إننا نعيش عصر انقلاب المفاهيم و طمس الحقائق و تشويش الرؤى و هذا يعود إلى سيطرة إعلام خفي يقوده الاخوان و أتباع النظام الإيراني هدفه لصق المفاهيم دون موازين و دون معايير.
و هذا يكون بتأجيج العواطف و تحييد العقل الذي توزن به الأمور و تتضح به الحقائق و من جملة هذه الأشياء هي لصق صورة سوداوية عن دول العربي لدى الشعوب العربية.
و هذا التشويش يعتبر من أخطر ما يسيئ للاسلام و الدعوة الاسلامية و الأمتين العربية و الاسلامية و يقف حجر عثرة في أي تقارب أو إتحاد بين الدول العربية و الاسلامية و في سبيل نهضة أمتنا و تقدمها .
و من أهم معايير الاستقلالية الآتي :
الحفاظ على الهوية و الثقافة و التمسك بالجذور
و الحفاظ على العادات و التقاليد العربية و الإسلامية الأصيلة في الملبس و المسكن و المظهر
و الالتزام بالأخلاق و الآداب و القيم الإسلامية و العربية
التفاعل مع القضايا العربية و الإسلامية و مساعدة الدول المنكوبة قدر المستطاع
إنشاء و دعم المؤسسات و الهيئات العربية و الاسلامية التي تقوي الروابط و التعاون بين الدول .
قوة الاقتصاد التي تعطي استقلالية اقتصادية و قوة سياسية لأن الدول الاجنبية القوية تفرض برامجها و شروطها من خلال الاقتراض منها و بعرض دول العربي و خاصة السعودية على هذه المعايير نجد أنها تتمتع بها أكثر من جميع الدول العربية و الاسلامية .
إذا فالدول ية و خاصة السعودية هي من أكثر الدول الاسلامية و العربية استقلالية .
لأن الشخصية المستقلة هي التي تعتز بهويتها و تحافظ عليها و لا تذوب في الآخر فكرياً و ظاهرياً و هذا أخطر أنواع الغزو الأجنبي.
بخلاف الدول العربية الثورية القمعية العسكرية فلا تكاد تميز بينها و بين الدول الاجنبية في شتى مجالات الحياة سوى التقدم و الحضارة الحقيقية .
فهناك الكثيرون منهم يخجلون من لباسهم العربي الأصيل بل و ينظرون لمن يلبس اللباس العربي بالتخلف و الدونية و لو كان يحمل أعلى الشهادات العلمية
فهذا هو الانهزام الفكري و الحضاري و ضعف الشخصية و ضياع الهوية .
أما بالنسبة للتقدم و التطور فدول قفزت قفزة حضارية تنموية غير عادية خلال الخمسين سنة الماضية .
فهناك مدن ية أصبحت تضاهي المدن الأوربية من حيث العمران و التنظيم و تطبيق التقنيات الحديثة و الإدارة و المظاهر الحضارية الأخرى ، فأصبحت هذه الدول تتقدم على كثير من البلدان العربية بعقود بعد أن كانت متخلفة عنها بعقود فرب تلميذ فاق أستاذه ، و هذه القفزة التنموية في دول العربي عادت بالخير على جميع الدول العربية و الإسلامية فقضت على جزء كبير من البطالة المتفشية فيها .
و أصبحت هذه الدول مركز تبادل و إشعاع و تغيير حضاري في العالم العربي و الاسلامي لأنها أصبحت مركز تلاقي بين الدول المتقدمة و الدول الإسلامية
و دول أحدثت ثورة علمية معرفية ثقافية في العالم الاسلامي عن طريق الاعلام الحر المستقل بعد أن كان يسود الاعلام الثوري العلماني المتطرف الواحد الموجه إعلام الانظمة القمعية الثورية الشعاراتية
فصححت كثير من المفاهيم و حررت العقول بعد أن استعبدتها الانظمة الاستبدادية لعقود و نشرت الوعي بين الناس و استفاق الكثير من النيام و عرفوا ما يدور حولهم و إلى أين وصل العالم و ما هو موقهعم فيه بعد أن كانت الانظمة الاستبدادية تخدرهم بالشعارات الرنانة و تعزلهم عن العالم و تقلب لهم الحقائق و تصور لهم بأنهم في أحسن حال و غيرهم بأسوأ حال .
حيث ساهمت هذه الثورة الإعلامية بشكل فعال في صناعة الربيع العربي و القضاء على الديكتاتوريات الذي لم يكن أحد يتوقعه أو يحلم به و وقفت دول مع الشعوب ضد تلك الانظمة القمعية
و لكن للاسف حول الاسلاميون الثوريون و على رأسهم الأخوان أو ما يسمى بالاسلام السياسي هذا الربيع غلى خريف فضيعوا تضحيات هؤلاء الشباب الذين انتفضوا ضد الظلم و الطغيان و قضوا على أمل الشعوب العربية و الاسلامية في النهوض و التحرر .
