بسم الله الرحمن الرحيم
من كتاب
استمتع بحياتك للدكتور محمد العريفي
لماذا نبحث عن المهارات ؟
زرت إحدى المناطق الفقيرة لإلقاء محاضرة..
جاءني بعدها احد المدرسين القادمين من خارج المنطقة..
قال لي: نود أن تساعدنا في كفالة بعض الطلاب ..
قلت: عجبا!! أليست مدارس حكومية .. مجانية؟!
قال: بلى.. لكننا نكفلهم للدراسة الجامعية..
قلت: كذلك الجامعة.. أليست حكومية.. بل تصرف للطلاب مكافآت..
قال: سأشرح لك القصة..
قلت: هات..
قال: يتخرج من الثانوية عندنا طلاب نسبتهم المئوية لا تقل عن 99% .. ويملك من الذكاء والفهم قدرا لو وزع على امة لكفاهم..
فاذا تخرج و عزم أن يسافر خارج قريته ليدرس في الطب او الهندسة.. او الشريعة .. أو الكمبيوتر.. او غيرها.. منعه ابوه و قال: يكفي ما تعلمت.. فاجلس عندي لرعي الغنم..
صرخت من غير شعور و قلت : رعي الغنم !!
قال: نعم.. رعي غنم..
و فعلا يجلس المسكين عند أبيه يرعى الغنم.. و تموت هذه القدرات و المهارات.. و تمضي عليه السنين و هو راعي غنم.. بل قد يتزوج.. و يرزق بأولاد.. و يمارس معهم أسلوب أبيه.. فيرعون الغنم!!
قلت: والحل؟!
قال: الحل أننا نقنع الأب باستخدام عامل موظف راعي غنم.. يستأجر ببضع مئات من الريالات.. ندفعها نحن له.. وولده النابغة يستثمر مواهبه و قدراته.. و نتكفل بمصاريف الولد أيضا حتى يتخرج..
ثم خفض المدرس رأسه ... و قال : حرام أن تموت المواهب و القدرات في أصحابها....و هم يتحسرون عليها...
تفكرت في كلامه بعدها ..فرأيت أننا لا يمكن أن نصل إلى القمة إل بممارسة مهارات... أو اكتساب مهارات..
نعم.. أتحدى أن تجد أحداً من الناجحين ...سواء في علم.. أو دعوة.. أو خطابة..أو تجارة ..أو طب...أو كسب محبة الناس..
أو الناجحين أسرياً ..كأب ناجح مع أولاده... أو زوجة ناجحة مع زوجها ..أو اجتماعياً ..كالناجح مع جيرانه و زملائه..
أعني الناجحين ولا أعني الصاعدين على أكتاف الآخرين..!!
أتحدى أن تجد أحداً من هؤلاء بلغ مرتبة في النجاح..إلا وهو يمارس مهارات معينة – شعر أم لم يشعر- استطاع بها أن يصل إلى النجاح..
قد يمارس بعض الناس مهارات ناجحة بطبيعته ..وقد يتعلم آخرون مهاراتٍ فيمارسونها.. فينجحون..
نحن هنا نبحث عن هؤلاء الناجحين.. و ندرس حياتهم.. ونراقب طريقتهم لنعرف كيف نجحوا؟و هل يمكن أن نسلك الطريق نفسه فننجح مثلهم..؟
استمعت قبل فترة إلى مقابلة مع أحد أثرياء العالم الشيخ سليمان الراجحي فوجدته جبلاً في خلقه و فكره..
رجل يملك المليارات ..آلاف العقارات ..بنى مئات المساجد ..كفل آلاف الأيتام ..رجل في قمة النجاح..
تكلم عن بداياتهقبل خمسين سنة...
كان من عامة الناس ..لأا يكاد يملك إلا قوت يومه و ربما لا يجده أحياناً!
ذكر أنه ربما نظف بيوت بعض الناس ليكسب رزقه ..و ربما واصل ليله بنهاره عاملاً في دكان أو مصرف ..
تكلم كيف كان في سفح الجبل ...ثم لازال يصعد حتى وصل القمة..
جعلت أتأمل مهاراته وقدراته.. فوجدت أن الكثير منا يمكن أن يكون مثله بتوفيق الله..
لو تعلم مهارات و تدرب عليها ..و ثابر وثبت.... نعم...
أمر آخر يدعونا إلى البحث عن المهارات .. هو أن بعضنا يكون عنده قدرات على الإبداع لكنه غافل عنها..
أو لم يساعده أحد على إذكائها.. كقدرة على الإلقاء ..أو فكر تجاري.. أو ذكاء معرفي..
قد يكتشف هذه القدرات بنفسه ..أو يذكي هذه المهارات مدرس... أو مسؤول وظيفي... أو أخ ناصح..
وما أقلهم!!!!!!!
و قد تبقى هذه المهارات حبيسة النفس حتى يغلبها الطبع السائر بين الناس...وتموت في مهدها..
و نفقد عندها قائداً أو خطيباً أو عالماً..
أو ربما زوجاً ناجحاً أو أباً ناصحاً..
نحن هنا سنذكر مهارات متميزة نذكرك بها إن كانت عندك..
و ندربك عليها إن كنت فاقداً لها..
فهلمّ..
فكرة...
إذا صعدت الجبل فانظر إلى القمة.. ولا تلتفت للصخور المتناثرة حولك..
اصعد بخطوات واثقة... ولا تقفز فتزل قدمك..