جايب لكم اليوم موضوع واتمنى من الكل ان يتسفيد منه لان بعض احياء نكتشف اشياء تعيش في شخصيتنا ولا نعرف عنها
اتمنى من الكل التفاعل
اضطراب الشخصية الحدية هو: واحد من أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً حيث يصل نسبته بين عام الناس حوالي 2% وكذلك يشكل المصابون بهذا الاضطراب 20% من المرضى الذين يتنومون في المستشفيات والأقسام النفسية في المستشفيات العامة. هذا الاضطراب للاسف الشديد مزعج لجميع من يحيط بهذا المريض سواءً كانوا من الأهل أوالأصدقاء، بل ويلحق ذلك الإزعاج المجتمع بشكل عام.
ماهو اضطراب الشخصية الحدية (Borderline Personaliy Disorder)؟
السمات الأساسية لهذه الشخصية هي المشاكل الشخصية الداخلية، أي مشكلة الشخص مع نفسه، نظرته المرضية إلى نفسه، وتذبذب مزاجه بشكل مزعج والإندفاعية الخطرة التي قد تقوده إلى أفعال وسلوكيات خطيرة قد يتندم عليها فيما بعد..!
الشخص الذي يعاني من اضطراب الشخصية هذه، كثيراً ما يستطيع أن يتجنب إيقاع نفسه في مشاكل لكن ذلك لا يستمر طويلاً نظراً لسلوكياته، وكذلك قد يبدأ علاقات صداقة ويكون مندفعاً في علاقاته سواءً كانت علاقات عاطفية أو علاقات مع أصدقاء وزملاء، حيث إنه في أكثر الأحيان يكون شخصية محبوبة في البداية ولكن نظراً لتقلب مزاجه وعدم ثباته فإنه قد يتحول إلى شخص صعب التعامل معه وتحمله في أي علاقة.
ماهي الظروف الثقافية والاجتماعية والعمر والجنس لهذا الاضطراب؟
وجدت الدراسات بأن اضطراب الشخصية الحدية يبدأ في سن مبكرة نسبياً في فترة المراهقة وبداية سن الشباب، ويكون هؤلاء الأشخاص لديهم مشاكل هوية (خاصة إذا كان مصاحباً لاستخدام المخدرات)، وقد يشخص الشاب أو الفتاة على أنها تعاني من اضطراب الشخصية هذه نظراً لأن كثيراً من الشباب قد يتصرفون بسلوكيات قريبة من الخصائص التي يقوم بها الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب.
اضطراب الشخصية الحدية يشخص أكثر بين النساء حيث تصل نسبة الإناث الذين يعانون من هذا الاضطراب في الشخصية حوالي 75%، وهذه نسبة عالية. والفتاة أو السيدة التي تعاني من هذا الاضطراب تسبب مشاكل صعبة لنفسها ولأهلها وللمجتمع الذي تعيش فيه. فالفتاة التي تعاني من هذا الاضطراب تكون كثيرة المشاكل، تعاني من مشاكل كثيرة في علاقاتها العاطفية، والتذبذب في المزاج وهذا يجعلها تتنقل بين رجل وآخر في فترات قصيرة.
في بداية العلاقة تكون الفتاة شخصية لطيفة مندفعة في العلاقات العاطفية، متعلقة بالشاب أو الرجل الذي ترتبط معه، ولكن هذا الحب والعاطفة الجياشة سرعان ما تنقلب إلى إهمال واحياناً الى جلب مشاكل للرجل الذي ترتبط به. بل إنها أحياناً تكون عدوانية وتؤذي الشخص الذي ترتبط به، وقد تصل المشاكل الى الإيذاء البدني العنيف لدرجة القتل..!
واضطراب الشخصية الحدية ليس قليلاً بين الناس، حيث كما ذكرنا فهي 2% من عامة الناس و10% ممن يراجعون العيادات النفسية الخارجية، و20% من المرضى النفسيين الذين يتنومون في المصحات النفسية وأقسام الطب النفسي في المستشفيات العامة، و30% إلى 60% من الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات الشخصية.
