و قالت وزارة الداخلية العراقية الاربعاء إنه بعد "الضربات الموجعة لأوكار الإرهاب وتشتت فلول تنظيم ما يسمى بداعش الإرهابي وعمليات إلقاء القبض على العناصر الإجرامية ومن بينها قيادات إرهابية مهمة وسقوطها في يد العدالة، فقد حصلت الأجهزة الأمنية الاستخبارية على آخر صورة للمجرم الإرهابي أبو بكر البغدادي".
وأضافت في بيان صحافي اطلعت على نصه "إيلاف" أن الأجهزة الأمنية "حصلت مؤخرًا على ثلاث مكاتبات بخط يده الملطخة بدماء الأبرياء، مما يدل على قرب الإيقاع برأس الفتنة بمشيئة الله تعإلى". ودعت القوات الأمنية العراقية المواطنين إلى "الإدلاء بأي معلومات تساعد على الإسراع في عملية إلقاء القبض على هذا المجرم الذي عاث بالأرض فسادًا" كما قالت.
وحسب وزارة الداخلية العراقية، فإن البغدادي هو ابراهيم عواد ابراهيم السامرائي الملقب "أبو دعاء"، وهو قائد تنظيم القاعدة في العراق والملقب بأمير دولة العراق الإسلامية، وقام بإعلان الوحدة بين دولة العراق الإسلامية وجبهة نصرة أهل الشام في سوريا تحت مسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش".
وكما هو الحال مع العديد من قادة تنظيم القاعدة، فإن التفاصيل الدقيقة غير واضحة وكل ما يعرفه عنه المكتب الفيدرالي الاميركي هو أنه يبلغ من العمر نحو 42 عاماً وولد باسم ابراهيم عواد ابراهيم السامرائي في مدينة سامراء (170 كم شمال غرب بغداد) ومعروف بعدة ألقاب منها أبو بكر البغدادي أو أبو دعاء.
ويصف البعض أبو بكر البغدادي بأنه مزارع اعتقل من قبل القوات الاميركية في العراق عام 2005 ثم أصبح متطرفاً في معسكر بوكا العراقي حيث تم احتجازه مع العديد من قادة تنظيم القاعدة. لكن البعض الآخر يقول أنه كان رجلاً سلفيًا متطرفاً منذ عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كانت اجهزته الأمنية تراقب نشاطه وبرز كلاعب رئيسي في تنظيم القاعدة بعد وقت قصير من الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
وتقول إحدى وثائق وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون إن "أبو دعاء" كان يعمد إلى الترهيب والتعذيب وقتل المدنيين في مدينة القائم على الحدود الغربية للعراق مع سوريا وكان يخطف أفراداً أو عائلات بأكملها يتهمهم ويحكم عليهم بالاعدام ثم ينفذ الحكم علناً.
وبعد سلسلة من العمليات الإرهابية التي نفذتها القاعدة فقد اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية في الرابع من تشرين الاول (أكتوبر) عام 2011 أن أبوبكر البغدادي إرهابي عالمي وأعلنت عن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه أو وفاته.
وأبوبكر البغدادي هو المسؤول عن جميع النشاطات العسكرية لتنظيم القاعدة في العراق ووجه وأدار مجموعة كبيرة من العمليات الإرهابية وبعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن هدد البغدادي بالانتقام العنيف بسبب وفاته.
وفي 26 تشرين الاول عام 2006 ضربت طائرة حربية أميركية مخبأ مشتبهاً به للمسلحين بالقرب من الحدود العراقية مع سوريا في محاولة لقتل البغدادي حيث كان جزءًا من شبكة القاعدة في بلدات صغيرة بالقرب من الحدود، وكانت مهمته في ذلك الوقت هي تسهيل وترتيب قدوم النشطاء والراغبين في الانضمام إلى صفوف القاعدة.
كما كشفت بعض الملفات الاستخباراتية أن البغدادي كان مسؤولًا عمّا يسميه تنظيم القاعدة بالمحكمة الإسلامية، حيث يقوم التنظيم بخطف الأشخاص أو حتى عائلات بأكملها ويعرضهم للمحكمة الدينية، ويحكم عليهم بالإعدام وينفذ الحكم علنًا. وعلى الرغم من تقرير الاستخبارات بأن أبوبكر كان موجودًا في ذلك المخبأ وقت تنفيذ الهجوم إلّا أنه لم يتم العثور على جثته ثم تبين أنه لم يقتل في ذلك الهجوم وأصبح زعيم تنظيم القاعدة في العراق عام 2010.
