من أولويات المصالح التي تسعى الشريعة الإسلامية إلى تحقيقها في المجتمع، الدعوة إلى اجتماع الكلمة، ووحدة الصف، والالتفاف حول الأئمة، وولاة الأمور، والبيعة لهم، وطاعتهم بالمعروف.. إذ في التعاون والوحدة قوة وفتحا، وفي الاجتماع سعادة وعز، وفي الطاعة استقرار وأمن.
وكل أمة تحتاج إلى قائد تلتف حوله، وتجاهد تحت رايته، ويحمي حوزتها، ويدافع عن حقوقها ومكتسباتها، ويقيم فيها شعائر دينها، ويحفظ ضرورياتها، ويقمع عنها أهل الشر والفساد والطغيان.. حتى لا تتفرق كلمتها، وتذهب ريحها، وينقلب عزها ذلاً، ويطمع فيها الأعداء، وتكثر فيها الفتن والأهواء.
وفقد شرع الله الإمامة، وأوجب السمع والطاعة في غير معصية، إذ من المعلوم من الدين بالضرورة أنه لا دين إلاّ بجماعة، ولا جماعة إلاّ بإمامة، ولا إمامة إلاّ بالسمع والطاعة، وان الخروج عن الطاعة من أعظم أسباب الفساد في البلاد والعباد، والضلال عن طريق الهدى والرشاد.
ولأهمية الطاعة هنا وخطرها، وعموم نفعها وأثرها على الأمن.. آثرت افرادها ببحث مستقل.
1- حاجة الأمة إلى طاعة ولي الأمر لما في ذلك من تحقيق لمصالحها الدينية والدنيوية، وحفظ لضرورياتها، وانتظام لأمورها وشؤونها، ودفاع عن حقوقها، وقمع لأهل البغي والفساد عنها، وسد لذرائع الفتن والأهواء عنها، وتسلط الأعداء عليها.
2- إن في الطاعة تماسكا وتلاحما، بين الراعي والرعية، واظهارا للدولة بمظهر القوة والعزة والغلبة والرهبة أمام الأعداء.
3- إن في الطاعة كبحا لجماح النفس وهواها، وردها عن غيها، وشهواتها وشبهاتها الباطلة والمنحرفة، التي قد تدفع إلى الخروج والعصيان، والتمرد على الأئمة والولاة والحكام.
4- إن في الطاعة تربية للنفس، وترويضا لها على الانقياد والامتثال، لكافة أوامر الشارع، والانتهاء عن نواهيه.
5- تهاون كثير من أفراد الرعية في هذا الجانب، ومخالفة لما يأمر به ولي الأمر، أو ينهي عنه، وعدم إدراك لخطورة ذلك وأثره، وحرمته شرعاً، والوعيد الشديد على من ارتكبه.
6- ما حصل ويحصل في هذا الوقت من خروج فئام من الشباب وغيرهم من الجماعات والدعاة - في هذا البلد - وغيره عن مقتضى الطاعة، ولزوم الجماعة، ونقض للبيعة، وشق للعصا أو دعوة إلى ذلك، من غير تأويل سائغ، أو مستند شرعي أو عقلي مقبول.. وإنما بسبب الهوى والشهوة، أو الشبهة وقلة الفقه، وضعف العلم والجنوح إلى الغلو والتطرف في السلوك والفكر والمنهج، أو أخذ للعلم من الأصاغر - علماً أو قدراً أو سناً - ، أو عن طريق ما يرشحونه من كتب فكرية، وثقافية غير مأمونة.. وما أدى بهم ذلك إلى الخلط والخبط والاضطراب في العقائد والأحكام، والمواقف والتعامل مع الآخرين.. الأمر الذي أوصلهم إلى تبني الإرهاب، واللجوء إليه لتنفيذ مآربهم الخبيثة، وإنتماءاتهم الضالة، وآرائهم الشاذة، وما نتج عنه من قتل وترويع، وتفجير وتدمير وإتلاف وإزهاق للأرواح البريئة، وسفك للدماء المعصومة، واهدار للأموال المحترمة.. وادعائهم زوراً وبهتاناً ان ذلك من الجهاد والدعوة، وتغيير المنكر؟!
فلابد من التصدي لهم وبيان الحق في هذا.. على ضوء الكتاب والسنة، وسيرة السلف الصالح، والتابعين لهم باحسان.