[IMG]http://alhayat.com/*******/uploads/Article/130301084507968.jpg[/IMG]
[IMG]http://alhayat.com/*******/uploads/Article/130301084459868.jpg[/IMG]
ناصر
يعيش في كوخ
خشبي.. ويفتّش صناديق النفايات
جدة - عبد الرحمن باوزير
السبت ٢ مارس ٢٠١٣
من قطعة سجاد غير صالحة للاستخدام لا يتجاوز طوله المترين ونصف المتر يكسو المواطن
ناصر حمود كوخه الخشبي، الذي بناه من أكوام القمامة وبقية مواد البناء المستغنى عنها، والمدعم بعدد يسير من الطوب الأسمنتي المتهالك، ولوحين خشبيين يستخدمهما كعازل بدائي من أشعة الشمس، وفي مكان لا يوجد فيه أدنى المتطلبات المعيشية كالكهرباء أو الماء، معتمداً على حاوية
النفايات للحصول على قوت يومه من الطعام.
يعيش ناصر محمد (37 عاماً) الذي يصر على وصف أعوام عمره بالخريف المتساقط، في حي الزهراء أحد أرقى أحياء جدة، الذي يلاحظ بذخ وثراء سكانه في شوارعه وقصوره المشيدة وسياراته الفارهة، بيد أن
ناصر يملأ حيزاً من فراغ أحد الأراضي البيضاء الموجودة في ذلك الحي.
يروي
ناصر الذي لا يملك سوى شهادته المتوسطة ورخصة قيادة لـ«الحياة» قصته مع الكوخ المتنقل التي بدأت منذ أربعة أشهر، التي بدأت حين طرد من عمله ولم يتمكن من توفير قيمة استئجار غرفة في أحد المباني السكنية في شمال جدة، التي تبلغ الـ 500 ريال شهرياً، مضيفاً: «كنت أعمل سائقاً في إحدى الشركات، إلا أن القدر ساقني إلى التعرض لحادثة غير مقصودة، أحدثت ضرراً بالمركبة، وعلى إثره تم طردي لأجد نفسي في الخلاء بلا مأوى».
وبين أنه كان يحصل على راتب شهري قدره ثلاثة آلاف ريال، إذ كان يعول أسرته المكونة من والدته المسنة وأربع أخوات في إحدى قرى منطقة جازان، وتكفيه مصاريف الإيجار والمستلزمات الغذائية لهم، مشيراً إلى أن ظروفه المادية المتردية حالت بينه وبين الزواج.
وبلغة حانقة وعبرات متحسرة يؤكد
ناصر أن جيرانه الأثرياء لم يقدموا له أدنى مساعدة غذائية أو حتى سؤالاً يسليه عن حاله الصعب، على رغم سكنه بالقرب من جمعية البر الخيرية، إذ يأتي كثير من المحسنين والمتبرعين للجمعية ولا ينظر أحد له، مشيراً إلى أنه بحث لدى الجمعية عن وظيفة، إلا أنهم رفضوا توظيفه بحجة أن لديهم سائقاً واكتفاءً في الموظفين. وقال إنه لا يمد يديه لمساعدات مالية، بل يريد من يقرضه مالاً ليشتري سيارة أجرة ويعمل بها، أو أن يتم توظيفه ليستر نفسه وأسرته من شر السؤال. ويبدأ المواطن العاطل عن العمل يومه بعد ساعات الفجر الأولى، حيث تبدأ رحلة البحث عن العمل التي تكرر بشكل يومي، مشياً على الأقدام تستمر عادة ثماني ساعات، ويرجع إلى مقر سكنه عند الثالثة مساء، ليستريح حتى غروب الشمس وتبدأ رحلة البحث عن الطعام إذا أظلمت السماء، من
صناديق النفايات الخلفية لمطبخ أحد مستشفيات جدة الكبيرة.
ويستعين
ناصر بدورات مياه جامع كبير مجاور له، إلا أنه يضطر أحياناً إلى قطع مسافة طويلة إذا احتاج إلى دورات المياه ليلاً، إذ إن المسجد يغلق أبوابه بعد صلاة العشاء بدقائق، منوهاً بأنه عادة يدهمه النوم في وقت باكر أي بعد صلاة العشاء من جراء الجهد اليومي الكبير الذي يبذله بحثاً عن العمل. وابتكر
ناصر طريقة جديدة في التعبير عن رغبته في العمل ولإخراج الكبت الذي نتج من الحاجة والبطالة، إذ يمتهن الكتابة على الجدران ليحكي معاناته بعبارة واحدة باتت توقيعاًً ثابتاً له «سواق سعودي محتاج إلى عمل» ويتذيل هذه الجملة رقم هاتفه، ولم يكتشف سكان حي الزهراء أن وراء تلك الكتابات هو من يسكن بينهم صاحب الكوخ الخشبي.
وأضاف: «الكتابة على الجدران هي الوسيلة المتاحة لدي في الوقت الراهن مع زياراتي اليومية للشركات والمؤسسات للبحث عن عمل، حاملاًً معي الملف الأخضر والبخاخ الأسود، وفي حين تم رفضي من الشركة أعمد إلى الكتابة على جدرانها بالبخاخ الأسود جملتي الشهيرة التي ملأت كثيراً من جدران العروس (سواق سعودي محتاج إلى عمل)».