منع الكاتب عبدالله بن بخيت من الكتابة في الصحف نهائيا
بعد هذا المقال الجريء
بسم الله الرحمن الرحيم السلامً
. الحمدلله بادرة خير بأذن الله
جدة كذا .. فوضى وحفر ..
هيّا كذا .. طول العمر .. طول الدهر .. جدة كذا .. فوضى وحفر !!
الأقلية السعودية من السكان في جدة يجب أن يحصلوا على مجموعة من البدلات تصرفها لهم الدولة مشكورة .. ابتداء ببدل التلوث البيئي .. والتلوث البصري .. والتلوث السمعي .. وبدل الزحام والسخام .. وانتهاء ببدلات الأوبئة ..
جدة المهملة أصبحت مكلفة صحيا ونفسيا واجتماعيا وماديا على جميع قاطنيها ..
العروس التي أصبحت جدة للبحر الأحمر بروائحه الكريهة .. وولدت عبر حياتها ملايين الحفر .. وترعرعت في أحضانها الحمى .. ونشأت على يديها حضارات للفئران والغربان والصراصير والنمل والذباب.. ونشأت في عهدها الميمون دول داخل مدينة .. منها دولة تشاد في النزلة والجامعة .. ودولة الصومال في البوادي .. ودولة الباكستان في بني مالك .. ودولة اليمن الشقيق في البلد وغليل .. ودولة النيجر وأخواتها في الكرنتينة .. بالإضافة إلى دولة الشام في العزيزية والصفا.. ودولة الهند في البغدادية .. وبعض الكانتونات المتفرقة على جسدها المترهل للأقليات الأخرى من أرجاء المعمورة .. وجميع هذه الدول منحتها جدة الاستقلال الذاتي لدرجة أن جهات الأمن السعودية لا تجرؤ على تجاوز الحدود الفاصلة بين جدة وتلك البلدان وأصبحت جهات خارجية أجنبية بالنسبة لها.. بمعنى أن السعودي أصبح هو الأجنبي في جدة .. وذلك لعمري كرم لم يجرؤ عليه حتى حاتم في زمانه .. وإيثار ينعم به الغريب بنفس الدرجة التي يعاني منه المواطن ..
تلك الدول المستقلة في جدة تمارس نشاطاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على عينك يا تاجر وفي وضح النهار .. ابتداء من التكتل والمشيخة التشادية والبورماوية مرورا باحتكار كافة الأنشطة التجارية وممارسة مختلف الجرائم كالدعارة وترويج المخدرات والتسول والسرقات والنهب والعربدة وانتهاء بالحروف البنغالية على واجهة المحلات التجارية وبيع البانغو على الرصيف والثياب المزركشة فاقعة الألوان ومطاعم الشباتي والفحسة ..
هذه الجدة الحنون الرؤوم على ثلاثة مليون عاق أجنبي من أبنائها .. الذين ينهبونها ليل نهار ثم يودعونها ببصقة .. هي نفس الأم الشحوح على الأقلية الأخرى من أبنائها السعوديين الصابرين البارين بها .. وهي نفسها التي تبصق في وجوههم كل يوم .. تبصق عليهم بزحامها الخانق وحفرها المهلكة للعظام والحديد وأرصفتها المكسرة وشوارعها الترابية المظلمة وحدائقها اليابسة وإنارتها المهشمة وغبارها المتطاير وإيجاراتها المرتفعة وضجيجها المستمر وراليات السيارات الطائرة في كل شارع وزقاق وأسواقها المملوكة للأجنبي الذي يتحكم في الأسعار كيف يشاء ويضحك على ذقوننا كل يوم .. وسلعها المغشوشة ومطاعمها القذرة وروائحها التي تزكم الأنوف ..
وبمناسبة الروائح .. فإن القادم من جنوب وشرق الجدة البائسة ستستقبله روائح الأغنام والمواشي وروائح دمها وفرثها وروثها وبولها وبعرها .. وقد عوض هذا - ولله الحمد - عن رائحة بحيرة المسك التي افتقدناها .. بعد أن جرفت الأنفس والمليارات فجفت بتخطيط كان رائعا لكارثة فريدة من نوعها من قبل مسؤولي الجدة..
