جدة، تحقيق- ضيف الله المطوع على الرغم من الدعم المادي الكبير الذي تلقاه "الخطوط الجوية السعودية" من قبل الدولة، والإمكانات الفنية الكبيرة التي تزخر بها، إلاّ أنها تعاني كثيراً من الناحية الإدارية والتنظيمية، حيث يشتكي المسافرون من عدم وجود حجوزات للسفر، مؤكدين على أن أغلب موظفي الحجز لا يردون على اتصالات الهاتف!، كما أن بعض المسافرين يعاني من مرارة الانتظار الطويل والأعطال التي تصيب الطائرات من وقت إلى آخر، مما أدى إلى تعطيل كثير من المسافرين، خاصةً إذا كان هناك مريض يود اللحاق برحلة إلى مدينة أخرى من أجل الاستشفاء وطلب العلاج.
وكانت "الخطوط الجوية العربية السعودية" إلى وقت قريب تعد من أرقى الملاحة الجوية عربياً، بل أثبتت تفوقها في إطار النقل الجوي في العالم بأسره، وحظيت بكثير من الإشادة في مختلف الجهات، حتى ان معظم المسافرين من غير أبناء الوطن كانوا يحبذونها لدقة مواعيدها وخدماتها الممتازة، فماذا أصابها؟، وما هي العلل الكامنة فيها بعد هذا التفوق؟ إن أوضاع "الخطوط السعودية" وبهذه السلبيات التي ألمت بها تحتاج إلى تدخل الجهات المعنية، لا سيما أن إمكاناتها المادية تؤهلها أن تكون من أكبر الناقلات الجوية في العالم بأسره، وذلك بجانب الدعم المادي الكبير من قبل الدولة. ويبقى من المهم إعادة النظر في كثير من الإجراءات التنظيمية والإدارية المتعلقة ب"الخطوط السعودية"، كما تبرز أهمية فتح المجال أمام الشركات الأخرى للإفادة من إمكاناتها، وإيجاد التنافس بينها؛ من أجل تقديم الخدمات المميزة للمسافرين، ولكي تتنوع الخيارات أمام أفراد المجتمع، لاختيار ما يناسب إمكاناتهم المادية وكذلك راحتهم النفسية.
لا يوجد حجز وقال "د.سعود الجعيد": إن عدم وجود الحجز يُعد من أكثر السلبيات التي ألمت بالخطوط السعودية، مضيفاً أن هواتف الحجز لا تستجيب غالباً، مما يؤكد على أن هناك من لا يرغب في التعامل مع الركاب، مبيناً أنهم بهذه الطريقة لا يحبذون لهذا الصرح صاحب التاريخ المجيد أن يظل شاهقاً كما كان، مشدداً على أهمية وجود رقابة شديدة من قبل المسؤولين، ومعاقبة كل من تسول له نفسه التلاعب بمقدرات الدولة ومكتسباتها وإنجازاتها، لافتاً إلى أن هناك خللا كبيرا بدأ يدب في هذا الصرح الكبير الذين تفوق يوماً ما على معظم خطوط الملاحة في العالم، مما حدا بكثير من المواطنين وغيرهم من المقيمين أن يحبذوا السفر عن طريقها تلافياً للمشاكل التي كانت موجودة وبشكل مثير في شركات الطيران الأخرى.
صعوبة وإخفاق وتساءلت "سنا يحيى" عن الأسباب التي أدت إلى مثل هذا الإخفاق الكبير في خطوطنا، لا سيما في حالة التأهب للسفر إلى أية مدينة أو دولة أخرى، مضيفةً أن الاتصال بموظفي الحجز يشوبه كثير من الصعوبات، حيث انهم لا يكلفون أنفسهم التعامل مع سماعات الهاتف، مشيرةً إلى أن هذه المآسي التي يتجرعها المواطن من أجل الحجز ليس في أوقات الإجازات وحسب، بل في الايام العادية، ذاكرةً أن هناك عديدا من المرضى يريدون الانتقال إلى مدن أخرى عن طريق الطائرة من أجل العلاج، لكنهم يرقدون على لحاف الألم لعدم وجود الحجز، مشددةً على أهمية البحث عن العلاج حتى تعود الخطوط إلى سيرتها الأولى في حقل التفوق والتميز. ساعات انتظار وذكر "متعب المالكي" أنه بعد معاناة شديدة تمكّن من الحصول على حجز للسفر من جدة إلى الرياض، لكنه فوجئ بتأخير موعد الإقلاع دون الاعلان عن السبب، مضيفاً أن الركاب مكثوا لمدة ست ساعات في المطار ودون تقديم أي نوع من الاعتذار، مبيناً أنه ندم كثيراً لاتخاذ هذه الوسيلة للسفر، بينما كان بوسعه أن يصل إلى الرياض بسيارته قبل هذا الموعد.