ماهي خصائص هذه الشخصية؟
الشخصية الحدية تتميز بعدم الاستقرار الداخلي بشكل متفاقم، أي أن الشخص الذي يعاني من هذه الشخصية (وكما ذكرنا معظمهن من النساء)، ليس على سلام ووئام مع ذاته، وهذا من اصعب المشاكل للشخص، كذلك تضارب نظرته إلى نفسه وتذبذب المزاج وإندفاعية مرضية بشكل خطير..! ويبدأ هذا التغير في الشخص أثناء سن المراهقة ويتطور مع التقدم في العمر. وأشهر الخصائص حسب ما ذكر في كتاب الجمعية الأمريكية للأطباء النفسانيين الطبعة الرابعة المعدلة (DSMIV-R) والذي طبع عام 2004أي أنه آخر طبعة لهذه الجمعية. الخصائص هي:
1- جهد كبير يبذله صاحب هذه الشخصية لتجنب المواقف الحقيقية أو المتخيلة التي يظن الشخص فيها بأنه مرفوض من الآخرين.
2- عدم الاستقرار النفسي وعدم المصالحة مع الذات وعدم الاستقرار في العلاقات، حيث يتأرجح الشخص بين التطرف في السلوك المثالي وفي المقابل التطرف في السلوك المشين أو غير المقبول اجتماعياً.
3- يعيش الشخص أزمة هوية واختلال في نظرة الشخص لنفسه وكذلك عدم تقدير للسلوكيات التي يقوم بها وليس لديه الإحساس بسلوكياته أياً كانت.
4- الاندفاعية المرضية والتي تقود لتدمير الذات (مثل تبذير المال دون حساب وصرف اموال لا يمتلكها وقد يلجأ إلى طرق غير شرعية للحصول على المال لصرفه على أشياء قد تكون تافه، كثرة العلاقات الجنسية، استخدام المخدرات، التهور في قيادة السيارات، نوبات شراهة في الأكل).
5- تكرار محاولات الانتحار، حيث يحاول المريض أو المريضة إيذاء نفسه بطرق مختلفة وقد يلقى حتفه في أحد هذه المحاولات والتي لا يكون يقصد منها الانتحار الحقيقي ولكن نظراً للاندفاعية المرضية فقد يلقى مصرعه في إحدى نوبات الاندفاعات المرضية.
6- عدم الاستقرار المزاجي والعاطفي، وذلك نتيجة المبالغة في الفرح أو الحزن وردة الفعل التي لا تتناسب مع المواقف التي يتخذها، كذلك القلق وعدم الاستقرار الحركي، حيث لا يستطيع البقاء في مكان واحد لفترة طويلة، لذلك تجده كثير الحركة، يتنقل من مكان إلى آخر فقط للتغيير والملل الذي هو سمات هذه الشخصية.
7- الشعور الدائم بالخواء الداخلي، أي ليس لديه مشاعر حقيقية داخلية، ويعتريه دائما الشعور بالفراغ من جميع النواحي والملل الشديد.
8- تصرفات غير لائقة وغضب شديد وصعوبة في السيطرة على العواطف والنفس، مثل نوبات غضب شديد بصور متكررة، غضب دائم غير مبرر، وكذلك عراك بالأيدي وخلق مشاكل قد تصل إلى القتل أحياناً.
9- نوبات من الشكوك المرضية عندما يكون تحت الضغوط النفسية، وربما يكون ذلك بصورة مؤقتة أو أحياناً نوبات أعراض فقدان الذاكرة والتصرف كما لو كان شخصاً آخر مختلفاً تماماً عن الشخص الحقيقي الذي يعرفه الآخرون.