أما القادم من الشمال أو عن طريق المطار فقد جهز له مفكرو ومخططو جدة العباقرة محطة كاملة للصرف الصحي داخل المطار يتنعم من روائحها كيفما يشاء ويشم بالقدر الذي ينعش رئتيه بمجرد أن تحط رجله بأرض واجهة الحرمين وواجهة الدولة بأسرها .. فإذا لم يكن من محبي رائحة الخراء - أجلكم الله - فلديه البديل الكافي الشافي من روائح اللحام والسخام والزيوت النافرة من صناعية النزهة أو من محطة أرامكو ..
وبالنسبة للغرب وضيوف البحر من السائحين أو القادمين فإن الخيارات بالنسبة لهم لا ولن تنتهي وبإمكانهم التمتع بكافة النكهات التي يفضلونها .. سواء كانت رائحة الميناء الآسن أو الأسماك النافقة أو رائحة المصفاة والتحلية اللتين هما بمثابة مبخرتين كبيرتين تلطفان جو جدة وبحرها بأزكى الروائح البترولية النتنة .. أو برائحة المجاري التي تصب في البحر ابتداء من مجاري القاعدة البحرية في الجنوب وانتهاء بمجاري الفنادق والشاليهات في الشمال وأبحر .. كما يمكن التمتع بروائح القمامة على طول الكورنيش .. ولمحبي الروائح المعتقة فهناك أماكن خصصت لهم وأعني بها حمامات الكورنيش ذات الوساخة المتكاملة والمياه المنقطعة والأبواب المهشمة .. وبدون فخر .. فإن جدة اشتهرت بروائحها لدرجة أن الطيارين وقباطنة السفن ليسوا في حاجة لأجهزة الملاحة .. ويستطيعون الاستدلال على جدة من خلال رائحتها فقط وبكل بساطة ..
جدة أيها السادة تحظى ولله الحمد بمجموعة من عباقرة النهب والسلب والفساد الإداري والمالي ودهاقنة الغش والاحتكار وجهابذة التخطيط الاستراتيجي والحضري المضروب على عينه.. وقد حباها الله بمجموعة مباركة من المسؤولين الكسالى الاتكاليين الراقدين الذين لا نكاد نعرفهم ولا نسمع شيئا عنهم إلا عندما تحل الكوارث بجدة .. فيسارعون إلى الترقيع والتلفيق والتنصل .. ثم يعودون إلى بياتهم الشتوي الطويل من جديد في مكاتبهم وقصورهم وشاليهاتهم ..
وقد تميزت جدة عن بقية المدن - ولله الحمد - بانعدام الأمن تماما .. ليس لأن رجال الأمن غير موجودين .. بل لأنهم راقدين آمنين مطمئنين في مكاتبهم تحت المكيفات .. ملقين بأعمالهم وأحمالهم على ضمير السكان .. يعني خذ راحتك .. فلا وجود لعسكري المرور في الشوارع بدليل أن شوارع جدة الكبيرة أصبحت مهابط للطائرات السيارة وشوارعها الصغيرة والضيقة هي منعرجات في سباقات الرالي لتلك الآلات الهائجة باستمرار .. كما أن جدة بكبرها أصبحت حلبة إسبانية لمناطحة الثيران .. عفوا أقصد السيارات .. وسائقو جدة لا يوقفهم رصيف ولا إشارة ولا انعدام رخصة أو استمارة أو حتى إقامة أو حتى لوحات سيارة .. فهم هائجون مائجون باستمرار .. والكل في الشارع يمشي حسب ما يمليه عليه ضميره فقط .. ولا تستغرب في جدة حين تقف فيأتي من يسد عليك ثم يأتي آخر ليسد عليك وعلى من سد عليك ثم يأتي الثالث ليسد ( على أبوكم كلكم ) أما الرابع فإنه بالتأكيد سيغلق الشارع كله .. وإياك أن تخاطبه أو تعاتبه أو تلومه وإلا فإن مصيرك التنويم في المستشفى أو التوقيف في قسم الشرطة .. وإذا وجد رجل المرور فهو إما شاهد ( مشفش حاجة ) أو ( خيال مآته ) أو يتسلى بجهازه النقال وينقي أنفه في نفس الوقت أو نائم في الدورية أو واقف عند الإشارة يمارس هواية قضم الفصفص ..
