ربما لو كُتبت هذه النهاية في رواية لقال الكثيرون إن خيال المؤلف أبعده تمامًا عن الواقع، لكن هذا ما حدث بالفعل، وربما لحكمة لا يعلمها إلا الله؛ فها هما الشقيقان السعوديان ناصر وزاهر الحارثي، يموتان قتيلين في يوم واحد؛ أحدهما لقي مصرعه في تفجير انتحاري نفذه في العراق، والثاني استشهد دفاعًا عن تراب وطنه الغالي عندما سقطت مروحيته في قطاع جازان. ومن المفارقات القدرية التي تضيف غرابةً أكثر للقصة، أن كلا الشقيقين ترك زوجته وهي حامل في شهرها الأخير. مصادر مطلعة قالت، وفقًا للحياة، الاثنين (24 أغسطس 2015)، إن الانتحاري الداعشي المكنى بـ"أبو بكر الجزراوي" هو زاهر الحارثي الذي نفذ تفجيرًا انتحاريًّا بسيارة مفخخة استهدفت معملًا للمتفجرات بمدينة سامراء شمال العراق، وقتل فيه الخميس الماضي، إلا أن المصادر لم تذكر تحديدًا الوقت الذي نفذ فيه العملية، وهل كان على علم أن شقيقه الطيار الشهيد قد قضى نحبه أم لا. وفيما تناقلت تقارير إعلامية نبأ مقتل طبيب سعودي داعشي، اتضح أنه الحارثي الذي كان يعمل فنيًّا في أحد القطاعات التابعة لوزارة الصحة، لا طبيبًا كما أُشيع. وحسب أنصار التنظيم، فإن الحارثي عُرض عليه تسلم أحد المشافي التابعة للتنظيم في الموصل وإدارته بالكامل، إلا أنه اختار تسجيل اسمه في قوائم الانتحاريين، وكان التحق بتنظيم داعش قبل عامين. وقال أنصار التنظيم إن زوجة الحارثي التي على عصمته في العراق، حبلى في شهرها التاسع، وإنه رفض تأخير دوره في تنفيذ العملية الانتحارية إلى حين وضعها، فيما قال أخوه دخيل إن أخاه الشهيد ناصر هو الآخر ترك بنتًا وحيدة، وزوجة حاملًا في شهرها الأخير. وبدأ الانتحاري زاهر حياته برفقة إخوته الـ11 في محافظة بيشة، وحصل على شهادة دبلوم تمريض، وعمل سكرتيرًا طبيًّا في مستشفى الوجه العام في منطقة تبوك. وأوضح دخيل الحارثي (شقيق ناصر وزاهر) أمس أن شقيقه زاهر حصل على دبلوم في التمريض، وتم تعيينه في محافظة الوجه في منطقة تبوك وتزوج ابنة عمه، وانقطع عنهم مدة عام قبل أن يطلقها ويختفي من السعودية مدة عامين كاملين بعد ذلك. وعلى الجانب الآخر، كانت قيادة القوات المشتركة قد أصدرت بيانًا أوضحت فيه استشهاد الرائد طيار علي بن محمد القرني والنقيب طيار ناصر بن محمد الحارثي، إثر سقوط طائرة عمودية من نوع أباتشي، أثناء أدائهما واجب الدفاع عن حدود المملكة من المتمردين المعتدين، على الحد الجنوبي بقطاع جازان، داعيةً الله بأن يتغمدهما بواسع رحمته، ويتقبلهما مع الشهداء، ويلهم أهلهما وذويهما الصبر والسلوان.