وأوضح "صالح بن فهد" أنه مكث في أحد المرات في مطار الرياض نحو (12) ساعة، حيث كانت الطائرة قد أقلعت من مطار جدة في طريقها إلى ماليزيا، لكنها تعطلت في الرياض، مما جعلنا نجلس كل هذه الساعات الطويلة، مشيراً إلى أنه بعد تلك المعاناة الشديدة أصبح لا يثق في الخطوط السعودية ورحلاتها، متمنياً أن تحل السلبيات بأسرع فرصة. مشكلة كبيرة وقالت "مها المولد": إن كل شركات الطيران العالمية تلجأ إلى إيواء ركابها في الفنادق الكبيرة في حالة حدوث أي نوع من أنواع العطل، إلاّ أن الخطوط السعودية تترك ركابها في باحات المطارات غالباً ليتجرعوا الحزن والانتظار معاً، مضيفةً أننا أمام مشكلة كبيرة لابد من تجنبها، حتى ولو بالاستعانة ببعض الاختصاصيين في هذا المجال الحيوي، أو من الشركات الأخرى.
وأكد "م.راشد سعد" على أن هذه السلبيات التي شابت حقل الطيران هو نوع من الإهمال الشديد تجاه المواطنين، وبالتالي لابد من الرقابة والمحاسبة معاً حتى تستطيع الخطوط التغلب على مشكلاتها، لافتاً إلى أنه اذا ما استمر هذا الإخفاق، فإنه لابد من خصخصة القطاع؛ حتى يصحو من غفوته، ولكي يعود بقوة من جديد. إيجاد تنظيمات وأوضح "محمد المسعود" - مدير وكالة سياحية بالرياض- أن عدم وجود الحجوزات ليس بالمشكلة العسيرة التي يمكن أن نثير من موالها غبار الجدل؛ ذلك لأن مثل هذه المشاكل موجودة في أي خطوط جوية عالمية تزخر بالامكانات الوفيرة، مضيفاً أن إدخال بعض الترتيبات والتنظيمات المحكمة في هذا الصدد يمكن أن يساعدها على تجاوز السلبيات.
وذكر "عبد الله الغامدي" -من منسوبي الخطوط السعودية- أن الأسباب التي أدت الى مثل هذه المشاكل الكامنة في عدم وجود الحجوزات، تعود الى الزيادة المطردة في عدد المسافرين، خاصةً وأنهم في الوقت الحالي ولاختصار الوقت يحبذون السفر بالطائرات بدلاً من الناقلات البرية التي تستغرق الساعات الطويلة، مؤكداً على أن الحل في مثل هذه الحالات يكمن في توفير المزيد من الطائرات. إيقاظ الكوادر وقال "فيصل الشهري": إن الخطوط السعودية لها إمكانات هائلة وكوادر بشرية أخذت حظها من التدريب في أفضل المعاهد العالمية، مضيفاً أن الخطوط ليس أمامها أي مشكلة من حيث الامكانات المادية والبشرية، وبالتالي فإن أي مشاكل أخرى يمكن درؤها بكل سهولة، مناشداً أن تولي المرضى الذين يودون الوصول إلى مستشفيات بعض المدن الأخرى الافضلية في الحجوزات، حيث ان هناك حالات مستعجلة يمكن أن تجد مثل هذه الأفضلية. وذكر "حميد المالكي" -إعلامي وكاتب صحفي- أن الدولة لم تقصر أبداً تجاه هذه المؤسسة، فأغدقت عليها المليارات من الريالات، ومازالت تغدق عليها وتدعمها، حتى تظل متميزة في أدائها، مؤكداً على أن الجهات الادارية فيها يحالفها الفشل في كل مكان، مشدداً على أهمية إيقاظ هذه الكوادر البشرية التي طاب لها الرقاد في فراش الكسل، حيث اننا نملك كثيرا من الامكانات المادية والبشرية التي يمكن من خلالها أن نلحق الثريا في عالم الطيران. شركات أخرى وأكد "عبدالله البقمي" -من منسوبي جامعة الملك عبدالعزيز- على أن الخطوط الجوية السعودية وبهذا الفشل يمكن أن تصحو من غفوتها إذا ما تركت المجال لشركات أخرى منافسة، حيث سيسهم وجودها في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، مما يفتح الخيارات أمام المسافر للبحث عن أفضل ما يناسبه مادياً ومعنوياً. وأوضح "عبدالله الشريف" -رجل أعمال ورئيس شركة ربل العالمية للسفر والسياحة- أن السماح للطيران القطري وطيران الخليج في التعاون مع الخطوط السعودية ربما يساعد كثيراً في تبديد مثل هذه المشاكل التي يعاني منها المسافرون، مضيفاً أنه ليس هناك تقصير كما يعتقد البعض، مرجعاً تلك الاسباب بالمساحة الشاسعة التي تحتلها أرض المملكة والمطارات الدولية والاقليمية الموجودة فيها، الأمر الذي يساعد على بروز مثل هذه المشاكل، التي يمكن ان يكون لها حل سريع عن طريق تشكيل بعض اللجان ذات الاهتمام بهذا الشأن.