بعد تحقيق بعض المكاسب القوية خلال جلسات التداول القليلة الماضية، انخفضت في النهاية أسعار النفط الخام التي شهدت موجة ارتفاع كبيرة إزاء الضغط الناتج عن انخفاض العقود بشكل حاد يوم الخميس وكذلك الأسهم بفعل المخاوف المتصاعدة بخصوص قوة الاقتصاد العالمي. وقد أثيرت مخاوف بشأن تراجع الطلب في البداية بفعل البيانات الأخيرة لمؤشر مديري المشتريات "pmi" التصنيعي القادمة من الصين بين عشية وضحاها حيث هبط إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات من 49.7. وإضافة إلى ذلك، فقد هبطت معظم المؤشرات الفرعية المرتقبة دون مستوى عتبة التوسع 50: انخفضت الطلبات الجديدة إلى 49.7، في حين انخفضت طلبات التصدير إلى 47.7، ونظرًا لانخفاض مؤشر مديري المشتريات "pmi" التصنيعي عن 50.0 منذ يوليو واستمراره معظم العام قرابة هذا المستوى، فمن الواضح أن هناك إشارة مثيرة للقلق بخصوص ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم. ويُعد الأهم من بين ذلك كله، القراءات الأخيرة لمؤشر مديري المشتريات "pmi" بمنطقة اليورو والمملكة المتحدة والولايات المتحدة حيث انخفضت جميعها عن المستوى المتوقع، الأمر الذي أدى إلى تصاعد المخاوف المتعلقة بالطلب.
وفي الواقع، فإن قوة الاقتصاد الأكبر على مستوى العالم ستكون هي محط الأنظار نظرًا لوجود مؤشرات اقتصاد كلي عديدة من الدرجة الأولى بالولايات المتحدة من المقرر أن تصدر هذا الأسبوع، وستبلغ ذروتها عند إصدار بيانات جداول رواتب العاملين في القطاع غير الزراعي التي طال انتظارها ومن المفترض صدورها يوم الجمعة. وفي حال ما استمر الاتجاه الحالي من البيانات الأكثر ضعفًا، فربما يواجه قطاع النفط صعوبات لاستعادة أية مكاسب أكثر مما حصل عليها بالفعل، كما سيكون التركيز منصبًا أيضًا على بيانات مستويات المخزون المعتادة بالتقرير الرسمي للمخزون المقرر صدوره بعد ظهر الأربعاء. وعلى الرغم من أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (eia) قد خفضت تقديراتها المتعلقة بإنتاج النفط الخام الأمريكي خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، إلا أن هذا يعزي إلى وجود تغيير في طريقة جمع البيانات (حيث تدمج الآن بعض الإحصائيات بشكل مباشر من الشركات إضافة إلى بيانات صادرة عن وكالات حكومية)، ومن ثم فعلينا أن ننتظر لنرى إذا ما كان فائض الخام الأمريكي سينخفض انخفاضًا كبيرًا في أي وقت قريب. وعلى الرغم من أن معدلات التغير الأسبوعي في مستويات مخزون النفط منذ بداية فصل الصيف كانت سلبية بوجه عام، إلا أن حجم هذا التغير بدا متواضعًا للغاية. ونظرًا لأننا الآن على أعتاب انتهاء موسم القيادة الصيفي، فإن معدل الطلب على البنزين في اتجاهه نحو الانخفاض، أضف إلى ذلك أن عمليات الصيانة المعتادة في معامل التكرير ستخفض هي الأخرى من معدلات الطلب. وبالتالي فمن غير المرجح أن نرى المزيد من الانخفاضات الحادة في مستويات مخزون النفط الخام ما لم يتوقف العديد من منتجي النفط الصخري عن العمل بشكل مفاجئ (حدث غير محتمل). وبناءً عليه، فحتى إذا نجح قطاع النفط في زيادة مدة انتعاشه من هذه المستويات، إلا أنه من غير المحتمل أن نرى ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار خلال المستقبل القريب.
ومع ذلك، ظل الجانب الفني على المدى القريب للنفط في اتجاه صعودي رغم البيع المكثف الأخير. وقد يُعزى ذلك إلى هبوط أسعار النفط إلى قاعٍ جديد وأن مبيعات الثلاثاء كانت مدفوعة فقط بجني الأرباح حيث لاقت العقود بعض المقاومة في المتوسطات المتحركة لفترة الخمسين يومًا الخاصة بها. وأخيرًا، لا يمكن لأي منا تجاهل طريقة ارتفاع أسعار النفط خلال التعاملات الأخيرة – محققًة ارتفاع بنسبة 25 بالمائة تقريبًا على مدار ثلاثة أيام فقط، في أقوى صعود لها خلال تلك الفترة منذ 1990 (فترة الغزو العراقي للكويت)، وبالتالي، فقد جاء هذا التراجع الحاد في غير أوانه على أي حال. وقد تكون الفرصة الآن سانحة أمام بعض المتخارجين، المتخوفين من حدوث موجة صعود مفاجئة في أسعار النفط، للتخارج من مراكزهم عند مستويات أفضل. وفي تلك الأثناء، قد يتطلع هؤلاء الذين فاتتهم موجة الصعود الأولى إلى "الشراء عند هبوط الأسعار".
إذا كان الدافع الرئيسي الفعلي وراء البيع المكثف هو جني الأرباح، فسيتعين أن يرتفع النفط الآن فوق مستويات الدعم الرئيسية الوشيكة/ الخاضعة للاختبار؛ وإلا فسيكون هناك خطر من رجوعنا إلى نقطة الصفر في القريب العاجل. وكما هو مبين في الرسم البياني، خضع المستوى المهم من الناحية النفسية والمقاومة السابقة عند 50.00 دولارًا للاختبار وقت كتابة هذه السطور. إذا حافظ خام البرنت على ارتفاعه فوق هذا المستوى على أساس الإقفال اليومي، فقد يتحرك خطوة نحو الاتجاه الهبوطي القائم منذ يونيو من العام الماضي، بحوالي 55.00 دولارًا. وحينئذ، ربما تشهد أسعار النفط تراجعًا أو تواصل مكاسبها بشكل كبير بناءً على ارتفاع محتمل إذ يعتمد ذلك على مجريات الأمور هناك. وفي تلك الأثناء، فإذا انخفض مستوى الدعم عن 50.00 دولارًا، فربما يستهدف المضاربون على النزول مستوى الدعم التالي عند 48.20 دولارًا أو حتى المستوى البالغ 45.00/20 دولارًا المهم للغاية باعتبارها المراحل التالية المستهدفة لهم. لا تزال التقلبات المتوقعة مرتفعة (= مقدار وافر من فرص التداول المتاحة).