يئسن من طرق أبواب الوظائف الحكومية والأهلية، ولم يجدن غير مهنة «عاملة نظافة» للعمل، رغم أنهن حاصلات على مؤهلات علمية، وهناك من يحملن نفس مؤهلاتهن ويتبوأن مراكز مرموقة، إلا أن ضعف حالهن المادي جعلهن يقبلن بهذه الوظيفة، التي كثيرا ما عرضتهن للنظرة الدونية من قبل المجتمع. باعت ذهبها
وعانت شيخة أحمد من الأحساء، ظروفا صعبة لتحصل على دبلوم في برمجة الحاسب الآلي، وباعت ما تمتلكه من ذهب وحلي، لتجمع تكاليف الدراسة، كما أنها استقطعت من قوتها وقوت عيالها، حتى نجحت وحصلت على الدبلوم بتقدير جيد جدا، ولكن الدبلوم والمال الذي دفعته تحول لمجرد شهادة لا تسمن ولا تغني من جوع، فعبثا طرقت باب الخدمة المدنية والدوائر الحكومية والقطاع الخاص دون جدوى.
وبينت شيخة أنها متزوجة من رجل طيب ولكن حالته المادية ضعيفة، وهو مكافح يعمل عامل ضيافة في إحدى الدوائر الحكومية، وقد أرادت أن تساعده في متطلبات المعيشة، خاصة بعد إنجابها أربعة أطفال، تزيد احتياجاتهم يوما عن الآخر، وقد ابتليت بأورام خبيثة تم استئصالها. راتب 700 ريال
تقول شيخة «بدأت في البحث عن عمل بشكل جدي لأساعد زوجي، وطرقت كل الأبواب، حتى وظيفة عاملة النظافة لم تسمح لي بها الخدمة المدنية؛ لأن عمري لم يصل لخمسة وثلاثين عاما، ولن يستطيع زوجي العمل معي كحارس؛ حيث إن تلك شروط القبول، ومع سوء أحوالنا كل يوم أكثر من الآخر، رزقني الله بوظيفة عاملة نظافة في إحدى المؤسسات النسائية الخيرية براتب لا يتجاوز 700 ريال»، وبينت شيخة أنها تقوم بتنظيف دورات المياه في المؤسسة، ومسح الأرض، وحمل الطاولات والكراسي وترتيبها، كما تتحمل جمرة الشعور بالمهانة فقط لأجل 700 ريال، وأضافت «لن ألجأ للدولة لتساعدني، فأنا لست أرملة ولا مطلقة، بل متزوجة وأكن لزوجي كل الاحترام والتقدير، وسأستطيع بهذه الوظيفة القاصرة مساندته والتغلب على مشاق الحياة». دبلوم إنجليزي
وتعمل فاطمة سعيد عاملة نظافة في أحد المستشفيات الخاصة، وهي خريجة دبلوم إنجليزي؛ حيث تمسح الأرضيات وتنظف المراحيض في المستشفى، وتقول «أعلم أن عملي غير متوافق مع مؤهلي التعليمي، وكثيرا ما يستغرب زوار المستشفى حين يعلمون بأني حاصلة على دبلوم إنجليزي وأعمل في النظافة وأتقاضى راتبا لا يتجاوز 1500 ريال، واستشعر شفقة الناس علي، ولكن ماذا أفعل وأنا محتاجة لأي وظيفة؟ فأنا غير متزوجة، وأعيش مع أبي وزوجاته الثلاث، وبالكاد يستطيع أبي الصرف عليهن وعلى باقي أطفاله، فاشتغلت في هذه الوظيفة بعد عجزي عن الحصول على وظيفة أفضل، والحمدلله فأنا أكسب لقمتي بعرق جبيني، ومهما كان نوع الوظيفة فهي تبقى شريفة». وليست ليلى سعود أحسن حظا من سابقاتها، فقد اضطرت للعمل هي الأخرى عاملة نظافة في إحدى المدارس الحكومية، وهي من حملة شهادة الثانوية، وحاصلة على دورات في الحاسب الآلي، كما أنها متزوجة وتسكن في منزل قديم ومستأجر، وبينت أن راتب زوجها لا يتجاوز ألفي ريال، ولها وزوجها خمسة أطفال؛ لذا حاولت من خلال هذه الوظيفة مساعدة عائلتها.