السيدة الحرة أروى بنت أحمد بن محمد بن جعفر بن موسى الصليحي ولادتها 440هـ- 1048م أمها الملكة رواح بنت الفارح بن الموسى.. توفي أبوها وهي طفلة وتزوجت أمها فكفلها عمها الملك علي بن محمد الصليحي وزوجته أسماء بنت شهاب.. عرفت الملكة الحرة بالجمال وحسن الأخلاق والشخصية النافذة..
كانت قارئة كاتبة.. تحفظ الأشعار والأخبار والتواريخ وكان الملك علي معجباً بها وكان يوصي زوجته عليها فيقول لها: “أكرميها فهي والله كافلة ذرارينا وحافظة هذا الأمر على من بقي فينا” لقبت ببلقيس الصغرى نظراً لرجاحة عقلها وذكائها.
اشتهرت بالثبات والحكمة والعدل وكانت على منزلة من الأدب والفضل والمعرفة والسمو وسداد الرأي ولها محاسن كثيرة قد ذكرها المؤرخون، كما كانت بيضاء اللون مشربة بحمرة، كاملة المحاسن جهورية الصوت.
زوجها المكرم بن علي محمد الصليحي وأولادها محمد وعلي وفاطمة وأم همدان.. توفي جميعهم قبلها باستثناء فاطمة وقد حكمت بعدها سنتين ثم توفيت.
وفاتها في العام 532هـ، وتم دفنها في الجامع الذي قامت هي ببنائه وهناك من يؤكد أنها دفنت خارج الجامع..
القابها:
منحت الملكة أروى أكثر من أثني عشر لقباً، فقد منحها الخليفة الإمام المستنصر بالله منصب داعي الدعاة ولقبها: “السيدة الحرة، وحيدة الزمن، سيدة ملوك اليمن، عمدة الإسلام، ذخيرة الدين، عصمة المؤمنين، كهف المستجيبين، ولية أمير المؤمنين، كافلة أوليائه الميامين”
ومن الألقاب أيضاً: “الزكية، الرضية، عصمة المسترشدين” قال عنها المداعي إدريس (قس) في عيون الأخيار: “كانت السيدة أروى عالمة بعلم التنزيل والتأويل والحديث الثابت عن الأئمة والثقات وكان الدعاة يتعلمون منها من وراء الستر ويأخذون عنها ويرجعون إليها”
يقول دليلنا في متحف الملكة أروى الأخ/ شائف النقيلين:
“سميت الملكة أروى- بأروى- لأنها روت جبلة بالماء فقد بنت ساقية توصل الماء إلى الجامع الكبير، ولا تزال حتى الآن ومدت ساقية من جبلة- جبل التعكر- إلى جامع الجند بتعز وقام بذلك العمل الجبار شخص يهودي.. والقصة أن اليهودي جاء وعرض على الملكة أروى الزواج- وطبعاً هي لا يمكن أن تتزوج بيهودي- فقالت الذي سيوصل الماء إلى جامع الجند سوف أتزوجه- كنوع من التعجيز- ولكن استطاع اليهودي أن ينفذ ذلك المشروع وعندما كان على مقربة من جامع الجند- كما يقال- دخلت الملكة أروى الجامع وصلت ركعتين وطلبت من الله أن يقبض روحها فماتت في الحال لكي لا تتزوج اليهودي.. وبعد أن توفيت الملكة أروى أوصل اليهودي الماء إلى جامع الجند، وتوفي بعدها- يواصل- كانت هناك قرية اليهود وبعد أن صفتهم الملكة من القرية سميت قرية الصفاء ولاتزال بهذا الاسم إلى الآن..، وسميت جبلة بمدينة النهرين لأن هناك نهرين يمر أحدهما من خلف القصر والآخر من أمام القصر ولاتزال بقايا النهري شاخصة ن حتى الآن..”
