قال المعلق والكاتب في صحيفة "واشنطن بوست"، ديفيد إغناتيوس: إنه بالتمعن فيما بين السطور في تصريحات الرئيس أوباما حول سوريا في الأمم المتحدة ، يوم الاثنين، يمكن سماع اعتراف محزن بالفشل، مضيفا "لم تكن الولايات المتحدة قادرة على إعداد إستراتيجية ناجحة للتعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية. ربما علينا أن ندع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول ويجرب حظه". وأشار الكاتب في عموده الأخير بالصحيفة إلى أن خطاب أوباما يحمل توقيعين: أدركت الولايات المتحدة على مدى العقد الماضي أنه "لا يمكن فرض الاستقرار على أرض أجنبية". وفي المستنقع السوري: الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع أي دولة، بما في ذلك روسيا وإيران، لحل الصراع". وتابع الكاتب: بدخول بوتين إلى مسرح العمليات، فإن مرحلة قد طُويت. فقد تضمن خطاب بوتين في اجتماع الأمم المتحدة الخاصة توبيخا مرا للولايات المتحدة لعملها على قطع رأس الأنظمة في العراق وسوريا واليمن وليبيا دون أن تكون لها القدرة على استعادة النظام. "هل تدرك ما قمت به؟" سأل ببرود شديد. "لعبت روسيا دورا رهيبا ببراعة"، كما قال "ريان كروكر"، وهو دبلوماسي أمريكي سابق محنك، وأضاف: "تمكن الروس من تحويل الموقف الدفاعي إلى هجومي، وهذا لأننا كنا غائبين تماما" بلعبة التصور. والخطر يكمن في أن القوى الإقليمية سوف ترى في الأحداث الأخيرة تراجعا كاملا للولايات المتحدة، مثل انسحاب بريطانيا المنهكة في عام 1971 من الحاميات العسكرية في "شرق السويس"، والتي كان ينظر إليها على أنها اللحظات الأخيرة من الإمبراطورية البريطانية. يأتي التدخل العسكري في موسكو في وقت تقوم فيه الولايات المتحدة بجرد نكساتها في سوريا والعراق في مكافحة تنظيم "داعش". وقد قدمت الباحثة "ليندا روبنسون" من مؤسسة "راند" تقويما صريحا في شهادته أمام الكونغرس في يونيو الماضي. وكانت أحكام محللو "راند" مدمرة: قوات الأمن العراقية، الركيزة الأساسية لإستراتيجية الولايات المتحدة هناك: "ليست في الوقت الحاضر قوة فعالة". البشمركة الكردية "قادرة" ولكنها في "وضع دفاعي"، كما إنها "ليست الرصاصة الفضية التي يريد لها البعض أن تكون". القوى القبلية السنية "لا تزال وليدة". وفي سوريا، فإن القوة التي تولت الولايات المتحدة تدريبها وتجهيزها "قليلة جدا ومتأخرة جدا". واختتمت الباحثة "روبنسون" تقويمها بأدب بالقول إن إستراتيجية الولايات المتحدة تحتاج إلى "تعديلات"، سواء في تحديد شركاء جدد أو إضافة مزيد من القوات الأمريكية أو الانتقال إلى إستراتيجية الاحتواء المحدودة. وبالنظر إلى هذه الانتكاسات التي تعرضت لها سياسة الولايات المتحدة، فهل يجب على إدارة أوباما أن تنضم إلى موسكو؟ سيكون ذلك خطأ كبيرا، من وجهة نظر الكاتب. وقال الكاتب إن الروس لا يستطيعون هزيمة تنظيم "داعش"، بل على العكس تماما، قد يؤجج التدخل الروسي (بالشراكة مع إيران) المقاومة السنية أكثر مما عليه الآن. وإذا اعتقد حقا الشركاء العسكريون للولايات المتحدة في المنطقة أن واشنطن قد تنازلت لموسكو، فإن المنطقة يمكن أن تصبح أكثر فوضوية، وفقا لما يراه الكاتب. وختم الكاتب عموده بالقول إن أفضل نتيجة على بوتين أن يدركها الآن، مع تحمله بشكل متفاخر عبء مكافحة ما وصفه بـ"التطرف الإسلامي"، أن فرصته الحقيقية الوحيدة للنجاح هي تسوية دبلوماسية تبدأ بـ"الانتقال المنظم" لمرحلة ما بعد الأسد في سوريا. وما عدا ذلك، يعني أنه قد بدأ مغامرة مؤلمة.