الأعراض المصاحبة لاضطراب الشخصية الحدية:
كما ذكرنا سابقاً فإن أكثر المرضى بهذا الاضطراب هن النساء، حيث يشكلن ما يقارب 75% من أعداد المرضى ذوي الاضطرابات الشخصية الحدية. فالفتيات أو النساء اللاتي يعانين من هذا الاضطراب دائماً ما ينظرن إلى أنفسهن نظرة دونية، ويقللن من قيمة أنفسهن ويعتقدن بأنهن لا يستطعن فعل شيء.. فمثلاً تجد فتاة تسير جيداً في دراستها الجامعية ولكنها قبل التخرج بفترة وجيزة تترك الدراسة لأنها تعتقد بأنها لا تستطيع أن تتخرج من الجامعة وتنظر إلى الفتيات الأخريات على أنهن أفضل منهن في كل شيء رغم ان هذا الأمر ليس صحيحاً على الإطلاق..! فقد تكون هي من الطالبات الجيدات والتي يمكن لها أن تكمل دراستها وتتخرج بكل سهولة لكن نظرتها الدونية وتقليلها من قيمة نفسها يجعلانها تنصرف عن الدراسة، وتعتقد بأنها فاشلة.. وهكذا تبدأ مشروع ثم لا تكمله بسبب هذه النظرة الدونية لنفسها..! أيضاً تقوم الفتاة بتخريب علاقة عاطفية جميلة قد تقود إلى الزواج دون سبب واضح، ولكن هذا بسبب ما تعانيه من نظرة دونية لنفسها وبأنها لا تستحق أن تعيش حياة طبيعية مثل بقية الفتيات اللاتي هن في سنها..! بعض المريضات يتطور المرض عندهن وتظهر لديهن أعراض ذهانية مثل الهلاوس السمعية، وكذلك اختلال نظرتها إلى جسدها، فتشعر بأنها سمينة بينما تكون هي في واقع الأمر نحيفة جداً، وربما تلعب رياضة وتعمل ريجيماً قاسياً لتخفيف من وزنها بينما هي في واقع الأمر نحيفة بشكل مرضٍ..! كذلك قد تعاني من شكوك مرضية، وتظن أحياناً بأن إذا كان هناك شخصان يتكلمان فإنهما يتكلمان عنها بسوء وقد ترد بعنف دون التأكد من هذا الأمر، وتكون ردة فعلها على مثل هذه الأمور مبالغاً به وغير مبرر ويثير الشكوك حول حالتها العقلية من الأشخاص الذين لا يعرفونها تماماً..! وأحياناً تسمع أصواتاً عند تكلمها عند النوم، كما لو أن شخصاً يناديها، ولكن هذا الأمر ليس مرضياً، فكثير من الأشخاص الطبيعيين قد يتعرضون لمثل هذا الأمر وهذا النوع من الهلاوس السمعية الذي يعتبر غير مرضً في علم الأمراض النفسية (Psychopathology).
الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية هذا يشعرون بإرتياح أكثر مع الحيوانات الأليفة مثل القطط أو الكلاب، أو صديق خاص جداً، أكثر مما يشعرون به وهم لوحدهم.. فهم يعانون من مشاكل ذاتية مع أنفسهم.
للاسف فإن كثيراً من الفتيات اللاتي يعانين من هذا الاضطراب تنتهي حياتهن بمآس تراجيدية، خاصة إذا كان يصاحب هذا الاضطراب في الشخصية اكتئاب او اضطراب مزاجي ثنائي القطب، حيث كثيراً ما تنتهي حياتهن بالانتحار..! وإذا كان هناك استخدام للمخدرات فإن هذا ايضاً يزيد من نسبة إيذاء النفس، وللاسف فإن كثيراً من الفتيات ينزلقن إلى الحضيض عند استخدامهن المخدرات وقد يمارسن الرذيلة تحت ضغط الحاجة إلى المال لشراء المخدرات.. وقد ذكرت في مقال سابق عن مغنية شهيرة فازت أغانيها بأفضل الأغاني في سنوات عديدة ولكنها أدمنت المخدرات - وكان والدها وهو مغن أسود مشهور أيضاً - ووصل بها الأمر إلى أن تبيع جسدها في أكثر الأماكن انحطاطاً في نيويورك، عند الميناء مقابل خمسة عشر دولاراً..! حتى اكتشفتها الصحافة وكتبت عنها وتم علاجها وعادت وتألقت نجمة مرة اخرى..!
