قضت محكمة أبوظبي الابتدائية التجارية بتعويض شخص من جنسية دولة آسيوية مليوني درهم عن أضرار مادية ومعنوية أصابته، نتيجة حادث سيارة تسبب في فقدانه الرؤية بعينه اليسرى، وشلل في أطرافه، وعدم القدرة على الجماع.
وأفادت المحكمة بأن نسبة العجز البالغة 100٪ عن كل إصابة لأي عضو من أعضائه، تستوجب الدية الكاملة، بما فيها فقدان قدرته على الجماع.
وكان صاحب الدعوى، بعد أن لجأ إلى طريق التوفيق والمصالحة، أقام دعوى أمام محكمة أبوظبي الابتدائية التجارية، مطالباً بإلزام شركة التأمين وبقية المدعى عليهم (قائد السيارة ومالكها) بالتكافل والتضامن في ما بينهم بأن يؤدوا له التعويضات الجابرة لما أصابه من أضرار مادية ومعنوية، إضافة إلى مصروفات المحاماة.
وقال في دعواه إنه في يوم 15 فبراير 2008 في منطقة العوير، بينما كان المدعى عليه الثاني يقود مركبته التي يملكها المدعى عليه الثالث والمؤمن عليها لدى المدعى عليه الأول (شركة التأمين) تسبب بخطئه وتهوره ورعونته وعدم احترازه أثناء القيادة في إصابته، وصدر حكم جزائي من محكمة مرور دبي بإدانة المدعى عليه الثاني وقد ترتب على خطأ المدعى عليه الثاني أضرار للمدعي بسبب الحادث.
وطالب المحامي الموكل من شركة التأمين أثناء نظر الدعوى بقصر التعويض المستحق للمدعي بما لا يتجاوز 60 ألف درهم، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، فيما قررت المحكمة انتداب طبيب شرعي لمعرفة مدى الإصابات التي ألمت بالمدعي، وما وقع عليه من ضرر.
وبين تقرير الطب الشرعي أن المدعي بعد أن تعافى تماماً، واستقرت حالته، تخلف لديه نتيجة الحادث فقدان تام للقدرة على الكلام، بما يمثل عاهة مستديمة بنسبة 100٪، وكذلك فقدان تام للقدرة على الإبصار بالعين اليسرى، مما يمثل فقداً تاماً لمنفعتها بنسبة 100٪، وكذلك شلل تام باليدين بنسبة 100٪ وشلل تام في الرجلين بنسبة 100٪ وفقدان تام بالنسبة للقدرة على الجماع بنسبة 100٪.
وطالب وكيل المدعي بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا لموكله تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية والنفسية، قيمته 21 مليوناً و100 ألف درهم، وبإلزامهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة، مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل.
وأفادت المحكمة في حيثيات حكمها بأنه، وفقا للمادة 1026 من قانون المعاملات المدنية، فإن التأمين هو عقد يتعاون فيه المؤمن له والمؤمن على مواجهة الأخطار أو الحوادث المؤمن منها. وبمقتضاه، يدفع المؤمن له إلى المؤمن مبلغاً معيناً، أو أقساطا دورية.
وفي حال تحقق الخطر، أو وقع الحدث المبين في العقد، يدفع المؤمن إلى المؤمن له، أو المستفيد على الوجه المتفق عليه عند وقوع الخطر، أو حلول الأجل المحدد في العقد. وأضافت المحكمة أن تقديم المدعي حكماً نهائياً صادراً من محكمة مرور دبي بإدانة المدعى عليه الثاني، يعني أن هذا الحكم أصبح حجة أمام المحاكم المدنية فيما فصل فيه. وقد أقر ذلك الحكم بتسبب المدعى عليه الثاني في جرائم عدة، منها المساس بسلامة جسم المدعي، الأمر الذي يجعل الخطأ ثابتاً في حقه. وتالياً، تكون المسؤولية ثابتة عليه وعلى المدعى عليه الأول (شركة التأمين).
وأضافت أنه «من الثابت أن المدعي تخلف لديه نتيجة الحادث إصابات حسب تقرير الطب الشرعي، منها فقدان القدرة على الكلام، بما يمثل الدية الكاملة، وفقدان تام للعين اليسرى، وهو يستوجب الدية الكاملة، والشلل التام باليدين، وهو يستوجب الدية الكاملة، وشلل تام بالرجلين، يستوجب الدية الكاملة، وفقدان تام للقدرة على الجماع، وهو يستوجب الدية الكاملة».
ورأت المحكمة أن المدعي يستحق تعويضاً شاملاً عن الأضرار التي لحقت به كافة، بما فيها الأضرار المادية الموصوفة في التقرير الطبي المرفق، والأضرار المعنوية التي تمثلت في الشعور بالخوف وقت الحادث، وما صاحبها من آلام نفسية وجسدية للمدعي، علاوة على ما سيترتب من آلام وحسرة لدى المدعي مستقبلاً بسبب الإصابات.
ومن ثم رأت المحكمة تعويض المدعي عن كل ما تقدم بمبلغ مليوني درهم، ولا يغير من تقدير التعويض تمسّك المدعى عليه الأول (شركة التأمين) أن المدعي أسهم في وقوع الحادث، إذ إن أقوالها جاءت مرسلة، لم تعضدها بدليل. كما أن الحكم الجزائي الصادر ضد المتهم الثاني (قائد السيارة) قد أثبت خطأه، وذلك بتجاوزه من مكان ممنوع، وقيادته السيارة بتهور. ولم يشر ذلك الحكم إلى أن المدعي قد أسهم في وقوع الحادث، أو أنه اتخذ مساراً خاطئاً أسهم في وقوعه.
ورفضت المحكمة طلب المدعي إلزام المدعى عليه الثالث بالتعويض مع المدعى عليهما الأول والثاني، وقالت إنه ثبت أن السيارة كانت وقت الحادث بحوزة المدعى عليه الثاني، مما تنتفي معه مسؤولية مالك السيارة.