قصر الملكة
كان عبارة عن مبنى ضخم على شكل دائري يحوي 360 غرفة بعدد أيام السنة لم يبق منه سوى سبع غرف على عدد أيام الأسبوع- وقد تهدم هذا القصر بفعل تقادم الزمن عليه وتم بناء مبان أخرى من احجاره ولم يبق منه إلا جزء بسيط، تحت الترميم يقول دليلنا السياحي: شائف النقيلين:
“خصصت 135 مليون ريال لترميم الجزء الباقي من القصر قد أكلوا مائة مليون ولم ينجز إلا القليل.. لا توجد دولة تهتم بالآثار وتقدر قيمتها الحضارية ولو كانت هنالك متابعة لكان القصر قد رجع على شاكلته القديمة الرائعة وكذلك النفق الذي كانت تمشي فيه الملكة من القصر إلى المسجد ومن المسجد إلى القصر.. أثناء الترميم اكتشفوا النفق والمطاحن والسواقي التي توصل الماء إلى القصر لتصبه في برك كبيرة تم أيضاً اكتشاف بعض المخازن للحبوب وتصل إلى 36 مخزناً اكتشفوا النفق الأرضي فاستخدموه لمد أسلاك الكهرباء.. طبعاً المرحلة الثانية ستضم البيوت للقصر ليصبح قصراً واحداً كما كان.. وطبعاً كان في شخص يسكن في المتحف وقدموا له 25 مليون ريال على شان يخرج فرفض وفي الأخير خرج بالقوة.. بلاش.. كان القصر عبارة عن طوابق الاول للمدافن والثاني للحمير والخيول والثالث للخدم والرابع للضيافة والخامس كان خاصاً بالملكة.. كانت الملكة تؤدي الفرض بالجامع والسنة في مسجد السنة الكائن ضمن القصر وقد كان الفضل في متابعة الترميم للوالد/ مدير المتحف/ أحمد حمود الدهمش..”
جامع السيدة أروى:
يقع الجامع- والذي اسسته السيدة أروى- على بعد مئات الأمتار من القصر.. الجامع يتكون من طابقين وملاحق (غرف) كانت تخصص لطلبة العلم الوافدين من اماكن بعيدة على الجامع لتلقي العلم بالإضافة إلى غرف خاصة بحلقات العلم.. يتميز الجامع بمنارتين منارة بنيت منذ تأسيسه والمنارة الأخرى (الحمراء) بناها عبدالله باسلامة واحد من أثرياء إب أما أعمدة الجامع فهي عبارة عن أحجار (كل عمود حجر) وقد تم ترميم اجزاء منه وطلاءها باللون الأبيض وهناك أجزاء لا تزال تحتفظ بزخرفتها منذ التأسيس.
كانت الملكة أو السيدة أروى تمر عبر النفق من القصر مروراً بجامع السنة إلى أن تصل الجامع الكبير فتؤدي الصلاة في مقامها في معزل عن المصلين، وكانت تحكم بين الناس من وراء حجاب ما كانت تكشف وجهها، وبعد أن توفيت وبتقادم السنين ظن البعض أن قبرها داخل المقام فأصبح أشبه بالمكان المقدس، ولا يزال حتى الآن من قبل الأشخاص الوافدين خاصة من الهند، لذلك تجد رائحة العودة تغشى المكان وباب المقام إلا أن القبر لم يكن هناك وكان خارج الجامع، وهذا ما ثبته مجموعة من المهندسين الهنود عندما قاموا بترميمه وإعادة بنائه.
تقع المكتبة بجوار المقام وتحوي العديد من المخطوطات والكتب المدونة بماء الذهب، ولكونها مغلقة بسبب غياب الحارس المؤتمن عليها لم تتمكن من دخولها.. كما يوجد بالجامع مسبحة الملكة أروى وتتكون من ألف حبة وحبة من شجرة اللوز والجوز و ماء البركة الذي يصل من جبل التعكر ولا ينقطع عنها إطلاقاً منذ أن اسستها الملكة أروى وإلى اليوم هناك بعض الحلقات لا تزال تقام بالجامع وعلى نفقة وقف السيدة أروى إلى اليوم.. أخيراً كانت هناك محاولة للقيام بعملية إرهابية تستهدف الجامع إلا أنها أخمدت قبل أن تنفذ كما صرح في حينه محافظ المحافظة..
جبل التعكر:
من الأماكن الأثرية التابعة لمدينة جبلة- إب- وقد كانت تخزن السيدة أروى الذهب هناك في فترة حكمها ولكن وقرب موتها أوصت بكل ما تملك من ذهب- حوالي 16 ألف كيلو جرام- ولؤلؤ ومرجان وهدايا للخليفة الفاطمي بمصر لينفقها على الدعاة ورجال العلم وأعمال الخير والصدقات.
< إيصال المياه من جبل التعكر في (جبلة) إلى مدينة (الجند).
< تبليط مدينة جبلة بالأحجار والقضاض.
< شق طريق سمارة السياني وتعز وبناء المساجد ففي مدينة جبلة فقط بنت أكثر من خمسين جامعاً.
