سلط الكاتب عبد السلام الوايل، أستاذ اجتماعيات العلوم والمعرفة في جامعة الملك سعود، الضوء على أزمة الطبيب المصري الدكتور علي محمد زكي -مكتشف فيروس كورونا- والذي فرَّ من السعودية بعد نحو 20 عامًا قضاها في المملكة.
جاء ذلك في مقال للوايل نشرته صحيفة "الشرق" السعودية يوم السبت يشرح فيه الأسباب التي كانت وراء هروب الدكتور علي زكي من المملكة، بعد نجاحه في اكتشاف فيروس كورونا الأخير التي لا زالت بعض مناطق المملكة تعاني منه.
وسرد الكاتب في مستهل مقاله قصة قدوم الدكتور المصري المتخصص في الأحياء الدقيقة إلى المملكة عام 1993، حيث عمل بإحدى مستشفيات جدة والتي أسس بها معملاً للفحوصات الفيروسية في ذلك الوقت.
وبعد سنوات، أي في 2005-2006، يضيف الكاتب، اكتشف زكي بمساعدة باحث فرنسي، أن بعض المرضى مصابون بفيروس جديد من عائلة فيروسات حمى الضنك، وأطلق على الفيروس الجديد اسم «الخمرة» نسبة لمنطقة الخمرة في جدة، حيث سجلت أول حالة مصابة به.
وقد تسبب هذا الاكتشاف في تعرضه لتحقيق ومضايقة من قبل وزارة الوزارة، حيث أخطر بعد إعلان كشفه من قبل المستشفى بإغلاق المختبر بحجة ضغط النفقات، مضيفاً أن هذا ليس كل شيء بل منع من السفر قبل موعد رحيله بيوم فضلاً عن إحالته للتحقيق، ما جعله يقضي ستة أشهر في جدة بلا عمل ولا يملك القدرة على العودة لمصر، قبل أن تصله رسالة بأن المستشفى قرر استيعابه مرة أخرى، لإتاحة العمل له بالمختبر من جديد ليتفحص الفيروسات ويعمل عليها.
وأسف الوايل لهذا التعامل غير المتوقع مع الطبيب المصري، مشيرًا إلى أن "المتوقع طبقاً لهذا الفتح من الدكتور زكي أن تعمد وزارة الصحة إما لاستقطابه لمختبراتها أو أن تقدم منحة مالية للمختبر الذي يعمل به كتقدير للاكتشاف الحاسم الذي ساعد في إنقاذ كثيرين. لكن الذي حصل العكس".
وبعد خمس سنوات، أي في صيف 2012، أدخل مريض ستيني من بيشة إلى مستشفى فقيه حيث يعمل الطبيب المصري، بعد سلسلة من الفحوصوات والاختبارات، اكتشف الدكتور علي زكي أن المريض مصاب بنوع فيروس جديدي من عائلة كورونا وتأكد من العينة في مختبر هولندي، وهو ما أعلنه الطبيب عبر وسيلة تواصل بين الأطباء عن الأمراض المعدية تسمى بروميد ProMED، ليفاجأ بعدها في اليوم التالي بزيارة فريق من وزارة الصحة له وفتحوا معه تحقيقاً وسألوه لماذا يزرع الفيروسات؟ وهو ما فسره الطبيب، كيف تمكن مستشفى خاص من تحقيق ما لم تستطع معامل الوزارة تحقيقه؟ لذلك غادر أو هرب، على حد قول الكاتب، في اليوم التالي خوفاً من تكرار تجربة 2007.
وبعد مدة، أخبره مستشفى فقيه بالاستغناء عن خدماته بسبب ضغوط وزارة الصحة!
ويقول الكاتب عبد السلام الوايل في ختام مقاله: إن "تجربتا الدكتور زكي مع وزارة الصحة تقدم عينة على الطريقة التي نرغب أن ننظم بها كيفيات إنتاج العلم". وتساءل: "هل يمكن للعلم أن يتقدم في مجتمعات تتبع نظم المراقبة لما يقال ويعلن من معلومات وآراء؟ بعبارة أخرى، هل الحرية ضرورية لتقدم المعرفة العلمية؟ هذا سؤال كبير في الدراسات الاجتماعية للعلوم".
وتابع يقول: "ربما أن الوزارة تريد أن يسمع المجتمع عن مؤتمراتها وورش عملها وندواتها وافتتاحها للمستشفيات وبنائها للمرافق الصحية. وهذه كلها أمور محمودة بلا شك. لكن، التحسس من الأخبار السلبية للقطاع، مثل اكتشاف فيروس جديد على يد قطاع خارج الوزارة، لا يجب أن يجعل الوزارة تضطهد المكتشف مستعملة نفوذها بوصفها السلطة المختصة بأمور الطب".
وخلص إلى القول إن "وزارة الصحة ليست نبتاً غريباً، بل هي تعبر عن نمط محبط للإدارة السعودية. نمط يمكن تسميته بـ: «لحد يدري».
(( منقول ))[/SIZE]