكشف أساليبهم على الملأ ، كي يدرك الناس أن من بيننا - كما هو الحال دائماً على مر التاريخ الإسلامي - خونة وعملاء ومرتزقة لا يهمهم الدين أو الوطن أو الإنسانية حين يتعلق الأمر بالمسلمين السنَّة !
ختاماً :
أسأل الله أن يبيض وجوه هؤلاء العلماء والمشايخ المسلمين الذين قاموا بما تمليه عليهم ضمائرهم ، وأرجو أن تقوم المجاميع الفقهية والمجالس الإسلامية في شتى بقاع الأرض بإعلان موقفها الصريح والواضح من التدخل الروسي ، كي يدرك الروس أن الأرض الإسلامية ليست مشاعاً لكلابهم وخنازيرهم ، وأن وراءها رجالٌ قادرين على تحويلها بين ليلة وضحاها إلى جحيم ومستنقع ، يفر منه الروس وأذيالهم بين أرجلهم .
في المقالة القادمة ، سأكتب شيئاً عن الداعم الرئيس والممول والمحرك لهذه الحثالات الخائنة .