من عنده إبن تركه منذ الصغر على هواه فيذهب للمدرسة متى شاء ويتغيب عنها متى شاء , يحضر للمنزل متى شاء ويغيب عنه متى شاء و إن كان باليالي والإيام , فبتأكيد أن سلبياته ستكون كثيرة وعند مراهقته ستكون كبيرة ً وستتعاظم تلك السلبيات و ستكون جبلاً من الإنحرافات و التجاوزات ,التي ستخيم على نفسه وعقله .
لك أن تتصور ذالك , ثم تتصور أنه وفجاة صحى ضمير وليه و أحس بعظم خطئه , فقرر حبس الأبن في المنزل حتى يغدو سليماً وينافس أقرانه وغيرهم.
هذا بالضبط ما حدث للتجارة والعمالة في بلادنا فخلال أكثر من خمسين سنة تركت وزارة التجارة و وزارة العمال الحبل على الغارب عبر أنظمة وقرارات استهلاكية لا تغني من المنطق شيئاً . حتى صارة التجارة للإجنبي و اكتفىء المواطن بتجارة التاشيرات التي تسابقوا اليها لاحضار أكبر عدد من الأجانب للإستحواذ على مزيد من مرافقنا التجارية , وحتى بات التستر قانوناً يعمل به تحت أنظار الجميع , والتجاوز سمت من يملك الواسطة وحتى أحياناً من لا يملكها , فباتت تجارتنا لغيرنا و أموالنا لغيرنا و أعمالنا لغيرنا , فبتنا لا ننظر الا للوظيفة الحكومية سبيلاً للحصول على حياة كريمة فيما غدى غيرها من الوظائف و الأعمال دونية و وضيعة في نظر الأغلبية , فصارت الوظيفة الحكومية حلم الجميع وعلى الجميع أن يحصل عليها حتى وإن ظل نصف عمره عاطلاً ينتظرها .
وفجاة صح ضمير وزارة التجارة ووزارة العمال أولعل الظروف أجبرته أن يصحو من نوم ربما كان يسعده, فقررت بين غمضة عين و إنتباهتها إصلاح كل شيء كانت قد بنت أساساته الخاطئة عبر عقود وعقود .
لا ياوزارة التجارة ويا وزارة العمل والعمال ما هكذا تكون القرارات السليمة نحن بحاجة إلى قرارات متأنية وحادة ومتصاعدة لاستعادة تجارتنا المخطوفة أولاً , ثم خلق معايير تكون لشبابنا دافعاً في إدراك أهمية العمل وقيمته في كافة المجالات .