بعض الفتيات اللاتي يعانين من هذا الاضطراب قد يصبحن معوقات بدنياً، نتيجة محاولة انتحار فاشلة او نتيجة نوبة غضب فتؤذي نفسها وتصبح معوقة بدنياً وقد يقودها هذا إلى محاولات الانتحار حيث لا تستطيع من تعاني من هذا الاضطراب ان تعيش تحت نظرات الشفقة والرحمة من الآخرين، حتى ولو كانوا أقرب الناس لها..!
صعوبة الاستقرار
مشكلة اخرى وهي صعوبة الاستقرار في عمل، فالشخص الذي يعاني من اضطراب الشخصية الحدية، يكون صعب التعامل معه ولا يتقبل الاوامر من الاشخاص الذين هم أعلى منه، وكذلك بطبيعة شخصيته لا يستطيع الاستقرار في عمل حتى وان كان العمل جيداً فلابد له من ان يجد مبرراً ليترك العمل، لذلك تجدهم في نهاية المطاف وقد اصبحوا لا يطيقون العمل ولا أحد يريد ان يوظف مثل هذه الشخصيات المضطربة.. كثيرة المشاكل والتي تهدم أكثر مما تبني..!
مشكلتهم في التعليم كما ذكرت باختصار في جزء من هذا المقال، هي مشكلة حقيقية.. حيث لا يستطيعون مواصلة التعليم وذلك ليس لضعف مستواهم الاكاديمي ولكن لما يشعرون به من ملل ونظرتهم الدونية لأنفسهم وكذلك علاقاتهم الصعبة مع المدرسين والزملاء في الدراسة. لذلك لا نستغرب عندما نرى بعض المراهقين يتركون المدرسة او الجامعة دون سبب واضح جلي قبل اشهر من التخرج، ويبرر ذلك بأنه لم يجد نفسه منسجماً مع التخصص الذي درسه..! وربما تنقل في اكثر من تخصص وربما في اكثر من جامعة واكثر من دولة وكل مرة هناك سبب مختلف لترك الدراسة والمحصلة النهائية.. لا شهادة جامعية ولا وظيفة ثابتة وانزلاق نحو الادمان على المخدرات والكحول وخلق مشاكل مع الاهل والاصدقاء وايضاً مع القانون في قيادة السيارة بتهور وكذلك قيادة السيارة وهو تحت تأثير مواد مخدرة او كحول فيتسبب في حوادث لأناس ابرياء.
تشير الدراسات بأن نسبة الاشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية تكون خمسة اضعاف بين الاقارب من الدرجة الاولى. فمثلاً اذا كان شخصاً لديه أخ او والده لديه هذا الاضطراب فإن احتمال اصابة هذا الشخص قريب المريض خمسة اضعاف الشخص الذي ليس له أي قريب يعاني من هذا المرض. وهذا أمر معلوم، فالوراثة لها دور في معظم الامراض، خاصة الامراض العقلية والنفسية واضطرابات الشخصية..! نشرت حديثاً دراسة عن دور العقاقير الطبية في علاج اضطراب الشخصية الحدية وقال الباحثون والتي نشر بحثهم بتاريخ 13سبتمبر 2006بأنهم وجدوا بعض التحسن بالنسبة للاشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب عند استخدام بعض مضادات الاكتئاب، ولكنهم قالوا بأن هذا ليس دليلاً كافياً ولا يعتبر دليلاً علمياً يعتمد عليه في علاج الاشخاص الذين يعانون من اضطرابات الشخصية الحدية، واكدوا بأنه يجب على المعالج ان يختار العلاج الذي يعتقد بأنه قد يكون مفيداً، حيث ان هناك تجارب اخرى في هذا المجال باستخدام ادوية اخرى غير مضادات الاكتئاب. وحتى مضادات الاكتئاب تختلف في مفعولها بالنسبة لعلاج هذا الاضطراب الصعب والمزعج للمريض (خاصة وانه ينتشر اكثر بين النساء) وللأهل والاقارب، خاصة في مجتمعات تكاد تكون المعلومات عن الامراض النفسية والعقلية قليلة او ربما معدومة..!