< بنت معاهد للعلم، وأجرت الصدقات والوقفيات الكبيرة التي تصل إلى السعودية، وهناك من لايزال إلى الآن يستلم رواتب من الوقف (على سبيل المثال هناك أكثر من ثلاثين قارئاً في المسجد) الآن يستلمون رواتب رمزية مقابل القراءة والتعليم).
< خصصت رواتب للعلماء والمدرسين وقد انفقت الكثير من الاموال في شق الجبال وإقامة الأعمدة وشق الطرق.
< أشتهر في زمانها العلم والعلماء وكانت هناك الكثير من النساء قد وصلن إلى مراتب كبيرة في التاريخ والأدب واللغة والفلك فسمي عصرها بالعصر الذهبي.
يتكون المتحف من خمسة طوابق وكل طابق يضم عدد من الأعمال والبقايا والقطع الأثرية وقد لخص ذلك كالآتي:
الطابق الأول:
ويتضمن الشجرة التعريفية بنسب الملكة أروى إلى نوح عليه السلام بالإضافة إلى بعض المنحوتات التي حصلت عليها بالإضافة إلى بعض العملات والمخطوطات والمصاحف اليدوية اشهرها أحد المصاحف وتقع فيه كلمة “الكعبة” في نفس الموقع على الصفحتين في ورقة واحدة من سورة المائدة: “ بالغ الكعبة” في الوجه الأول، و”جعل الله الكعبة” في الصفحة الثانية، بالإضافة إلى وصيتها.
الطابق الثاني:
يوجد فيه فتحة إلى تحت توصل إلى مدافن الحبوب، وختم المدفن الخشبي كما يوجد فيه أدوات الفلاحة على اليمين وصندوق اهدي للملكة من الملك الفاطمي بمصر مصنوع من خشب العودة ومطرز بالذهب والباب الخشبي للطابق الثاني عمره 750 سنة من شجرة الحمر التي تعمر آلاف السنين أما في الجهة اليمنى توجد غرفة الطب الشعبي وهناك نموذج لأحد أطباء الأعشاب وبجواره نموذج لمريض يتم استخراج الدم الفاسد من ظهره بواسطة قربة النور (طريقة الحجامة) كما يوجد أيضاً نموذج لمسبحة الملكة أروى وهي تتكون من ألف حبة وحبة من شجرة اللوز والجوز التي لا يأكلها السوس بالإضافة إلى كتب أثرية..
الطابق الثالث:
وفيه أدوات الحروب القديمة، أحد السيوف له ألف سنة وسيف آخر نسائي له 750 سنة، آخر نجمة وضعت على أحد السيوف في عهد الملكة أروى والتي كانت توضع حفر نهاية كل مائة عام، بالإضافة إلى الدروع وقراب الماء التي كانت تحمل أثناء الحروب، كما يحتوي هذا الطابق على الأدوات التي كانت تأكل بها الملكة أروى وفيه غرفة مغلقة لم تفتح لنا.. أيضاً هناك بعض المخطوطات الثمينة وقد عرض بكل ورقة مليون ريال من قبل (مافيا الاثار ) مقابل شراء بعض الكتب ولكن رفضت إدارة المتحف ذلك.. الغرفة الملفتة هي نموذج خلفه العلماء.. فيها أحد العلماء يقوم بتدريس تلاميذه حلقة علمية، لتوضع مدى اهتمام الملكة أروى بالعلم والمعلمين والتلاميذ الذين كانوا يتوافدون إلى جبلة بفرض تلقي العلم.
الطابق الرابع:
ويجسد حرفة القمريات والتي كانت تسد بالأخشاب ثم تطورت بالزجاج وكان يصمم وسطها نجمة سداسية كون اليهود أول من أتقن ذلك التصميم ثم عدلت فيما بعد لتكون نجمة خماسية.. القمريات تسمح بدخول الضوء دون خروجه.. كما يوجد في هذا الطابق أدوات المطبخ الخاصة بالملكة أروى، ونموذج لغرفة العروس والتي تجسد العادات والتقاليد الخاصة بمدينة جبلة أثناء قيام الأعراس، حيث كانت غرفة العروس تضم فقط العروسة والأم والمطبلات.
الطابق الخامس:
يوجد فيه هودج الملكة التي كانت تحمل عليه وفي قمته نحت تاجي والذي بناء عليه تم تصميم التاج الذي يعلو أحد أوجه جامع الملكة أروى.