فم النبيّ الطاهر المبارك الذي نطق بكلام الله وذكره وحسن الكلمة وطيب المنطق وكان يقبّلُ به الصغير شفقة والقادم من السفر ترحيباً، فمٌ أنطقه الله بالحكم، فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم.. أي عظيم الفم واسع مع شدة الحسن والجمال ، وكان صلى الله عليه وسلم أحلى الناس شفتين وألطفهم ختم فم، شديد حمرة الشفتين. وكان وسيمًا أبيض مشربا بالحمرة وكان مفلج الأسنان أي بعيد ما بين الثنايا والرباعيات، إذا تكلم رُئِيَ كالنور يخرج من بين ثناياه كأن أسنانه حب اللؤلؤ والبرد من بياضها ، وكان يبتسم عن مثل البرد المنحدر من متون الغمام، فإذا افتر ضاحكاً عن مثل سناء البرق إذا تلألأ، فعن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال " ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
ريقهُ صلى الله عليه وسلم المبارك الطاهر:
أعطى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم خصائص كثيرة لريقه الشريف الطاهر المبارك، ومن ذلك أن ريقه صلى الله عليه وسلم فيه شفاء للعليل، ورواء للغليل وغذاء وقوة وبركات ... فكم داوى صلى الله عليه وسلم بريقه الشريف الطاهر من مريض فبرئ من ساعته، ذكر القاضي عياض في كتاب الشفا أنه صلى الله عليه وسلم تفلَ في بئر كانت في دار أنس فلم يكن في المدينة أعذب منها، وأعطى الحسن والحسين لسانه المبارك فمصاه وكانا يبكيان عطشا فسكتا، وكان يجعل من ريقه في أفواه الصبيان عند التحنيك أول الولادة فتظهر بركته ويكفيهم من ريقه الى آخر الليل وسألته جارية طعاماً وهو يأكل فناولها من بين يديه، وكانت قليلة الحياء فقالت: إنمّا أريد من الذي في فيكَ فناولها ما في فيه فلما أستقر في جوفها ألقي عليها من الحياء ما لم تكن إمراءة في المدينة أشد حياءً منها، ولما جاء بئر زمزم أخذ منها دلواً فشرب وتمضمض ومجَّ ( المجُّ إرسال الماء من الفم للخارج) من فمه الشريف فيه ثم أمر بردهِ في البئر فازداد ماء زمزم بركة على بركته ولذة وشفاء ونورا وطهوراً من أثر ريق سيد الخلق عليه الصلاة والسلام وليبقى أثر ريقه بركة وطهوراً لأمته صلوات الله وسلامه عليه، وأما لحيته الشريفة فكانت كثّة الشعر سوداء جميلة فيها من الشيب القليل في آخر عمره، وكان من شأنه أن يدهنها بالزيت ويهذبها ويحفو شاربه وكان سهل الخدين أي خداه ليسا مرتفعين في أجمل صورة وأحلى منظر،
وأما أنفه الشريف فكان مرتفعاً من الأعلى يعلوه النور من أجمل مواصفات الجمال عند أهل الذوق ليس بالأفطس ولا بالغليظ، وكان صلى الله عليه وسلم أقنى العِرنين أي في أنفه شىء من الطول الجميل وقيل العِرنين هو المستوي الأنف من أوله إلى آخره وهو أشبه بالأشَمّ . وكان عمهُ العباس رضي الله عنه يذكر شعرا في تشبيه ولده قثم بأن أنفه يشبهُ أنف النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:
حِبيِّ قَثَمْ حِبيِّ قَثمْ ... شَبِيهُ ذيِ الأنفِ الأشَمّ
نَبىِ ذيِ النِعَم ... بِرَغْمِ مَن رَغَم
وفي ذكر أوصافه الخلقية فوائد كثيرة منها أن يعلم من حظي برؤية وجهه المبارك في المنام أنه رآه على الصورة الحقيقية المطابقة لما وصفه الصحابة الكرام فينال البشارة والمنحة أنه سيراه يقظة، فمن رآه في المنام على هذه الأوصاف فقد رأى الصورة الحقيقية كما جاء في الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام فقد رآني حقاً فإن الشيطان لا يتمثل بي" رواه البخاري، فمن رآه بتلك الصفة الأصلية ضمن له أنه يموت على الإيمان وأنه يراه يقظة لا بد من ذلك، إما عند الإحتضار أو قبله بالعين المفتوحة الله يمكنه من رؤيته صلى الله عليه وسلم وهذا يصدق عليه الحديث الصحيح الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ))، ورؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة ليس شيئا مستحيلاً اللهمّ أرزقنا رؤية وجه نبيك المكرم في المنام على صورته الحقيقية يا أرحم الراحمين.