أما الشرطي فهو يعرف حدود تحركاته .. ويعرف نوعية من يحاسبهم .. فلا يجرؤ على دخول بعض الأحياء حتى لو كان كارلوس أو ابن لادن يختبئ فيها .. ولا يجرؤ على بعض الجنسيات التي ليس لديها ما تخسره أو التي ينطبق عليها وصف ( عريض المنكعين ) .. ولا يضع ( حيله كله ) إلا في المواطن الغلبان .. بل ويطالبه ليكون مكانه فيتابع خصمه المجرم ويقبض عليه ويحضره لسعادته ..
أما الجوازات فهي ربما نكتة بايخة في مدينة غالبية سكانها من المتخلفين غير النظاميين الذين يجوبون شوارعها دون خوف ويمارسون كافة الأنشطة الجنائية وغير الجنائية في وضح النهار دون وجل .. وإذا حصل وخجلت جوازات جدة من نفسها وقامت بحملة فلاشية إعلامية فإن جهدها سينتهي ويتلاشى تماما بعد غياب الكاميرات .. وسبحان الله .. حين تغدو الطيور خماصا وتعود بطانا .. فإن باصات جوازات جدة عكسها تماما .. فتغدو من الحملة بطانا وتعود إلى الترحيل خماصا .. ولا تسألوني كيف ولماذا .. بل اسألوا الضمير والأمانة والوطنية والرقابة .. واسألوا كلمات من مثل : تكفى وتفكى يا فلان .. وانفض جيبك .. وهات اللي عندك .. وكل الطرق تؤدي إلى الإفراج ..
لقد شهدنا بأعيننا ويشهد كل سكان جدة بأننا في اليوم التالي لانتهاء مهلة وزارة الداخلية لتصحيح أوضاع المقيمين وبداية الحملة الأمنية وجدنا شوارع جدة شبه خالية .. ووجدنا معظم محلاتها وأسواقها ومطاعمها وصوالينها ومخابزها مقفلة .. واختفت تقريبا وسائل النقل الخفيفة والثقيلة .. وأصبح الليموزين نادرا .. فما الذي جرى ولماذا وكيف وعلى ماذا يدل .. إنه يدل .. وبدون فلسفة زائدة .. أن كل الأجهزة الأمنية والرقابية في جدة وفي جميع القطاعات دون استثناء هي غائبة في الواقع .. نائمة .. فاقدة للوعي .. غير موجودة مطلقا .. وبعضها متآمرة ضد الوطن وضد المواطن لمصالح شخصية ضيقة لا تلقي بالا لا بأمن المواطن ولا بصحته ولا براحته .. وهو يدل .. وبدون كثرة الكلام .. أن الغالبية العظمى ممن يسكنون جدة هم من المخالفين لأنظمة الإقامة ولأنظمة العمل .. وأن بعض الجنسيات أصبحت شبه مستوطنة ووصلت إلى الجيل الرابع تقريبا بدون إقامات ولا أوراق ثبوتية ولا يحزنون .. وأن كسالى جدة وخونتها قد يسروا لهؤلاء كل أسباب الحياة ابتداء من فرصة العمل .. مرورا بالاستفادة الكاملة من كافة المرافق والخدمات .. وانتهاء بالسكن .. وكله على حسابك أيها المواطن .. وكله على حساب بنيتك التحتية أيها الوطن .. وكله على حساب صحتنا وأمننا ورفاهنا ..
جدة أيها السادة بحاجة إلى وقفة جادة وحادة ومحاسبية ورقابة عالية جدا .. جدة بحاجة إلى قلوب يهمها الوطن أولا .. ونفوس سليمة من نزعات الخيانة والفردية .. وعقول واعية .. جدة بحاجة إلى ثورة إدارية في كافة قطاعاتها تطيح بكل الرؤوس الفاسدة أولا .. وتسوق الأفراد إلى النزول إلى ساحات العمل ثانيا .. وتراقب أداءهم ثالثا ورابعا وخامسا .. لأن الإنفاق الذي تنفقه الدولة على جدة لن يجدي ولن يغير شيئا .. دون رقابة صارمة حازمة .. وعقاب قاس ورادع لكل الكسالى والفاسدين ..
جدة بحاجة إلى تنظيف .. إلى كنس .. إلى نفض .. وغسيل وتجفيف .. وتعقيم .. جدة بحاجة إلى مشروع وطني شامل .. يعيد لها نقاءها وبهاءها وروعتها .. فأنقذوا جدة .. أنقذوا جدة