اعتبر تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” أن حقيقة تحول الذهب لاستثمار مثير للإحباط مؤخرًا يجب إلا يمثل مفاجأة بالنسبة للمستثمرين حول العالم.
وأشار التقرير إلى أن هبوط أسعار المعدن الأصفر جاء في سياق مجموعة من التطورات التي أثرت سلبا على تحركه رغم تضارب مدلوها في بعض الأحيان.
أداء مخيب وتشوهات تاريخية
وقال محمد العريان، الخبير الاقتصادي عبر التقرير المنشور في الصحيفة إن الأوضاع الأخيرة تهدد بفرضية هامة تشير إلى إمكانية أن يفقد الذهب دوره التقليدي في المحافظ الاستثمارية المتنوعة.
ولم يشهد الذهب ارتفاعًا مماثلا لمعظم الأصول المالية العالمية خلال العامين الماضيين، كما أنه لم يوفر حماية للمستثمرين مؤخرًا من مخاطر الأسواق.
كما لم يستفد الذهب من التدني الشديد في معدلات الفائدة والتي تعوضه عادة عن حقيقة عدم حصول مالكي المعدن الأصفر على سعر فائدة أو توزيعات نقدية.
وأوضح التقرير أن الذهب سجل نقصا غير عادي في الحساسية تجاه الصدمات الجيوسياسية المتعددة التي حدثت مؤخرًا، مثل المخاوف بشأن منطقة اليورو على خلفية أزمة اليونان، بالإضافة إلى ضخ البنوك المركزية أموالًا طائلة في الأسواق، فيما يعرف بسياسية التيسير الكمي.
وسجل المعدن النفيس أداءً متراجعًا لدرجة دفعت العديد من صناديق التحوط للمراهنة ضد الذهب، رغم هبوط سعره بنحو 12% على مدار الإثني عشر شهرًا الماضية.
وأشار التقرير إلى أن هناك العديد من الأسباب التي تفسر هذه التشوهات التاريخية، كما أنها تشير إلى لعب العوامل الدورية عاملًا مهمًا في هذا الهبوط، إلا أن العوامل الرئيسية تظل أكثر هيكيلية بطبيعتها.
7 عوامل وراء هبوط الذهب
وبرز أول أسباب هبوط أسعار الذهب:
في أن المستثمرين وجدوا طريقة أكثر مباشرة للتعبير عن رؤيتهم حول المستقبل، وخاصة في عالم للبنوك المركزية الذي له تأثير كبير على أسعار الأصول، حيث ارتفع عدد صناديق الاستثمار التي تتداول في الأسهم على مستوى العالم، واتجهت أسعار الفائدة لمستويات متدنية، بالإضافة إلى المنتجات الإئتمانية الواسعة.
ثانيًا: تحول الذهب إلى أداة أقل جذبًا للمستثمرين، نتيجة غياب الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى أنه عانى من انخفاض الاهتمام تجاه السلع بصفة عامة بين المستثمرين والأفراد، على خلفية تباطؤ النمو العالمي.
ثالثًا: واجه الذهب مخاطر متنامية من تراجع الطلب على شرائه من قبل البنوك المركزية، خاصة مع هبوط الاحتياطات الدولية لدى الدول الناشئة مع محاولة التكيف مع أثر هبوط أسعار السلع.
رابعًا: مع تراجع الارتباطات التاريخية تشير التحليلات الاستثمارية للذهب إلى تحديات متزايدة، وبصفة خاصة مع فشل الأسعار في الاستجابة الإيجابية لبعض الصدمات الجيوسياسية الملحوظة، ما يمثل تآكلا لجاذبية المعدن كأداة لتنويع الاستثمار والتحوط من المخاطر.
خامسًا: لم تؤثر العوامل الرئيسية المحركة لمعظم الأصول المالية والمتمثلة في السيولة التي تضخها البنوك المركزية، وانتشار الحيازات النقدية لدى الشركات عن طريق توزيعات الأسهم، وإعادة الشراء، وعمليات الاندماجات والاستحواذات بشكل مباشر أو غير مباشر على أسعار الذهب.
سادسًا: ضعف حجم الطلب على المجوهرات والاستخدامات المادية الأخرى من الذهب، بالرغم من انخفاض الأسعار، وهو ما لم يساعد على تعويض هبوط اهتمام المستثمرين بالمعدن النفيس.
سابعًا: تشهد الفترة الحالية نوعًا من الخلاف حول مستوى الأسعار، حيث أن أسعار الذهب ارتفعت مثلا في مرحلة ما بأكثر من 1000 دولار للأوقية مقارنة بمستوياتها في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2008 والذي بلغ آنذاك 700 دولار، لذا فإنه من الممكن أن تكون هذه التحركات السعرية السابقة هي التي تعتبر “غير عادية ومفرطة”.
وأوضح “العريان” أن هذا الوضع من المرجح إلا يتغير قريبًا، لكنه لا يجب أن يكون “نهائيًا”، مشيرًا إلى أن التغيير يتطلب غالبًا تطبيع أوسع للأسواق المالية، بما في ذلك تراجع في الدور المباشر وغير المباشر للبنوك المركزية في تحديد أسعار الأصول.
وأكد التقرير أنه لحين حدوث هذا الشرط، فإنه من المتوقع أن تستمر معاناة المعدن النفيس.