يعمل بالمملكة العربية السعودية 251بنكا للدم. 152 منها تابع لوزارة الصحة جميعها لا يحمل شهادات اعتماد من أي جهة عالمية ، وعدد 74 بنكا للدم مملوكين للقطاع الخاص 4 منها فقط معتمدة ، و عدد 25 بنكا تابعة لجهات حكومية أخرى 10 فقط لديها اعتماد دولي. السؤال من يضمن مأمونية وسلامة وحدات الدم المصروفة للمريض أو بمعنى أخر من يضمن خلو وحدات الدم من الأمراض المعدية و من يضمن سلامة طرق سحب وحفظ و نقل تلك الوحدات؟ إن هذا السؤال في منتهى الأهمية نظرا لخطورة الأمراض المنتقلة عبر نقل الدم مثل الايدز أو التهاب الكبد الوبائي ب &ج أو كذلك الفيروس المسبب لسرطان العقد اللمفاوية (T)، وقد ينتقل أيضا طفيل الملاريا أو الميكروب المسبب للزهري، أو حتى حدوث ردة فعل للجسم بعد أو أثناء نقل الدم.
لضمان سلامة سحب و حفظ و نقل وحدات الدم فإن هناك جهات رقابية عالمية مختصة و محايدة تقوم بمنح شهادات إعتمادات لبنوك الدم مثل الجمعية الأمريكية لبنوك الدم (AABB) بعد تأكدها من تطبيق معايير جودة عالية. هذا كما يقوم النظام البريطاني الذي يعد من أفضل وأقدم نظم رصد الآثار الجانبية لعملية نقل الدم (الهيموفيجيلانس) سنويا بنشر تقاريره التي تذكر الأخطاء وأسباب حدوثها كما تذكر الخطوات التي اتخذها لتعزيز جودة بنوك الدم لديه. وعلاوة على ما سبق، تقوم في الدول المتقدمة هيئات مستقلة (غير مقدمة للخدمة) باستصدار رخصا لبنوك الدم مثل FDA الأميركية و الـ TGA الاسترالية و HEALTH CANADA الكندية وذلك بعد تطبيق معايير الجودة الأساسية لعمل بنوك الدم لضمان الحد الأدنى من درجات جودة وحدات الدم.
أما في المملكة العربية السعودية فلا وجود فاعل لمثل تلك الجهات الرقابية المحايدة حيث تلعب وزارة الصحة كافة الأدوار المتضادة. فهي من (1) يسن القوانين لبنوك الدم ويضع معايير العمل داخل المختبرات، كما أنها (2) أكبر مالك لبنوك الدم، ومن (3) يراقب على جودة مخرجات بنوك الدم، ومن له (4) حق إقرار العقوبات على بنوك الدم، وأخيرا هي من (5) يرخص للممارسين لمزاولة المهن الطبية. ليس ذلك فحسب بل إن كافة تشريعات وزارة الصحة المتعلقة بالدم و بنوكها لا تضمن تطبيق معايير الجودة الأساسية المتعارف عليها عالميا على بنوك الدم العاملة في المملكة العربية السعودية . زد على ذلك أن وزارة الصحة لا توثيق أو تنشر تقارير عن الآثار الجانبية لعمليات نقل الدم والتي من شأنها تطوير الجودة في بنوك الدم كما هو معمول به عالميا.
إذاً في ظل غياب ترخيص بنوك الدم في المملكة للتأكد من تطبيق الحد الأدنى من الجودة و عدم وجود شهادات اعتماد تضمن وحدات الدم المصروفة للمرضى و المصابين في 94% من بنوك الدم في المملكة، وتلافيا لتداخل الصلاحيات أو سوء استغلال السلطات فقد يكون من الملائم أن تخضع بنوك الدم لرقابة الهيئة العامة للغذاء و الدواء (www.sfda.gov.sa) التي أنشأت بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (1) في 7/1/1424هـ كهيئة مستقلة تعنى بضمان مأمونية وسلامة الدواء على اعتبار أن وحدة الدم و مشتقاتها هي وحدات علاجية تندرج تحت تعريف الأدوية الحيوية الوارد بالنظام و اللائحة التنفيذية للهيئة. إن الهيئة مؤهلة للقيام بهذا الدور خاصة و أنها تشرف على الجمعية السعودية لطب نقل الدم (www.sastm.org) المنضوية تحت مظلة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية والتي أسست في عام 2010م لرفع كفاءة الكوادر الصحية العاملة في بنوك الدم والتي تديرها الكفاءات الصحية السعودية العاملة في مجال نقل الدم وذلك بهدف الاستفادة من خبراتهم في تطبيق أعلى معايير جودة بنوك الدم. قد يكون من الملائم أيضا أن تكلف الهيئة بأدوار أخرى مثل صياغة القوانين ومتابعة التحقق من تطبيق معايير الجودة الأساسية التي تضعها واستصدار الرخص، وهي الأدوار الذي تؤديها أيضا العديد من الجهات المماثلة بالعالم مثل FDA الأميركية و الـ TGA الاسترالية و HEALTH CANADA بكندا. بالإضافة إلى مهام رصد الآثار الجانبية لعملية التبرع بالدم لتطوير نظمها وتشريعاتها حول جودة بنوك الدم.
و لتحقيق مزيد من السلامة عند سحب و نقل و حفظ الدم فإنني أعتقد أن بنوك الدم في المملكة يجب أيضا أن تخضع لرقابة المجلس المركزي لاعتماد المنشات الصحية (www.cbahi.org) الذي أسس بقرار وزاري رقم 11/144185 في 1/9/1426هـ، ليعنى بإقرار ومتابعة تطبيق معايير الجودة من قبل كافة القطاعات الصحية و تولي مهام استصدار شهادات اعتماد خاصة لبنوك الدم بعد التأكد من تطبيق معايير الجودة الخاصة بالمجلس، كجهة حكومية محايدة تضم ممثلين عن كافة بنوك الدم بالمملكة الحكومي منها والخاص.