ييا أسير دنياه
يا عبد هواه يا موطن الخطايا ويا مستودع الرزايا اذكر ما قدّمت يداك وكن خائفا
من سيدك ومولاك أن يطّلع على باطن زللك وجفاك فيصدك عن بابه ويبعدك عن
جنابه ويمنعك عن مرافقة أحبابه فتقع في حضرة الخذلان وتتقيد بشرك
الخسران
وكلما رمت التخلص من غيّك وعناك
يا من باع الباقي بالفاني أما ظهر لك الخسران ما أطيب أيام الوصال وما أمر أيام
الهجران ما طاب عيش القوم حتى هجروا الأوطان وسهروا الليالي بتلاوة القرآن
فيبيتون لربهم سجدا وقياما
يا عبد السوء
كم تعصي ونستر
كم تكسر باب نهي ونجبر
كم نستقطر من عينيك دموع الخشية ولا يقطر
كم نطلب وصلك بالطاعة وأنت تفر وتهجر
كم لي عليك من النعم وأنت بعد لا تشكر
خدعتك الدنيا وأعمال الهوى وأنت لا تسمع ولا تبصر
سخرت لك الأكوان وأنت تطغى وتكفر
وتطلب الإقامة في الدنيا وهي فنظرة لمن يعبر
إخواني
ما هذه السنة وأنتم منتبهون
وما هذه الحيرة وأنتم تنظرون
وما هذه الغفلة وأنتم حاضرون
وما هذه السكرة وأنتم صاحون
وما هذا السكون وأنتم مطالبون
وما هذه الإقامة وأنتم راحلون
أما ان لهل الرّقدة أن يستيقظوا
أما حان لأبناء الغفلة أن يتعظوا
مقتطفات من كتاب بحر الدموع
للإمام ابن الجوزي رحمه الله