وفي الثاني من كانون الاول (ديسمبر) عام 2012 قال مسؤولون عراقيون إنهم قد ألقوا القبض على البغدادي بعد عملية تجسس وتتبع استمرت لشهرين، وحصلوا خلالها على اسماء وأماكن متعلقة بتنظيم القاعدة.
لكن دولة العراق الاسلامية وهي الفصيل العراقي في تنظيم القاعدة نفت أن يكون أميرها ابو بكر البغدادي قد وقع في قبضة القوات الأمنية العراقية.
وقالت في بيان: "في مزاعم جديدة بثّها إعلام (...) المنطقة الخضراء ادّعوا فيها إلقاء القبض على الشيخ المجاهد أبي بكر البغدادي أمير دولة العراق الإسلاميّة (...) بعد عمليّة نوعية لأجهزتهم الأمنيّة شمال بغداد.. ونحنُ نكذّب هذه المزاعم جملةً وتفصيلاً، فالشيخ البغدادي حفظه الله بمعيّة الله على خير حالٍ بين أهله وإخوانه".
وقالت موجهة كلامها إلى القوات الأمنية العراقية "أبشروا أيها (...) بما يسوءكم من البغدادي ورجاله فلن تزيدنا أفعالكم بحرائر أهل السنّة في سجونكم إلا إصراراً على نُصرتهنّ وبذل النُفوس والمهج ثأراً (...) وما حصل (...) في الجنوب قبل بضعة أيّام أول الغيث، وليأتينّكم نبأ ما يُعدّه أحفاد الصحابة لكم قريباً (...)".
وقالت في الختام: "ننبّهُ هنا مرّة أخرى إلى أنّ مثلَ هذه الأكاذيب الملفّقة حولَ إنجازات الأجهزة الأمنيّة (...) خاصّة مع استمرار تدهور الوضع الأمني والضربات المتصاعدة التي تتوالى وتظهر آثارها على مجمل النظام الأمني للحكومة الصفوية رغم تعتيم إعلامي غير مسبوق".
وكان أبو بكر البغدادي الملقب "أبو دعاء" قد نصب في 16 أيار (مايو) عام 2010 خلفًا لأبي عمر البغدادي الذي قتل مع وزير حربه أبو أيوب المصري في ضربة جوية بمنطقة الثرثار في محافظة صلاح الدين (170 كم شمال غرب بغداد) أعلنت عنها الحكومة في التاسع عشر من نيسان (ابريل) من العام نفسه.
وأشار بيان صادر عن تنظيم القاعدة آنذاك أنه بعد مقتل زعيم دولة العراق الإسلاميّة أبو عمر البغداديّ ووزيره الأول أبو حمزة المُهاجر "انعقد مجلس شورى الدّولة الإسلاميّة مباشرة لحسم مسألة إمارةِ الدّولة واتفق على تولية أبي بكر البغداديّ الحُسينيّ القرشيّ زعيماً للتنظيم، وتولية الناصر لدين الله سليمان وهو أبو عبد الله الحَسنيّ القُرشيّ وزيراً أوّلاً ونائباً له".
ويبدو زعيم القاعدة في العراق الذي تلاحقه أكثر من جهة، مثل الشبح، وتقول مصادر غربية إن البغدادي منظم جداً ولا يعرف الرحمة، وهو القوة الدافعة الجديدة وراء صعود تنظيم القاعدة في جميع أنحاء سوريا والعراق، مما جعله في طليعة الحرب للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد وبدء حملة جديدة من الفوضى ضد الحكومة العراقية المدعومة من الغرب.
وتخوض قواته حاليًا مواجهات مفتوحة مع قوات الجيش العراقي في محافظة الانبار الغربية في محاولة للسيطرة عليها بعد أن فرض سيطرته الكاملة على مدينة الفلوجة اكبر مدن المحافظة مطلع الشهر الحالي.
وعندما قتل بن لادن في أيار (مايو) عام 2011 تعهد البغدادي بالانتقام لوفاته بمئة هجوم إرهابي في أنحاء العراق. اليوم، يبدو أنه تجاوز هذا الهدف وذلك بفضل حملة من التفجيرات المدمرة وموجة القتل التي دفعت عدد القتلى في العراق للوصول إلى 1000 شخص في الشهر.