فخرجوا من استبداد علماني قومي ثوري إلى استبداد أظلم و أطغى و أضر و أخطر استبداد باسم الدين .
و هناك معيار للوعي و الارداة في النهوض و التقدم هو تقدير العلماء و أصحاب الشهادات العلمية و الخبرات و اجتذابهم
فأصبحت دول مركز جذب للعلماء و التخصصات العلمية حيث تم إنزالهم المنزلة اللائقة بهم فلم يعرفهم كثير من الناس إلا بعد مجيئهم إلى دول بينما أغلب الدول العربية و الاسلامية الأخرى هي عامل طرد لهؤلاء.
و أما بالنسبة للإشكالية الكبرى و التي يثار حولها الغبار و كثير من اللغط
و هي وجود القواعد العسكرية الأجنبية على أراضيها
هذه القواعد هي نوع من التعاون العسكري بين الدول و لا تعني الاحتلال لأنها موجودة بالتراضي بين الطرفين.و بالأجر فهناك فرق كبير بين المستأجر و غير المسأجر الذي يبتزك و يمنن عليك .
فدول صناعية كبرى على اراضيها قواعد عسكرية أمريكية مثل اليابان و ألمانيا و كوريا و تركيا
ثم إن هناك واقع يجب أن نعترف به و هو الضعف و الفرقة و انعدام الثقة بين الأخوة و اختلال موازين القوى.
و دول العربي محل أطماع كثير من القوى العالمية و الإقليمية لغناها بالنفط.
و إننا نعيش عصر التحالفات و المصالح فمن لا حليف له سوف تتخطفه الذئاب في ظل سيادة شريعة الغاب فالأمر يتعلق بحسن اختيار هذا الحليف .
و من وجهة نظري تم قبول دول لقواعد أجنبية على أراضيها من باب المصالح المشتركة و من باب الضرورات تبيح المحظورات و من باب اختيار أخف الضررين
فالدول العربية التي تحالفت مع المعسكر الشرقي طبق عليها مناهج مخالفة لجذورها و عقيدتها فذابت في الآخر
و طمست هويتها و انتشر في مجتمعاتها شتى أنواع الفساد و التحلل من القيم و هي تمر بأزمات و مشاكل لا تدري كيف الخلاص منها و تأخرت عن الركب بعد أن كانت في المقدمة و هناك من خسر بعض أراضيه.
بينما دول العربي حافظت على هويتها العربية و الإسلامية و حافظت على أراضيها و تقدمت.
فأيهما أخف ضرراً ؟؟؟
و أيهما أحسن الاختيار ؟؟؟
وفي السعودية هيئة كبار العلماء و على رأسهم الشيخ عبد العزيز بن باز و الشيخ بن عثيمين و الشيخ عبد العزيز آل الشيخ فلا أحد يستطيع أن يزايد عليهم في حرصهم على الدين و الولاء و البراء .
و بعد ثورات الربيع العربي و فتوى شيوخ الاخوان بجواز الاستعانة بحلف الناتو ضد الأنظمة القمعية في ليبيا سوريا و مباركة الإسلاميين الثوريين و صمتهم على ذلك
و بعد اتخاذهم رموز و حلفاء ممن على أراضيهم قواعد أمريكية التي تم ضرب العراق منها و من الذين يقيمون علاقات مع إسرائيل و يتعاونون مع إيران مثل مرسي و أردوغان و قطر و ماليزيا أصبح من المعيب و المقزز و من المثير للاشمئزاز حديثهم عن القواعد الامريكية في دول و التحالف مع الغرب فهل يجوز لهم و حرام على غيرهم و كيف يكون رمز لمن هو منهم و خائن لغيرهم؟؟!.
ومن خلال استقراء الواقع بعيدا عن النظريات
نجد أن النظام الملكي أفضل من الجمهوري في البلدان العربية
لأن الأنظمة الجمهورية تكرس معظم مقدرات البلد لحماية الكرسي و يبقى الفتات للشعب
و خير شاهد الدول العربية التي حصل فيها انقلاب على الانظمة الملكية تذوق شعوبها اليوم الويلات من الظلم و الاستبداد و سلب الحريات و الأزمات و الفوضى و عدم الاستقرار و انعدام الامن و التخلف .
بسبب الفكر الثوري القمعي الاقصائي الذي حكمت به الأنظمة الجمهوية العسكرية
و الذي يضخم نزعة الأنا الآثمة التي تمزق المجتمع و تفككه و تجعله هشاً يسقط مع أول هزة .
و الذي يغرس الأحقاد و حب الانتقام الفظيع من المختلف و هذا ما نراه على أرض الواقع من فظائع .
بينما الأنظمة الملكية أكثر استقراراً و حرية و كرامة و رفاهية و تقدماً و لحمة إجتماعية و وطنية
لأنه لا يوجد نزاع على الكرسي بشكل كبير و يتم تركيز الجهود نحو خدمة المجتمع و عملية التنمية و التطوير .
الكاتب :عبدالحق صادق