دعا خبير التجارة الدولية الدكتور فواز العلمي إلى خيار فرض ضريبة القيم المضافة ورسوم الأراضي البيضاء بدلا من دخول السعودية في نفق الديون السيادية، والنظر إلى تكلفة الدعم السنوية التي تقدر بـ 450 مليار ريال، منها 190 مليارا لدعم إنتاج الطاقة ومحطات التحلية، وهو ما يقترب من 30% من الميزانية، و12% من إجمالي الناتج المحلي ليستفيد منه الوافدون المقيمون بمقدار 110 مليارات ريال سنويا.
نجاح خطط إصلاح الدعم
وأشار خبير التجارة الدولية إلى أن نتائج دراسات تخفيض الدعم في دول العالم، التي أجمعت على نجاح خطط إصلاح الدعم في 30 دولة، وجدت أن الإصلاح حقق نتائج باهرة في تخفيض العجز المالي ورفع كفاءة الأداء الحكومي وزيادة نمو القطاع الخاص، إضافة إلى ارتفاع وتيرة تدفق الاستثمارات في أسواق هذه الدول.
وبين العلمي بالنسبة لضريبة القيمة المضافة على المنتجات والخدمات أن المملكة مرتبطة مع دول الخليج العربية باتفاقية التجارة الحرة والسوق الخليجية المشتركة، مما يتوجب علينا جميعا فرض هذه الضريبة وبمستويات مختلفة تتناسب مع نص المادة 24 من اتفاقية الجات لتحقيق الهدف من وراء الضريبة، خاصة وأنها تخضع لمبدأي المعاملة الوطنية وحق الدولة الأولى بالرعاية، وبالنسبة لضريبة الأراضي البيضاء فلقد اتخذت المملكة قرارا بهذا الشأن وفي انتظار صدور اللوائح التنظيمية له.
سلامة خطوة إصدار السندات
وبين خبير التجارة أنه عندما أقرت المملكة في ديسمبر الماضي ميزانية 2015 ورفعت الإنفاق إلى مستوى قياسي، أكدت الحكومة السعودية أنها ستمول العجز المتوقع من الاحتياطيات المالية لتبديد المخاوف الناتجة عن تأثر الاقتصاد السعودي بهبوط أسعار النفط، ووفقا لهذه الميزانية فمن المتوقع أن تبلغ النفقات العامة 860 مليار ريال، وأن تنخفض الإيرادات إلى 715 مليار ريال، لتسجل المملكة عجزا ماليا مقداره 145 مليار ريال للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009م ونظرا لأن المملكة تتميز بمكانتها كأفضل دول العالم في انخفاض مستوى الدين العام، الذي لا يتجاوز 44 مليار ريال، ليساوي فقط 1.
6% من الناتج المحلي الإجمالي، جاء القرار بإصدار السندات الحكومية متطابقا مع خطواتها الرامية لتخفيض عبء العجز في الميزانية الحالية، ولو أن إصلاح الدعم أكثر فائدة وأبلغ نتيجة من إصدار السندات.
وتطرق العلمي لعملية السندات، وقال: لكي تستمر المملكة في الإنفاق على مشاريعها التنموية عند المستويات الحالية، لجأت الحكومة السعودية في الأسبوع الماضي، وللمرة الأولى منذ 2007، إلى إصدار سندات سيادية بقيمة 20 مليار ريال، لمواجهة المزيد من انخفاض أسعار النفط.
لذا فإن هذه السندات تغطي فقط 14% من العجز في الميزانية البالغ 145 مليار ريال، ومع ذلك فإن صافي الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي تراجعت في مايو الماضي إلى 2.
521 تريليون ريال منخفضا بنسبة 1% فقط عن الشهر السابق، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة استمر في النمو بنسبة 2.
4%، على أساس سنوي في الربع الأول من العام الجاري، ليؤكد على صمود الاقتصاد السعودي أمام التحديات الخارجية كما جاء في تقرير الصندوق.
واستبعد العلمي أي مخاوف على المملكة من تفاقم ديونها السيادية، التي غالبا ما تنتج عن زيادة وتيرة الدعم وتخفيض العجز في الميزانية، فمن ضمن 203 دول قلما توجد دولة خالية من الدين العام أو الديون السيادية، التي تخطى مجموعها في منتصف العام الحالي حاجز 100 تريليون دولار أمريكي.
الاستهلاك الأعلى عالميا
وأضاف العلمي لـ«مكة» أن زيادة الدعم أدت إلى ارتفاع استهلاك الفرد الواحد من الطاقة ليصبح الأعلى في العالم بمقدار 45 برميل مكافئ من النفط سنويا، ويعادل 200% استهلاك الفرد في بريطانيا، و160% نظيره في أمريكا، و130% مثيله في أستراليا، ليصبح النمو السنوي لاستهلاك الطاقة في المملكة الأعلى في العالم أيضا بمعدل 7% سنويا، بينما لا يزيد هذا المعدل عن 3% في الدول الصناعية الكبرى، مما ينذر بارتفاع استهلاك المملكة للنفط إلى 50% من إنتاجنا بعد 15 عاما فقط.
واستطرد: أفضل مثل على دعم الطاقة بالمملكة يتمثل في سعر الديزل الذي أصبح سعره أقل بحدود 12 ضعفا من أسعاره في الدول المجاورة، حيث لا يزيد سعر الليتر الواحد في المملكة عن 25 هللة، بينما يرتفع إلى 1.8 ريال في الكويت و2.5 ريال في العراق و3 ريالات في الإمارات والهند وباكستان، و4 ريالات في الأردن واليمن، و6 ريالات في تركيا.