(١)
صناعة الكراهية سهلة.
صناعة المحبة تحتاج إلى جهد وصبر وتسامح.
تستطيع أن تكسب عشرة أعداء خلال ساعة من الحماقة.
ولكن من الصعب أن تكسب صداقة إنسان واحد خلال ساعة.. هذه الصداقة تحتاج إلى الثقة والمحبة والعطاء.
خطابات الكراهية هي الأكثر رواجًا، وهي خطابات جبانة: تقف بين أنصارها وتعلم أنها ستكسب التكبير والتهليل والتصفيق.. جرّب أن تتحدث بمحبة وتسامح عن "الطائفة" الأخرى.. هذه تحتاج إلى شجاعة!
(٢)
خطابات الكراهية تتمدد أفقيًا وعموديًا وتسيطر على كافة الجهات والمنابر:
تنسى كل خصم تاريخي لك، ولا ترى إلا خصمك الطائفي.
مشايخك ومراجعك يصنعون منك آلة لا تنتج سوى الكراهية.
وسائل الإعلام كل يوم ترسل لك مشهدًا يُحوّلك تدريجيًا من إنسان إلى وحش مستعد لافتراس خصمه الافتراضي.
(٣)
عد بالزمن إلى الوراء قليلًا: هل كنت تحب الإنسان أو تكرهه بناءً على هويته وطائفته؟
هل كان يعنيك كثيرًا "مذهب" الرجل الواقف بجانبك؟
كيف تحولت هذه الكلمات إلى جزءٍ من حديثك اليومي: روافض، نواصب، أبناء الـ...؟!
هل تشعر أنك إنسان سوي - والأقرب إلى الله -
رغم هذا المخزون الهائل من الكلمات الرديئة الذي توزعه كل يوم على كافة الجهات المخالفة لك؟... ياااا لحماقتك!
من الذي قال لك: إن "الكراهية" من الإيمان؟!
من الذي أقنعك أن "الخير" في كل هذا "الشر" الذي يدفعونك إليه؟!
(٤)
الأحزاب، والساسة، وخطباء المنابر المتفجرة، وبعض الفتاوى: لوثتك وشوهتك..
جعلتك لا ترى الإنسان إنسانًا.
صرت تراه هوية، وبيانات، وطائفة، وتاريخًا: لا ذنب له فيه ولم يشارك بصناعته أو كتابته.
أصبحت تلغي ألف شيء وشيء يجمعك مع هذا "المختلف" عنك:
المواطنة/ العيش المشترك/ التاريخ الإنساني/ القومية... وأصبحت لا ترى سوى: مذهبه!
(٥)
يزعجك الخطاب السائد القادم من الجهة الأخرى؟..
تستفزك الكلمات التي تصورك بشكل بشع؟
أيًّا كانت الجهة التي تقف فيها: حاول أن تتفحص كلماتك أيضًا، وتنقد خطابك السائد لديك.. ستكتشف أن كلا الخطابين سيئ، وكل الكلمات مستفزة وبشعة!
خطابات الكراهية واحدة.. مهما اختلفت اللغة، وأيًّا كان مصدرها.
جميعها تريد أن تصل إلى نتيجة واحدة: موتي وموتك!
(٦)
من يستحق الكره، حتى وإن كان شبيهك..أكرهه.
ومن يستحق المحبة، حتى وإن كان المختلف عنك.. لا تمنحه سوى المحبة.
انصر الحق قبل أن تضعه في ميزان ما تؤمن به من أشياء.
قف بجانب الإنسان قبل أن تفتش البيانات الموجودة في هويته.
لا تجعل الكائنات العنصرية والمؤدلجة والمتعصبة والطائفية تقتل أجمل ما فيك.
(٧)
سألني المذهبّي: ما مذهبك؟
قلت: سيعي.
صرخ بوجهي: مااااذا؟!
قلت: شني.
أخرج مسدسه، وصوّبه نحو رأسي...ومات!!